أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 4th August,2001 العدد:10537الطبعةالاولـي السبت 14 ,جمادى الاولى 1422

الثقافية

الغربال
أ.د. عبدالله بن محمد أبوداهش
قال الشاعر:


لقد دفن الأقوام أروع لم تكن
بمدفونة طول الزمان فضائله
سقى جدثاً هالت عليه ترابه
أكفهم ظل الغمام ووابله
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البرَّ ساحله
يمرُّ على الوادي فتُثني رماله
عليه وبالنادي فتبكي أرامله
سما نعشه فوق الرقاب وطالما
سرى جوده فوق السحاب ونائله
أفاض عيون الناس حتى كأنما
عيونهم مما تفيض أنامله)1(

قلت: أحسن هذا الشاعر في هذه الأبيات، فالممدوح قمين بهذا الثناء، إذ يصدر عن هذه المعاني بمكارمها المختلفة، وحسن الخُلق، وتمامه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:« إنما بعثت متمماً لمكارم الأخلاق» أو كما قال عليه السلام..
قرر الشاعر في بيته الأول تمام دفن هذا الممدوح الذي لم تدفن فضائله بفوات مقامه في الحياة الدنيا، بل هو حاضر بمكارم أخلاقه، غائب بجسمه ورفاته ومضى الشاعر في بيته الثاني فدعا بالسقيا على قبره الرمز ذي المكارم، وزاد بخيال بعيد يستوعب هذه المكانة ، فقال:


ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البرَّ ساحله
يمرُّ على الوادي فتُثني رماله
عليه، وبالنادي فتبكي أرامله

ألا ترى وقع الألفاظ في دلالتها، ومدى حسن استخدامها، مثل ألفاظ يرفع، استغرق، يمر، فتثني، فتبكي، والمحصلة تمام المكارم، وألم الفوات، وعظيم الحزن، حُمِل نعشه على الرقاب، فسما عليها،ولكنه في حقيقته المعنوية أكبر من ذلك، إذ علا صيته من قبل فطاول السحاب وتجاوزه وعندئذ فاضت عيون الخلق، فهي كثيرة البكاء حزينة شأن جوده الفياض.
الحواشي:
)1( نير الوطر 1/413.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved