أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 29th July,2001 العدد:10531الطبعةالاولـي الأحد 8 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

الولد سرّأبيه
د. محمد بن سعد الشويعر
* لئن كان المجتمع السعودي قد فجع في فقد الأمير الشاب: فهد بن سلمان، وشيّعت الجماهير عصر الخميس مستسلمة لأمر الله وقضائه المحتوم، فإن هناك فئة من المجتمع، كان لفقد سمو الأمير فهد عندها وقع يختلف عما هو عن سائر المجتمع.
إنها فئة المحتاجين والمساكين التي كان الأمير فهد، يهتم بها ويرعا أحوالها، بهدوء وسكينة، مترسماً في ذلك خطى والده سمو الأمير سلمان، الذي ما فتىء في أعماله الخيرية بأنواعها: مشجعاً ومعيناً وباذلاً وحاثاً..
كما أن هناك فئة أخرى انفتح أمامها في الآونة الأخيرة، باب واسع طالما تطلعتْ اليه، بدأ فكرته، وتابع تنفيذه سمو الأمير سلمان، ولما استوى قائماً، متمما بكل متطلبات، سلّم قيادته وإدارة دفته منذ تم الافتتاح، إلى نجله الأمير فهد بن سلمان رحمه الله لأن الأب أدرك في الابن رغبة عارمة في مساعدة فئة من المواطنين تضاعف ألمهم وتزايد عددهم، بما ابتلوا به.. ليجد فيه خير معين. في أمر نمت جذوره عند الابن فهد مبكرة، حيث ادرك أهمية الاهتمام بأمور المسلمين كما في الحديث الشريف.
إن هذه الفئة هم المصابون بالفشل الكلوي حيث كان هاجس الأمير فهد بن سلمان، عمل الخير والبحث عن طرقه، والرغبة في عمل شيء يخفف على المصابين آلامهم، ويعينهم على التحمل والصبر.. بالفكر والجاه والمال.
ذلك أن من كان عنصر الخير فيه، يسعى جاهداً وبكل ما أوتي من جاه ومال، وقدرة في هذا السبيل بأن يتلمَّس المسارب المؤدية، لمن يشملهم هذا الإحسان، فيوفقه الله بالنية الصادقة الى الأمور المعنية والفكر الصائبة.. ذلك أن من اعانه الله لطالب الخير، أن يوفق بالأوفياء ذوي الرأي الصائب في هذا السبيل لأن الانسان ضعيف بنفسه قوي بالله ثم بإخوانه الذين يعضدونه في الخير.
فالأمير فهد الذي انتقل الى رحمة الله، ستبقى أعماله الخيرة وعطاؤه الذي لم يحب ابرازه للناس لأنه يعمل لله الذي يريد منه الجزاء وحده، فكان من مدرسة تتلمذ فيها جيل من أبناء الأسرة، تكبر اعمالهم بعدما يفقدهم المجتمع ويدرك الناس أعمالاً صامتة كانوا يؤدونها، ففهد بن سلمان وقبله فيصل بن فهد رحمهما الله نموذج لتربية تلك المدرسة التي يغرس القائمون عليها: الفضيلة والعطف في قلوب الصغار، حتى تكبرمعهم أعمالاً ذات نفع شامل، والعرف لا يذهب بين الله والناس.
فالله يجازي ويضاعف الأجر، والناس يدعون.. وما أكثر فائدتها تلك الدعوات بيدين ضعيفتين مرفوعتين لله ومن قلب صادق، بأن يجزي الله من بذل لنا وساعدنا.. لأن أقرب الدعاء الى الله وأحراه بالاجابة دعوة المضطر، ولأخ في الدين بظهر الغيب..
وهذا أمكن عزاء يخفف الفجيعة بفقد الأمير فهد بن سلمان، وخير جزاء يقدم له، لأنه في حاجة اليوم إليه.. فغفر الله له، وجعل قبره روضة من رياض الجنة...
ولئن ترسم فهد بن سلمان خطى والده في فعل الخير، بعد أن تشبع بها توجيهاً وتعريفاً، فإن الأب قد حرص على نماء الفرع، على أساس متين وأن ينشأ في تربة خصبة تعين على العطاء ، كما قيل:


وينشأ ناشىء الفتيان منا
على ما كان عوّده أبوه

ولا تجد مشروعاً خيرياً، وعملاً إنسانياً في الرياض، وما حولها خاصة، وفي غيرها عامة، إلا ولسلمان وبنيه بصمات بارزة، وأفعال مشجعة،زادهم الله من الخير وإن مما يتمم هذا الخير ان يتبنى سمو الأمير سلمان وإخوة الفقيد مشروعاً خيريا ، يحمل اسم الفقيد فهد، ليتصل به عمله الذي بدأه، وليكون له عملاً صالحاً، يتواصل إليه أجره كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به».
وهذا المشروع الخيري ان شاء الله من الصدقة الجارية.. ونرجو أن يجعل الله في ذريته الأربعة، من الصلاح والتقوى ما يعينهم على استمرار الدعاء له، ليزداد أجره عند ربه، والله يضاعف لمن يشاء.. فأعظم الله للفقيد الأجر، وغفر له السيئات، وخفف على والده وإخوته ألم المصاب وجعل في ذريته البركة وعوضهم عن مصابهم بصلاح قلوبهم، وصبرهم على قضاء الله بالسكينة وقوة الإيمان..
و«إنا لله وإنا إليه راجعون». له ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بمقدار.

أعلـىالصفحةرجوع








[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved