أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 8th August,2001 العدد:10541الطبعةالاولـي الاربعاء 18 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

الثقافة المحلية.. وصناعة المثقف
علي الصباح
لم تستطع الثقافة المحلية التقليدية أن تعالج قضايا الانسان الحقيقية التي تشكل هاجسه في التحول والتطور كتعبير طبيعي عن حركته الاجتماعية والثقافية التي يفترض أن تسير نحو ناموسها الطبيعي وصيرورة التقدم الانساني التي ليست هي استثناء خارجاً عنه إن لم تكن هناك اعتلالات تحول دون ذلك، كما هو متمثل في اعتلال الثقافة التقليدية وفي دورها السلبي المعيق لحركة الانسان الفكرية والثقافية. من هنا فشلت هذه الثقافة في تحطيم بنية التفكير الفحولي في المثقف التقليدي الذي ظل أسيراً لآلية العلاقات الاجتماعية القائمة على الأبوية البطريكية وتكريس النمط الثقافي المنحاز إلى الرجعية الاجتماعية، علما أن بعض المحسوبين على هذا الصنف من المثقفين يتبنون في الظاهر مشاريع فكرية وثقافية يبدو أنها تستند إلى لغة خطاب ثقافي تقدمي كما توحي بذلك شعاراتهم التي لم تتجاوز مستوى تقنية الكلام دون ان يصاحب ذلك أي تغيير في بناهم الثقافية والاجتماعية، يبدو ان هناك لغة تواطؤ بين الخطاب الثقافي الرجعي وبين من يمثلون توجه هذا الخطاب اجتماعياً وما يؤمنه لهم من دور طليعي يستمد شرعيته وأخلاقيته من شرعية الخطاب الايديولوجي نفسه وما تمارسه سلطته الثقافية من تأثير على أوضاع الناس الاجتماعية والثقافية كلغة محفورة يصعب استبدالها أو ضرب بنيتها الرجعية في مخيال الناس الاجتماعي. من هنا، هناك لغة تشابك ومصالح تفرضها طبيعة هذه العلاقة التقليدية، قد يعترض البعض على هذا النوع من التحليل ويعتبره قراءة انشائية للواقع، محلها فقط مقدار ما تشغله من مساحة على الورق وليست ثمة شواهد حسية لها في واقع الناس الاجتماعي وفي توجهاتهم الثقافية، وقد يبدو هذا مقنعاً للوهلة الأولى إذا ما اقتصرت نظرة الناس إلى مجرد العلاقات التقليدية البسيطة للثقافة المحلية وللقوى الاجتماعية المتنفذة التي تستفيد من هذا الادراك المكتفى بالمشاهدة السطحية لبعض الأمثلة الاجتماعية العابرة دون ملاحظة الوظيفة النسقية التي تسيِّر بنية الثقافة المحلية وتجعلها لغة طبقية تخدم مصالح فئة من الناس. لا نريد أن نذهب إلى اكثر من ذلك، اليوم لا يوجد خطاب ثقافي يتخطى التابوهات الاجتماعية التي وضعتها التقاليد والاجتماعية فلا بد أن تنداح لغته من خلال شبكة الثقافة المحلية دون أن يخترق أسيجتها أو يحفر خارج خنادقها، نحن لا نتكلم عن بعض النماذج الشاذة التي تتمرد وتصنع لها خطاباً يمثل توجهها دون أن تنثني أو تتراجع رغم كل الصعاب والمتاعب التي يمكن أن يسببها لها شذوذها عن السائد والمألوف في علاقات الثقافة المحلية، ولكنّ غرض مثل هذه الكتابة زعزعة ذهنية الرضا ولفت الانتباه بقدر المستطاع إلى وظائف الثقافة النسقية، وفضح خطاب التواطؤ فيها وتعرية القوى التي تحرس ثقافة الصمت وترعى جهر ثقافة التحريض النسقي لتبقى سيطرتها ونفوذها التقليدي على افهام الناس واستعبادهم وتسخيرهم لمصالحها وتوجهاتها الطائفية والعائلية والطبقية مستفيدة من لغة الخطاب الايديولوجية للثقافة المحلية، فأي تعكير يستهدف نفوذها التقليدي أو التعرض لبنية الخطاب المحلي الراعي لمصالحها وتوجهاتها سوف تتحول كل الكليشيهات الثقافية والايديولوجية والاجتماعية إلى لغة خطاب استبعادي واستئصالي ينال من الاطراف التي تتغاير وتوجهاتها النفعية والطبقية ووأدها في سياق خطابها التحديثي واستخدام كل الوسائل والمحرمات لصد مثل هذه التوجهات وهي لاتزال في مهدها.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved