أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 20th July,2001 العدد:10522الطبعةالاولـي الجمعة 29 ,ربيع الثاني 1422

شرفات

حديث الأرقام
الشعوب تبحث عن أسرار الأرقام وتحتمي بها
الفيلسوف الرياضي الشهير فيثاغورس كان مولعاً بالأعداد لدرجة أنه أسس خلية سرية كرسها لاستكشاف اسرار العدد.
وكانت هذه الخلية تعتقد في ان الروح هي عدد متحرك ذاتيا ينتقل من جسم الى جسم آخر.
كان العضو الجديد حين ينضم إلى هذه الخلية يلتزم بالعدد «10» وبأنه لن يفشي اسرار الجماعة، ولو حدث هذا فقد حكم على نفسه بالموت غرقاً او حسبما ترى الخلية.
منذ هذا التاريخ المبكر وهناك شعوب كثير وملل ومجتمعات تقدس العدد وتنسج حوله الحكايات والاساطير والمعتقدات والاسرار التي لا تنتهي.. من هنا حاولنا ان نتتبع ما يقال حول الاعداد من «1» إلى «10» في الثقافات المختلفة وأهم الظواهر التي ارتبطت بهذه المتتالية العددية الاساسية في تاريخ البشر:
الرقم 1
يعبر عن الوحدة، ومن ثم يعتبر المبدأ أو الجذر لكل الاعداد والعناصر.
وكما هناك تعارضات كثيرة: يمين، يسار.. منحنى ومستقيم.. ظلام ونور.. يقسم الفيثاغوريين الاعداد الى فردية وزوجية، ويرون ان الاعداد الفردية وعلى رأسها ال «1» أعداد تنتمي إلى النظام الابدى لأنها لا تتغير ولا تقبل القسمة أما الاعداد الزوجية فهي قابلة للقسمة وبالتالي قابلة للفساد وتنتمي للزمان.
وهناك آخرون يرون ان الرقم «1» ليس عدداً زوجيا ولا فرديا وانما هو زوجي وفردي في نفس الوقت، لأنه حين يضاف الى اي عدد فردي يجعله عددا زوجيا «3+1=4» وإذا طرح من اي عدد زوجي يجعله فرديا: «41=3».
عند الهندوسيين يطرح مفهوم الاحادية من خلال نظرتهم الى الانسان المبتلى في ذاته بثنائية يصارع ضدها بمجموعة من الطقوس والعبادات الموجهة الى شيفا او الى فيشنو بغرض تجاوز هذه الثنائية والوصول الى الواحدية.
في الصين يعتبر الرقم «1» هو الرقم الشعاري لعنصر الماء. وفي القرن الخامس الميلادي قال بروكلوس: «ان كل كثرة تساهم بنوع ما في الواحد». على حين قال جوته بعده بعدة قرون: «لايوجد حي ابدا يكون واحداً»، وهكذا تراوحت الاراء حول ما يرمز إليه الرقم واحد باعتباره رمزاً للوحدة او الكل او الكمال او الحقيقة او انه فوق جميع الارقام.
الرقم 2
اول الاعداد الزوجية ويرمز في كثير من الثقافات الى معنى التناسق او التناوب، كما يرمز الى مفهوم الثنائية: النفس والمادة، الخير والشر. ولأن هذه الثنائيات كثيراً ما تفضي إلى التعارض والعداء اصبح الرقم 2 رمزاً للنزاع.
وقد جرت العادة على اعتبار الاعداد الفردية ذكورية في حين اسندت الاعداد الزوجية للمرأة او الام، ومن ثم يصبح الرقم 2 اول الاعداد الانثوية حسبما يعتقد البعض.
الرقم 3
كثير من الاغريق والصينيين يعتقدون ان العدد «1» والعدد «2» لا ينتميان الى الاعداد، لأن مفهوم العدد قائم على مجموع وحدات متشابهة ولهذا يعتبرون الرقم «3» لتوفر هذا المعنى فيه، يعتبرونه اول الاعداد.
وتجلت قيمة هذا الرقم كثيرا عند اغلب الشعوب القديمة حيث انتشرت المعتقدات القائمة على مفهوم التثليث، مثلما نجد في الديانة المصرية القديمة: «إيزيس، أوزيريس، حورس». وفي البوذية يدل الرقم 3 على مفهوم الكلية: «جسد، كلام، فكر» كما يدل على الازمنة «ماض، حاضر، مستقبل».. وفي الهندونية هناك مفهوم تثليثي ل «براهما، «فيشنو»، «شيفا».
وفي فيتنام هناك اجلال للامهات المقدسات الثلاث. بينما توجد نقوش ورسوم متعددة عند الغاليين وكلها ثلاثية الرؤوس وترمز للقوة او الكمال.
وأخيراً تطرح الماسونية مفهوم التثليث من خلال شكل الهرم او المثلث الذي يرمز الى ثلاث تثليثات: «حرية، مساواة، اخاء»، «قوة، جمال، حكمة»، «اللا نهائية، الابدية، كلية القدرة».
الرقم 4
هو رمز الثبات بلا خلاف. فالطاولة ذات اربعة ارجل والكثير من الدواب ايضا. والعالم مؤلف من اربعة عناصر: الماء، التراب، الهواء، النار.. وهناك اربع جهات: شمال وجنوب وشرق وغرب، او يمين شمال، فوق تحت.
وعلى اعتبار ان الارقام الزوجية انثوية، فان الرقم 4 من اهمها حيث يرمز الى المرأة التي تشترك مع الارض في معنى الخصوبة ومن ثم يصبح شكل المربع رمزاً للارض.
وبجانب فكرة الثبات ونظراً لأهمية الجهات الاربع اعتبر الرقم «4» رمزاً للشمولية والاحاطة. في المسيحية هناك الأناجيل الأربعة وتحدث القديس أوغسطين عن الفضائل الأربع: القناعة، القوة، الفطنة، العدالة.
وفي الاسلام نجد ان الكعبة المشرفة وهي رمز اسلامي عزيز مربعة الشكل رمزاً للثبات والشمولية، وكثير من المساجد ومن البيوت العربية أيضاً تصمم مربعة أيضاً.
الرقم 5
يعتبر الصينيون أن الرقم 5 هو العدد الذهبي، لأنه يرمز الى النشاطات البشرية الخمسة: «إشارات، كلام، رؤية، سمع، إرادة».
ويشير إلى الطعوم الخمسة: «مملح، مر، أسيد، حريف، حلو» ولهذا فان قياس الزمن يتم عبر خمس دورات.
وفي الهند هناك خمسة عناصر تدرك بالحواس الخمس: «الاثير بالنسبة للسمع، الهواء بالنسبة للملمس، النار بالنسبة للنظر، الماء بالنسبة للتذوق، الارض بالنسبة للشم.
ونظراً لوعي الثقافات المختلفة يكون الرقم 5 هو العدد الذهبي جاءت الهندسة المعمارية وحساباتها مرتكزة على هذا العدد منذ ايام الاغريق، وفي الولايات المتحدة الامريكية يشير مخمس الزوايا «البنتاجون» الى القوة العسكرية للولايات المتحدة الامريكية.
وشعوب كثيرة تمجد النجمة ذات الخمسة رؤوس باعتبارها علامة على القوة او الصحة الجيدة او انها تقي ضد العين الشريرة والشياطين، وربما لهذا نجد النجمة الخماسية ترفرف في اعلام بلدان كثيرة: مصر وتونس وليبيا وسوريا وتركيا وباكستان وموريتانيا والسنغال وروسيا والصين.
والخمسة وخميسة او كف اليد بالاصابع الخمسة كلها اودات لدرء الحسد والعين. كما يرمز هذا الرقم الى الحسم البشري: الرأس + الاطراف الاربعة المتباعدة «يدان ورجلان».
وأخيراً نجد أن الاسلام الحنيف يرتكز على خمسة دعائم: الشهادة والصلاة والحج والصيام والزكاة، كما ان الصلاة ترتكز على خمسة فروض: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء.
الرقم 6
من المعروف ان هناك ستة ايام للخليقة، ومن هنا أسندت للعدد 6 رمزية القوة. ووفق نظرية الفيثاغوريين للارقام الكاملة وهي الارقام التي يتساوى حاصل جمع عواملها مع حاصل الضرب:
(«1+2+3=6=1x2x3») يعتبر العدد 6 بهذا المعنى عدداً كاملاً مثله في ذلك مثل العدد 28 والعدد 496 .
الرقم 7
هو العدد الاكثر قوة ومهابة عند الفيثاغوريين بعد الرقم «15». فهو يرمز الى ايام الاسبوع والسموات السبع والاراضين السبع وشهور اكتمال الجنين. ويقسم الاغريق مراحل العمر الى سبع مراحل كل منها يستمر سبع سنوات: «الطفل، الصبي، المراهق، الشاب، الانسان الناضج، الكهل، الشيخوخة» أي أن متوسط عمر الانسان بهذا المعنى = 7x7=49!!
في القصائد السومرية القديمة يقال إن الكون مضاء بسبعة أنوار سماوية وان الطوفان استمر 7 ايام وسبع ليال، وان البطل جلجاميش كان عليه ان يجتاز 7 جبال و7 شجرات وهكذا.. كما يعتقدون انه اذا ولد لهم طفل مشوه تقدم سبعة ارغفة لصرف هذا الفأل السيئ.
ويغني الاطفال في شوارعنا اغنية عن الثعلب الذي فات وفي ذيله سبع لفات!!
الرقم 8
يقسم الفيثاغوريون الاعداد غير الكاملة الى نوعين: اعداد قوية اي يزيد مجموع عواملها عن العدد نفسه مثل العدد 12=1+2+3+4+6=16 أي أن مجموع عوامله اكبر منه وبذلك يعتبر رقماً قوياً.
أما الرقم 8 فهو بهذا المعنى يعتبر رقما ضعيفا لأن مجموع عوامله 2+4+1=7 .
ويعرف الهنود ثمانية اسباب لاضطراب الارض كما شرحها بوذا، على حين يعتبر الرقم 8 في المسيحية رمزا لفكرة الخلاص.
الرقم 9
هذا الرقم هو حاصل ضرب 3x3 وباعتبار ان الرقم 3 يعتبر رمزا للكمال فان الرقم 9 اصبح ينظر اليه على انه رقم صوفي ينطوي على اسرار كثيرة.
ومن المعروف ان ربات الشعر عند الاغريق عددها تسع وهي تقيم فوق جبال البارناس. وفي الفردوس المفقود لميلتون يشير الى ابواب الجحيم التسعة. وفي الطاوية الصينية تسمى المنطقة التي تمضي إليها ارواح الاجداد بعد الموت «الينابيع التسعة».
الرقم 10
هو آخر رقم في المتتالية الاولى للاعداد، كما انه يرمز الى نصاب الصلاة عند العبرانيين، وهناك الوصايا العشر لموسى. ومجموع الاعداد الاربعة الاولى: «1+2+3+4» يساوي الرقم 10.
ولهذا منحه الفيثاغوريون التقدير والاهمية واعتبروه يمين القسم والولاء في خليتهم السرية. وكثير من الاسماء والمواقف والبنود والملاحظات والاتفاقات نضعها في مجموعات عشرية دائماً.
ورغم كل هذا يبقى للرقم 10 سعره في الملاعب على الارقام الاخرى فهو الرقم المفضل لكثير من النجوم.
وتظل الارقام ثرية وغامضة، تجريدية وفي نفس الوقت تحمل دلالات لا تنتهي. فكل الموجودات يمكن ان تتحول الى مجموعة من الارقام، ولأن الارقام تدخل في كل شيء رقم انها رموز مبهمة ونراها حولنا باستمرار أدرك البشر منذ قديم الازل ان لها جلالاً وقوى سحرية وراحوا يصنعون العناصر والاشياء تصنيفات رمزية رقمية، وينسبون الى كل رقم مزية ليست لغيره من الارقام. ربما يكون هذا صحيحاً وربما لا.. علم ذلك عند المولى سبحانه وتعالى.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved