أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 4th August,2001 العدد:10537الطبعةالاولـي السبت 14 ,جمادى الاولى 1422

عزيزتـي الجزيرة

الماء أغلى من البنزين
حقيقة أصبحت مشاهدة
سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الماء هو عصب الحياة.. وهو اهم شيء في حياة كل انسان، وأهم مادة غذائية في حياته.. ولهذا وجب تأمينه لكل انسان بسعر مناسب ومعقول وأن يكون من مصدر صحي امين جدا..وأن يخضع لرقابة صارمة سواء من ناحية انتاجه وعلاجه او من ناحية سعره ولكن الملاحظ ان الماء اخيرا تحول الى سلعة ومنافسة بين التجار.. كل يظهر جشعه على حساب المستهلك المسكين.. ولا ادل على ذلك من انتشار محلات تعبئة المياه الصحية في كل مكان.. وامتلاء البقالات بعبوات مختلفة من المياه المتعددة المسميات.. فكل يوم لها اسم يسيل لعاب المستهلك.. هل تصدقون ان الماء «اغلى من البنزين» هذه حقيقة اصبحت مشاهدة وليس فيها اي مبالغة.. لقد اصبح استهلاك هذه المياه ضروريا في ظل عدم وجود بديل غيرها.. كل البدائل غير مضمونة.. بل ان هذه المياه نفسها غير مضمونة فأين يذهب المستهلك.. سيقع تحت رحمة جشع تجار البلاستيك واقول تجار البلاستيك.. لأنهم يتاجرون بالبلاستيك حقيقة.. وبعدها يتاجرون بصحتنا ليحصلوا في النهاية على دراهم معدودات ندفع صحتنا ثمنا لها.. اعتقد انه قد حان الاوان لفتح ملف «المياه الصحية» التي نرجو ألا تكون العكس.. فنحن في بلد يحرص على صحة الانسان.. ونحن في بلد قارس حار ترتفع فيه درجة الحرارة في الصيف ويزيد فيه استهلاك المياه في بلد صحراوي لا يجد سكانه مصدراً للمياه الا هذه القناني البلاستيكية «مياه الشرب» وفي بعض الاحيان فان مياه الشبكة اكثر امانا منها..
هذه المصانع تعبئ هذه المياه في قناني براقة عليها صور جذابة.. ونحن «ياغافل لك الله» نشرب من هذه المياه التي اتت من «المصانع» ولا «تمسها الايدي» ولا نعلم عن محتوياتها.. ولا اين عبئت ولا من اي مصدر جاءت هذه المياه.. كتب عليها تاريخ التعبئة.. وتاريخ الانتهاء.. هل عرفتم ماء تنتهي صلاحيته خلال سنة؟
وهذا يعطي دليلا قاطعا على ان الماء اصبح سلعة للمتاجرين بصحتنا.. هذه القناني والقوارير البلاستيكية بمختلف الاحجام والعبوات والحرب قائمة على حجم العبوة فمنها 6.0 لتر ومنها 65.0 لتر ومنها 1 لتر ومنها 5.1 لتر واخيرا ظهرت الجوالين 2 لتر و3 لتر، فما فوق ولكن هذه المياه الله اعلم كيف تمت معالجتها وما هو مصدرها..
كما اكدت الدراسات ان هناك انواعا من البكتيريا تنمو في القناني البلاستيكية اكثر من الزجاجية وذلك لأنها تتغذى على المواد الناتجة عن تحلل المواد البوليمرية)polymer ( في البلاستيك والمصنوعة من مادة الPVC او البولي فينيل كلورايد كما اثبتت الدراسات العلمية ان بعض العينات التي اخذت عشوائيا من نقاط بيع المياه المعدنية المعبأة تحتوي على اعداد كبيرة من البكتريا القابلة للنمو على شكل مستعمرات بكتيرية فكيف يمكن تسمية هذه المياه بالمياه الصحية؟ ان هذ ا المسمى مسمى خادع جدا للمستهلك الذي يعتقد بحسن نية ان هذه المياه هي الافضل للصحة بل ربما كانت هي من الاسوأ حيث انها تعرضت الى اعمال كيميائية وخزنت في ظروف سيئة ونقلت في ناقلات سيئة التهوئة بل وربما تركت في الشمس حتى بدأت مادة الPVC تتحلل في الماء بل اننا في كثير من الاحيان نحس بطعم البلاستيك مع الملح.. في احدى المرات وضعت في السيارة قارورة وجالون نصف مليئين بالماء وذلك في بداية فصل الصيف.. فلما عدت بعد ساعة وجدت القارورة والجالون قد التويا وانتفخا وقاربا الانفجار.. حدث هذا في درجة حرارة عادية.. فما بالكم في قوارير وجوالين تخزن في مستودعات تصل درجة الحرارة مع عدم التهوية بها الى ربما 55درجة مئوية او اكثر.. واذا تعرضت للشمس فلا تتحدث عنها!!
من يعرف هذه المادة التي تصنع منها قناني «المياه الصحية» انها مادة ضارة بالصحة كما عرفنا وعرف الجميع.. هذا اذا تعرضت الى درجات حرارة عالية.. ولكن مهلا ليس عندنا صحراء لاهبة تذيب الحديد في الصيف لشدة حرارتها.. فما بالكم في شاحنة تحمل هذه القناني في صحراء لاهبة في حمارة القيظ.. وعلى الاسفلت الاسود وموضوعة في صندوق يتحول في لواهب الصيف الى قطعة من الجحيم.. كيف تنقل المياه التي نشربها بهذه الصورة وتخزن في مستودعات لاهبة الحرارة.. هذا اذا لم توضع معرضة للشمس اللاهبة. هناك ثلاثة اشياء لابد منها.
أ ايقاف تجار البلاستيك وليس تجار «المياه الصحية» عن المتاجرة بصحتنا وفرض رقابة صارمة على محلات بيع)المياه الصحية( ومصانع المياه من قبل وزارة الزراعة والمياه هي المسؤولة الاولى عن المياه في بلادنا، واجراء فحوصات واختبارات بتروكولوجية وكيميائية على هذه المياه والمصانع.. وكذلك لا بد من دور ملموس لوزارة التجارة لإيقاف حرب المياه هذه وتغيير مسمى هذه المياه من صحية الى مياه فقط.. فبعض محلات بيع المياه تأخذ مياهاً من اشياب داخل المدن ربما تكون قد اختلطت بمياه الصرف الصحي.. وهنا تكمن الخطورة وتضيف اليها بعض المطهرات الكيميائية مثل الكلور.. وتبيعها على المستهلكين. لكم ان تتصوروا كم يكلف البلديات تنظيف الشوارع من قناني البلاستيك الفارغة التي يتم رميها بمختلف الاحجام.. «كأسات صغيرة جدا قوارير صغيرة قوارير كبيرة جوالين» لماذا لا يتم توجيه هذا الهدر الاقتصادي الى خدمة المواطنين بتأمين فلاتر مياه صحية وبيعها للراغبين في تحلية مياههم.
ب مراقبة ظروف نقل وتخزين هذه المياه.. ونوعية القوارير التي يتم تخزين المياه بها.. هل هي مناسبة صحيا ام لا؟
ج مراقبة اسعار هذه المياه التي لا شك انها أسعار كبيرة بالمقارنة مع البنزين فالماء اغلى من البنزين.. الا اذا كانت المسألة هي متاجرة ب«البلاستيك» ومتاجرة بال«PVC».
فليس هناك مصدر للمستهلك الا هذه المياه.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
البدائع
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved