أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 8th August,2001 العدد:10541الطبعةالاولـي الاربعاء 18 ,جمادى الاولى 1422

عزيزتـي الجزيرة

وهكذا تسير قوافل الأخيار
يا غائباً في الثرى تبلى محاسنه
اللّه يوليك غفرانا وإحسانا

في صباح يوم السبت الموافق 14/5/1422ه هاتفني صديق يحمل نبأ وفاة أخ عزيز علينا رحيله اتصف بلين الجانب والسماحة والكرم، انه الأخ الفاضل محمد بن سليمان الباتلي بعد عمر مديد نيف على التسعين عاما قضاه في طاعة الله، وحب الخير للمساكين، والتوسعة على من يقصده لإقراضه، وإقراض من تضيق عليهم سبل الحياة بنفس سامحة غير ملح في استرجاع حقه، مستحضرا الحديث الشريف: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ..» الحديث، رواه مسلم.
والشاعر يقول:


واشكر فضائل صنع الله إذ جُعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات

وقد ساهم رحمه الله مع نخبة من رجالات حريملاء مع جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في توطيد أركان البلاد آنذاك.. ، وكان لسفره عام 1352ه مع الأمير عبد الرحمن بن إبراهيم المبارك أمير مدينة ظبا المطلة على البحر الأحمر.. ، ومروره بمكة المكرمة وتلقيه مبادئ العلوم الشرعية، وتحسين الخطوط .. أكبر الأثر والفائدة في تنويره، وتثقيفه، وتهيئته للعمل مع الأمير في مدينة ظبا التي طال مكثه فيها وقتا من الزمان يعلم أبناء الأمير، ويؤمهم للصلاة ، ويقوم ببعض المهام المنوطة به، فلما طالت إقامته هناك استبد به الحنين الى مسقط رأسه حريملاء فعاد اليها رغم تمسك الأمير به وترغيبه في البقاء لديه لما يتمتع به من سجابا حسنة وأمانة وإخلاص في عمله رحمهما الله جميعا ولكنه اعتذر وغلبه الشوق الى مرتع صباه فعاد .. ، ولقد أجاد الشاعر في تصوير حال أمثاله حيث يقول:


ما من غريب وإن أبدى تجلّده
إلا تذكر عند الغربة الوطنا

وبعد عودته من غيابه الطويل عمل ببلدية حريملاء عملا إداريا فترة من الوقت، والواقع أني قد تأثرت وحزنت كثيرا على رحيله وغيابه عنا لما له من مكانة عالية في شعاب نفسي، وكانت تربطني به علاقة ود ومحبة صادقة رغم فارق العمر ..! ، فالتواصل والتزاور بيننا مستمر منذ تعييني مديرا لمعهد المعلمين ومشرفا على المدرسة الابتدائية بحريملاء عام 1379ه فهو على صلة بنا وبالمدرسة للاطمئنان على سير دراسة ومستويات أنجاله النجباء الذين هم في قمة من الذكاء والانضباط، والتمتع بالأخلاق الحميدة، وكنت أزوره رحمه الله عندما بدأت علامات الكبر تنزل بساحته فينفحني ببعض النصائح والطرائف والحكم، ولكن بعدما قاربت نهايته من مشوار الحياة الحافلة بطاعة المولى، والسمعة المعطرة بالثناء عليه والذكر الحسن، توقفت لغة الكلام بيننا فاكتفيت بالسؤال عنه، والدعاء له بحسن الختام، ولقد قضى شطرا من حياته إماماً لأحد المساجد بحريملاء وكان من الحفاظ الأفذاذ يمتاز بحسن الصوت أثناء تلاوة القرآن الكريم، ويفيد المصلين في أعقاب الصلوات بقراءة بعض الكتب المفيدة كرياض الصالحين، ووظائف رمضان، وغير ذلك من الفوائد والأدعية، كما أنه يقضي الساعات الطوال في تلاوة القرآن المجيد الذي قد حفظه منذ نعومة أظفاره في إحدى مدارس تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في حريملاء، وكان لوفاته الحزن العميق في النفوس ، ولقد حضر للصلاة عليه جموع غفيرة معظمهم من محافظة حريملاء ازدحمت بهم أبواب جامع الملك خالد طيب الله ثراه بالرياض لما له من مكانة في قلوب الجميع، أخذت تضجّ بالدعاء له بالمغفرة وطيب الإقامة في جَدَثِهِ. ومما زاد حزني وأشجاني ما رأيته من أحد أبنائه والحزن بادٍ على محياه وهو يُدمْدِمُ الترب على جوانب قبر أبيه وفي نفسه ما فيها من لوعة الفراق، وعيناه تجودان بدمع غزير..، وفي إحدى يديه قطعة من الحجارة يضعها بجانب إحدى نصائب القبر لتكون علامة يهتدي بها عند زيارته له.. ، وهذا يدل دلالة واضحة على تعلق الأبناء بوالدهم حتى بعد الممات..، ولقد أجاد الشاعر الذي يقول:


لولا معاليمُ رؤوسهن لما اهتدى
لحميمه بين القبور حَميمُ

والعزاء في ذلك أنه نشأ في عبادة الله منذ فجر حياته حافظاً لكلام الله، وقد استنفد عمره المكتوب له عزيزا مكرما، وقدم على رب كريم يغفر الذنوب، وقد ترك وراءه ذرية صالحة تدعو له، تغمده الله بواسع رحمته وأنزل عليه شآبيب رحمته:


وكل مقيم في الحياة وعيشها
فلا شك يوما أنه سوف يَشخصُ

عظم اللّه أجر جميع أسرته وألهمهم الصبر والسلوان.«إنا للّه وإنا إليه راجعون».
عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف
محافظة حريملاء

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved