أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 4th August,2001 العدد:10537الطبعةالاولـي السبت 14 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

عنيزة .. ومركز ابن صالح
عاشق عيسى الهذال
لا أحد في طول بلادنا وعرضها لا يعرف عنيزة.. ولا يعرف أهلها ان لم يرها.. عنيزة في قصيمنا المعطاء.. جغرافياً.. وتاريخياً.. وثقافة.. أبعاد أوجدت لإنسانها ميزة في الكرم ولطف المعشر.. وسهولة التعرف بلا تشنج وبلا كبرياء او جلافة عرفت في الجاهلية وتغنى بواديها الشعراء.. كامرئ القيس وعنترة وغيرهما.
وفي الإسلام تشكلت كحاضرة من الحواضر.. وعلى أرضها تآلف ساكنوها.. وحتى من غادرها لطلب الرزق ولتجارة.. لم تلهه الحواضر الكبيرة.. ورخاء العيش لم يغير طباعه.. لم ينسها.. بقيت شيمه ومروءته كما هي بل زاد عليها بطيب الخيم والمعشر..
في القرنين الماضيين نال عنيزة ما نالها مما لم تستحقه بفعل الظروف من حروب أهلية أطفأ الله نيرانها.. على يد الموحد الباني الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن يرحمه الله .. فأقام دولة ذات كيان مرموق المملكة العربية السعودية ساهم المخلصون تحت قيادته وساهم أهل العنيزة بطاقاتهم في البناء بكل ما أوتوا في أكثر من مجال.. وبما لديهم من مزايا عميقة الجذور في الإلف والتآلف .. والسماحة المتفائلة في عناق الحياة.. بلا غرور ولا عنجهية صلفة.. برز من عنيزة رجال في العلم، والسياسة والأدب وحسن الاحدوثة.. أيام الصبا وبدايات الشباب قرأت ضمن من قرأ لشعراء منهم محمد السليمان الشبل، محمد العيسى، العثيمين، الدامغ وغيرهم شعراء كانوا حداة ركب حضاري في نهضة وحب الوطن وشموخه.. وتقوية أواصر المحبة بين أبناء هذا الوطن في انطلاقته بعد توحيده في أن يكون فكان.. فالشاعر محمد الشبل غنى مدينة حائل بعنوان عروس الصحراء:


بقلبي ما أهواه فيك من السحر
وما بفؤادي عنك من طيب الذكر
وما لاح في دنياك من صور الهوى
حياة على كفي مرابعك الخضر

في شعر رومانسي جميل اجتزأت منها هذين البيتين .. وبعد حائل غنى مدينة بريدة بعنوان الروضة الخالدة:


سل الروض هل غنت رؤاه بدنياها
وهل دف من ذكراه سحر بمغناها
سل الروض هل شاقته عاشقة الربى
بومض من الأحلام يكسو محياها

ولم يقف شعر الشبل وشعر إخوته من عنيزة.. في حدود الوطن.. بل تعداه للوطن الكبير في عالمنا العربي والإسلامي.. والوطن السليب فلسطين العزيزة فك الله أسره من حثالة شذاذ البشرية الأنذال.. اعترف عبر هذه الأحرف بقولي عن عنيزة هو من وحي الإعزاز والإكبار لأهلها زرتها قبل سنوات طويلة.. برفقة أحد الإخوة .. قبل وجود البنك العقاري وقبل الطفرة، كانت مدينة وادعة.. تحبها لبساطتها .. وكرم ناسها.. بلا عناء.. ولم أحس بالغربة وقتها.. وتعرَّفت عبر السنين على الكثير من أبنائها في المنطقة الغربية والوسطى.. ولبساطتهم أحببتهم أكثر.. قلّ أن تجد فيهم الساخط او اللاعن.. يبتسمون للحياة.. ويعونها جدا.. ولا يبخلون، والشاهد على ذلك تخليدهم لذكرى معلمهم الكبير رحمه الله الشيخ ابن صالح.. فالرجل قدم لأبنائه في مجال التعليم في ظروف يعلمها الله.. كل جهده في مسقط رأسه في أن يكون بحق منهم وإليهم ولهم حتى انتقل الى رحمة الله.. ولم ينس أبناء عنيزة البررة في أن يبقوا له ذكرى عطرة متجددة عبر الأيام .. قبل شهر وأيام.. زرت هذا المركز الثقافي.. الذي عز نظيره في تعدد إسهاماته ومناشطه .. زرته وأنا على عجلة من أمرى.. رأيت المبنى على نشز من الأرض.. وجدت شباب المركز واستقبالهم اللطيف الذي لا يستغرب منهم رأيت جزءاً منه.. وأهدوني مظروفا يحتوي على مطبوعات عن المركز.. ومما أنجز، وما سينجز.. قرأتها فيما بعد مسرورا في قدرة أبناء عنيزة بعد قدرة الله فيما خططوا وأنجزوا.. تذكرت قول أحمد شوقي يرحمه الله:


وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا

بمركز ابن صالح.. الكثير من الأنشطة الثقافية وفروعها.. والعلمية، الاجتماعية، التعليم والحاسب واللغات، مدرسة القرآن ، النشاط الخيري، والفرع النسائي الذي وجد نشاطا ملموساً ومحسوسا.. من الأزياء الشعبية.. وأعمال السف والسدو.. ولا ننسى الشؤون الإدارية وفروعها.. وللمركز حركة دائبة .. وروعة استقبال شباب المركز للزائرين.. يتناغم مداها في النفس مع ما بالمركز.. وما للمركز من مكانة اعتزازية به وبهم. انه منتدى رائع ذكرني بقول الشاعر القديم.. وأنا ألقي نظرة عليه.. وأعتذر لأحد الشباب وهو الأخ عبد الرحمن الظفيري بضيق الوقت .. الذي حاول ليبقيني .. أقول تذكرت قول الشاعر:


وفيهم مقامات حسان وجوهها
وأندية ينتابها القول والفعل

حقا إن عنيزة لتفخر وتفاخر بمركز ابن صالح وان كان ذلك ليس بغريب على أناس عرفوا الحياة وعرفتهم .. أناس أوفياء قدروا بكل سماحة الرجال الاوفياء فأقاموا بالقول والفعل بلا منة.
وأخيرا أتمنى لو أن في كل مدينة من مدننا مثل مركز ابن صالح أو شبيهه ليتواكب مع تطورنا ومشاركة مواطنينا.. فالعمل الأهلي حين يتواكب مع العمل الحكومي.. يولد الضمان كل الضمان لإنسان هذه الأرض الطيبة.. فرحلة ألف ميل تبدأ بخطوة كما يقال! خاصة وان السعودة بدأت تأخذ جزءا كبيرا من مكانتها.. في تحرك أبناء الوطن ذكورا وإناثا للعمل الجاد الشريف مهما قل الأجر أو كثر.. فالقليل مع الأيام يكثر.. فالمراكز الأهلية إن صدقت النوايا .. وركلت الربحية السريعة مع الدعم الحكومي .. الذي لم يتوان في تقدير كل جهد يعود على أبنا ءالوطن بالمنفعة لكل شرائح المجتمع ليأخذ كل فرد فيه قسطا من المسؤولية في تحسين مستواه في أكثر من مجال في حياته العامة والخاصة.. وخير الناس أنفعهم للناس.. كما قال الرحمة المهداة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام.
حائل ص ب 7004

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved