أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 4th August,2001 العدد:10537الطبعةالاولـي السبت 14 ,جمادى الاولى 1422

محليــات

يارا
كأس المؤسس
عبدالله بن بخيت
بحثت في مستودع الأماني، في أعماق قلبي، عن أفضل أمنية يمكن أن أطلبها. فاكتشفت ان الأماني مثل النساء: اجملهن هي تلك الأمنية التي لا يمكن ان تتحقق. ولكن هناك أمنيتان يلوكهما الناس كثيراً لأنهما تقعان في قلب المستحيل: الأولى هي العودة الى الماضي. والأخرى الذهاب قدماً الى المستقبل. العودة للماضي ما هي إلا عملية عاطفية ملوثة بالحنين. فلا أظن ان أي انسان سوف ينفذها لو قدرت له فبالنسبة لي وبالنسبة لكثير من جيلي ما الذي يعني ان نعود الى الحياييل والغبار والحر وزيرة الماء المليئة بالعلق. لكن بالنسبة للمستقبل فلا أظن أي إنسان سيرفض ان يذهب اليه ليرى احفاده وأبناء احفاده والناس الذين سوف يرثوننا. يكفي الفضول وحب الاطلاع لترى العالم بعد مائة سنة او بعد مليون سنة «بعد مليون سنة كثيرة ومخيفة يفضل ألا نفكر فيها أبداً».. كيف سيكون الإنسان بعد مائة سنة؟؟.
لابد أن تعرف قبل كل شيء أن عمر الإنسان على الأرض لا يتجاوز عشرة ملايين سنة بينما عمر الارض نفسها يقدر بأربعة مليارات ونصف المليار سنة. وعليك ان تتصور ايضا ان الإنسان لم يعرف الزراعة والاستقرار والحضارة إلا قبل تسعة آلاف سنة فقط. ولم يعرف الكتابة «وزاوية يارا تحديداً» إلا منذ حوالي خمسة آلاف سنة فقط. والثورة العلمية لم يعرفها الإنسان إلا في القرنين الماضيين. والكمبيوتر قبل عقدين من الزمان. والجوال ما له إلا اربع سنوات. فعندما تقيس التطور الذي حلَّ بالإنسان في الثلاثين سنة الماضية فقط ستشعر بالرعب من المستقبل. فالتطور الإنساني يحدث بشكل متسارع ورهيب. إذا كان الإنسان استطاع ان يخترع التلفزيون والتليفون والإنترنت والفضائيات وكثيراً من الإنجازات الطبية المختلفة تقريباً في لحظة قصيرة من عمر الكون.. تصور لو قضى الله لك وعدت الى الحياة بعد مائة سنة فقط، ترى ما الذي سوف تراه في الرياض؟
حلمت كثيراً، حققت بعض احلامي واخفقت في بعضها الآخر. ولكن يبقى حلم واحد يراودني دائماً وهو ان اعود بعد مائة سنة وأرى ما حلَّ بهذا العالم. وما حلَّ بالرياض تحديداً. وما يمكن ان يحل بأحفادي.
الشيء البدهي هو انني لن اجد أي كائن حي من الموجودين الآن باستثناء بعض الأشجار والسلاحف الهرمة وعدد نادر من البشر.
أحياناً اجلس وحيداً في منزلي وأتأمل ان اعود بعد مائة سنة واقرع الباب على بيتي هذا الذي اسكن فيه الآن واطلب واحداً من احفاد عبدالله بن بخيت، فيخرج لي شخص غريب ويقول: لا نعرف احداً بهذا الاسم على الاطلاق. فأضطر ان اقول له: ما تعرف أي من احفاد عبدالله الكاتب الذي كان يكتب زاوية صحفية في جريدة الجزيرة. لن ادهش لو قال: أي جزيرة وأي جريدة؟ اختفت الجرائد منذ ستين سنة من الوجود. ثم أشاهد عدداً من الرجال والنساء بسحنات غريبة يدخلون بيتي ثم أسأله من هؤلاء فيجيبني هؤلاء مستثمرون من هونج كونج اشتروا الدور الفوقاني قبل عشرين سنة. ثم اشاهد مجموعة من الشبان تهتف في الشوارع فاسأله ما الذي يفعله هؤلاء الشباب سيقول هؤلاء يشجعون فريقهم. فسألته بعقلية زماني: هل يشجعون فريق الهلال لكرة القدم سيقول: الله من فين أنت جاي يا أخ كرة القدم اندثرت منذ اكثر من اربعين سنة ما عد فيه شيء اسمه كرة قدم. طبعاً لن أكلفه أي اسئلة أخرى لأنه لا يعرف الكثير عن الماضي الذي أتيت منه. سأودعه وفجأة يستوقفني ليقول: هل ذكرت شيئاً اسمه هلال؟ قلت: نعم هذا أحد الفرق التي كانت موجودة أيامنا فقال إذاً تعرف فريق اسمه النصر؟ قلت: نعم بالتأكيد فقال هذا هو الفريق الوحيد الباقي حتى الآن منذ مائة سنة. فاستغربت فسألته: لماذا؟ فقال: يريد ان يحصل على كأس المؤسس.
لمراسلة الكاتب
yara4me@yahoo.com


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved