أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 9th August,2001 العدد:10542الطبعةالاولـي الخميس 19 ,جمادى الاولى 1422

تحقيقات

وزير الإعلام اليمني حسين العواضي في حديث شامل لـ «الجزيرة »:
العلاقات السعودية اليمنية متطورة ومزدهرة ومعاهدة الحدود مثَّلت مرحلة جديدة في مسارها
التعاون الإعلامي يشهد تفاعلاً طيباً.. وهناك تنسيق كامل
مواقف المملكة إيجابية ومشجعة وهي دائماً في الطليعة لدينا إصدارات صحفية واسعة في اليمن وتتمتع بحرية كاملة
* حاوره في صنعاء عبدالمنعم الجابري:
في حديث شامل وصريح وخلال ما يقرب من ساعة فتح وزير الإعلام اليمني الأستاذ حسين ضيف الله العواضي قلبه ل«الجزيرة» وأجاب على كل الأسئلة والاستفسارات التي طرحت عليه من دون أن يبدي أي تردد أو تحفظ..
وتحدث عن العلاقات اليمنية السعودية واصفاً إياها بأنها متطورة ومزدهرة ونموذجية.. وقال إن معاهدة الحدود مثلت مرحلة جديدة وقفزة ناضجة وواعية للقيادتين السياسيتين في البلدين.. كما أن المعاهدة انعكست بآثار ايجابية لمزيد من المحبة والوئام بين الشعبين.. كما تناول الوزير حسين العواضي في حديثه جملة من القضايا والموضوعات على صعيد الساحة اليمنية والعربية والاقليمية.. وجاء ذلك على النحو التالي:
* «بداية» كيف ترون المسار الراهن للعلاقات السعودية اليمنية.. وآفاقها المستقبلية؟
لا شك في أن معاهدة الحدود بين اليمن والسعودية قد مثلت مرحلة جديدة في العلاقات العربية العربية النموذجية.. وهي شكلت قفزة ناضجة وواعية وحكيمة للقيادتين السياسيتين في البلدين الشقيقين.. وانعكست بآثار ايجابية لمزيد من المحبة والوئام بين الشعبين.. وبالتالي نعتبر أنها حدث تاريخي بارز يؤرخ له في هذه المرحلة وأنها مثلت بصدق حسن النوايا وبالتالي فالعلاقات اليمنية السعودية متطورة ومزدهرة.. وهناك تواصل ولقاءات وزيارات متبادلة بين وفود رفيعة المستوى في البلدين من حين لآخر..
وحالياً تلاحظ أن أعداداً كبيرة من الأشقاء في المملكة يأتون إلى اليمن إما للسياحة أوالاستثمار، والمغترب اليمني يشعر بالطمأنينة والراحة وهو يعيش في ربوع المملكة.. والحمد لله هذه من ثمار فطنة وحكمة القيادتين السياسيتين في أننا تغلبنا على مواضيع كانت شائكة وكانت تقلق المواطن هنا وهناك وتستنزف أموالاً طائلة، وما إلى ذلك، وحالياً يمكن أن تستثمر هذه العلاقات إلى حدود بعيدة لصالح الشعبين في المستقبل إن شاء الله.
تعاون إعلامي
* بالنسبة للتعاون الإعلامي بين البلدين ما هو تقييمكم لهذا الجانب؟
طبيعي أن المعاهدة عكست نفسها في أكثر من مجال بالنسبة للتعاون بين البلدين.. وبالنسبة للتعاون الإعلامي نحن وقَّعنا مع الزميل الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي وزير الإعلام في المملكة اتفاقية في هذا الجانب، ومن بين ما اشتملت عليه الاتفاقية أن تحصل اليمن على منح للدراسات العليا في الجامعات السعودية وأن يكون هناك تبادل للزيارات بين القيادات والعاملين في المؤسسات الإعلامية وتبادل للبرامج، وكذا أن يكون هناك تنسيق كامل.. وهذا ما هو حاصل الآن بين وكالتي الأنباء في البلدين في بث الأخبار وتبادلها.
ووجهنا الدعوة عبر الأخ الوزير الدكتور فؤاد الفارسي إلى الزملاء رؤساء تحرير الصحف السعودية لزيارة بلدهم اليمن، وهذه الزيارة ستحدد في وقت قريب بإذن الله.. وهناك رئيس وكالة الأنباء اليمنية سيزور المملكة خلال أيام.
وحقيقة ان البرنامج الإعلامي نشط، اضافة إلى تنسيقنا في اجتماعات عربية مشتركة، واتفاقنا على كثير من المسائل والمهام الإعلامية وبالذات المتعلقة بمناصرة قضايانا العربية والقومية.. فالتعاون الإعلامي بين المملكة واليمن يشهد تفاعلاً طيباً.. وأنا مقتنع تماماً بهذا التعاون.
تبادل الأخبار
* يعني هناك خطوات عملية تم اتخاذها فيما يخص تفعيل اتفاقية التعاون الإعلامي؟
فيما يتعلق بوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» ووكالة الأنباء السعودية نعم.. هناك تعاون وتنسيق بشكل يومي من خلال تبادل الأخبار.. وكما تلاحظ أن المطبوعات السعودية أيضاً موجودة ورائجة في السوق اليمني.. فالتعاون قائم بأوجه وصور عديدة.. ولا بد من الاشارة هنا إلى أن لكل بلد شخصيته وله رسالته ومهمته في الإعلام.. وليس صحيحا القول إنه لا بد أن يكون هناك تطابق تام في المادة الإعلامية أو البرامج.
أهم ما توصلنا إليه ان الإعلام في البلدين هدأ من مرحلة التوتر والقلق والمناكفة.. وهذه نعمة من الله.. ونحن في مجال الإعلام نشعر بالراحة أفضل بكثير مما كان عليه الحال قبل توقيع المعاهدة.. وبطبيعة الحال الإعلام هو انعكاس للاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي في العلاقات.. وكلما كانت أجواء العلاقات العربية العربية نقية وصافية، ستجد أن الإعلام مطمئن وبخير.
الصحافة اليمنية
* على صعيد الساحة اليمنية «كيف تقيّمون الواقع الذي تعيشه الساحة اليمنية.. والمستوى الذي وصلت إليه الآن؟
نشعر أن الصحافة اليمنية تتمتع بحرية واسعة.. وهذه ظاهرة نعتز بها.. فهي سمة يمنية ترتبط بمناخات الديمقراطية الموجودة.. ونرى أن هذه المساحة من الحرية جعلت الاصدارات الصحفية واسعة ومتعددة، ومع ذلك لا بد من الاعتراف بأن المهنية في الصحافة اليمنية لا تزال في غير المستوى.. يعني هناك اصدارات صحفية جديدة في معظم الأحيان لا تدار بكفاءات مهنية صحفية.. كما أن الملاحظ بأن الانتشار الصحفي في اليمن يكون فردياً في الغالب..ولا توجد مؤسسات صحفية بالمعنى الكامل الصحيح.. ومع ذلك هناك صحف حزبية أو أهلية أثبتت حضورها ووجودها.. وبطبيعة الحال الصحافة في اليمن هي صحافة نخبة، وهي صحافة حضرية وجمهورها محدود في المدن.. فالمجتمع اليمني وبسبب تضاريسنا وظروفنا وبسبب أننا بلد فتي، ما يزال هو مجتمع الاستماع إلى الراديو ومجتمع الصورة.. فمعظم الصحف ولامكانياتها المتواضعة لا تستطيع أن تصل إلى المناطق الجبلية والريفية أو إلى الأطراف الصحراوية.. كما أعتقد أيضاً أنه حصلت مرحلة تشويش في الصحافة اليمنية.. بحيث حصل تنافس وحصل تقليد وحصلت اصدارات صحفية أكثر مما يستوعبه الشارع الصحفي.. لكن أنا الآن أنظر بتفاول إلى هذه الظاهرة.. فالصحف الجيدة بدأت تستقر وتثبّت أقدامها.. والصحف التي لا تملك مقومات النجاح أخذت تتراجع.. وهذا أمر يحدث في أي بلد تعيش فيه الصحافة مراحلها الأولى.
وثمة أمر آخر هو أن الصحافة اليمنية اضطلعت بأدوار وطنية مشهودة، وواكبت بشجاعة مراحل النضال الوطني المختلفة ومراحل تثبيت الوحدة.. وثمة أمر آخر لا بد من الاشادة به وهو أن هذا المناخ الصحفي الحاصل هو ثمرة لتوجهات الدولة ممثلة بالأخ الرئيس علي عبدالله صالح في أن الصحافة تأخذ مكانتها.. وأنت تلاحظ مساحة النقد الموجه أحياناً إلى قيادات عليا في الدولة.. وأعتقد أيضاً الظاهرة التي ترتبط بالصحافة هي ظاهرة الاتجاه إلى القضاء فيما لو كان هناك ما يستدعي رفع دعوى قضائية.
استغلال سيئ للقانون
* لكن يلاحظ أن قانون الصحافة والمطبوعات لم يفعَّل بالشكل المطلوب.. لماذا؟
القانون يفعّل تماماً، ونحن نعطي تصاريح اصدار الصحف وفقاً لهذا القانون.. وإذا ما وجدت هناك اصدارات صحفية لا تستحق أن تنزل إلى الأسواق ولا تمتلك مواصفات الصحافة الكاملة أو الصحافة المرغوبة، فذلك نتيجة الاستغلال السيئ للقانون.. حيث إن في هذا القانون مرونة مطلقة ونحن نطبق هذا القانون.. والديمقراطية لا يجب أن نقبل بعضها ونرفض البعض الآخر، بل يجب أن نتحملها بكل نتائجها.
إذاعات خاصة
* هل هناك توجه لإعادة النظر في هذا القانون بتفعيل بعض الضوابط للاصدارات الصحفية؟
نحن في وزارة الإعلام لدينا توجه بأن نشرك نقابة الصحفيين، وهناك لجنة سيتم تشكيلها قريباً بحيث تضم هذه اللجنة ممثلاً واحداً لوزارة الإعلام وممثلا لنقابة الصحفيين وكذا ممثل للصحف الحزبية وآخر للأهلية وكذا ممثل لمراسلي الصحف ووكالات الأنباء الخارجية وأستاذ متخصص من كلية الإعلام بجامعة صنعاء.. وسنترك لهؤلاء موضوع تقييم حال الصحافة في اليمن.. لأن لدينا الآن طلبات كثيرة لاصدار صحف جديدة، ولدينا صحف لم تلتزم بقانون الصحافة.
وقانون الصحافة رغم أنه قانون متطور مقارنة بتشريعات أخرى في المنطقة، لكن لا يزال في الحقيقة بحاجة إلى اعادة نظر وإلى تعديل وبالذات ما يتعلق بالإعلام المرئي والمسموع.. ونحن الآن نبحث عن اطار لوجود تشريعات تنظم المحطات الاذاعية أو التلفزيونية الخاصة.. فالآن هناك طلبات من الاذاعة البريطانية «B.B.C» ومونت كارلو الفرنسية ومحطة راديو وتلفزيون العرب، وذلك للبث من اليمن.. لكن لا بد أن يسبق هذا ايجاد تشريع للإعلام المرئي والمسموع.. وأما ما يخص الصحافة المكتوبة فإذا رأت الجهات التشريعية تعديل القانون فذلك ما سيكون.
* الطلبات التي أشرتم إليها.. هل هناك إجراءات قريبة ستتخذ للبت في ذلك؟
نحن لدينا طلبات ونقوم حالياً بدراستها من جوانبها المختلفة سواء من الجوانب الإعلامية أو السياسية، وكذا الجوانب القانونية، وهذا هو الأهم.
ثوابت وطنية
* بالعودة إلى الصحف والمطبوعات المحلية.. في اعتقادكم هل ما تحمله جميعها يتناسب مع واقع وطبيعة المجتمع اليمني؟
لا أعتقد.. ولكن نحن لدينا قانون الصحافة والمطبوعات، وهناك ثوابت وطنية، وهناك معتقدات دينية، كما أن هناك محظورات في النشر تتعلق بالأمن القومي أو الاساءة إلى رئيس الدولة أو الاساءة إلى الرؤساء والملوك والأشقاء أو إلى علاقات الدول.
ولا نخفي أن هناك بعض الصحف تتمادى أحياناً.. وأقول لك بكل صراحة، نحن لا نطبق القانون بحذافيره.. ومع الأسف ثمة صحف لا تلتزم بالمهنية ولا بشرف المهنة.. لأنه مهما وجدت من تشريعات صحفية، فالصحافة هي رسالة نبيلة، مهمتها أن تنشر الضوء في كل مكان وان تحارب الفساد والعادات السيئة.. لكن المؤسف أن اتجاه صحافتنا هو اتجاه سياسي واتجاه نقدي، ولا تجد فيها مثلاً التحقيقات الصحفية التي تلمس فيها جهداً مهنياً في قضايا تتعلق بالبيئة أو الثأر أو مناقشة قضايا أخرى تهم المجتمع. وقد يعود ذلك إلى أن بعض رؤساء التحرير في بعض الصحف ليس لديهم مؤهلات أو كفاءة أو خبرة، مما يجعل تلك الصحف تخرج عن الاطار وتصيب القارئ بالدهشة والارتباك أحياناً.. حتى في قضية توزيعها وفي قضية عدم الالتزام بمواعيد الصدور وكذا في قضية تباين مواقفها وما إلى ذلك. ويمكن القول أيضاً إن الصحافة في اليمن تلوَّنت لذلك بتلون الظروف السياسة.. وايقاعات النظريات السياسية كانت سريعة وشرسة وعنيفة في بعض الأحيان، كما كانت هادئة في أحيان أخرى.. وهذا انعكس على إيقاع الصحافة.
وفيما يتعلق بالتجاوزات التي تحصل من قبل البعض نحن الآن نحرص على اعطاء الزملاء في هذه الصحف فرصة كي يتعلموا.. وأعتقد أن العلاج ليس في أننا نقوم بتطبيق القانون عليهم أو نقدمهم إلى النيابة.. الآن اخترنا طريق الحوار معهم واخترنا أن نرعاهم وأن نقدم لهم المساعدة، حتى يمكن أن نقدم خدمات الطباعة وخدمات الاخراج وخدمات اخبارية.. وكذا سنشركهم في دورات التأهيل المتخصصة.. والشيء الآخر نحن لا نريد أن تصبح وزارة الإعلام وكيل شريعة، فكل مؤسسة حكومية لديها إدارة للشؤون القانونية وهناك وزارة شؤون قانونية ونيابة صحافة ومطبوعات، وبالتالي إذا وجدت أي جهة أن أي صحيفة ارتكبت مخالفة في حقها أو أساءت لها يمكنها رفع دعوى قضائية.. أما وزارة الإعلام فتطبق القانون ولكن في قضايا تتعلق بالأمن القومي وما شابه ذلك.. ويلاحظ حالياً أن هناك التزاما من قبل كثير من الصحف.
صحف المعارضة
* فيما يتعلّق بالصحف الحزبية التابعة للمعارضة.. ما هو تقيمكم للاسلوب الذي تتبعه تلك الصحف في تعاطيها لمختلف القضايا الوطنية؟
حقيقة .. مع الأسف دعني أقول لك بكل تقدير واحترام ان صحف المعارضة تؤدي دورها.. وهي أكبر من الأحزاب.. يعني أحزاب المعارضة مع الأسف صارت صحفها أكبر منها.. لكن كل هم صحف المعارضة أن تصب نقدها على الحكومة وأن تختار الطريق الأسهل.. ولم تقدم شيئاً بالنسبة للقضايا الأساسية.. فنحن نتساءل ماذا قدمت صحف المعارضة حول قضايا الثأر؟ وماذا ناقشت حول قضايا البيئة؟ حتى الفساد الموجود الذي لا يجب نكرانه لا يناقش بشكل جدي وبشكل موضوعي وبحثي، ولكن فقط تعميم وكلام عام يطلق في وجه الحكومة.
ودعني أعطيك مثالاً محدداً.. عندما اجتمع مجلس الدفاع الأعلى برئاسة الأخ رئيس الجمهورية وصدر قرار بالغاء خدمة الدفاع الوطني وما كانت تسببه من ابتزاز للطلاب وأبناء المغتربين وغيره.. لم تتناول هذه الخطوة ولا صحيفة واحدة من صحف المعارضة ولم تشد أي من هذه الصحف بهذا القرار الذي جاء في خدمة الناس، والذي زايدت عليه المعارضة لسنوات طويلة.
اجراءات ضرورية
* في اطار الحديث عن احزاب المعارضة.. مؤخراً قررت هذه الأحزاب تجميد الحوار مع الحكومة حول مشروع تعديلات قانون الانتخابات.. وذلك احتجاجاً على رفع سعر مادة الديزل.. كيف ينظرون إلى هذا الموقف؟
دعني أقل لك أن أكبر أحزاب المعارضة إذا ما قسناها بمدى تواجدها في البرلمان هو حزب الاصلاح.. وحزب الاصلاح كان شريكاً في اقرار الاصلاحات الاقتصادية التي بدأت وما تزال مستمرة، وبرنامج الحكومة أقره البرلمان.. وأعتقد أنه ليس من الحكمة أن يصدر موقف كهذا من قبل أحزاب المعارضة.. فهناك مبررات طرحتها الحكومة بالنسبة لزيادة سعر الديزل، وأعتقد أنها كانت مبررات منطقية وان البدائل أيضاً منطقية.. لأن المستفيد من الديزل هو مافيا التهريب التي أضرت بمصالح البلد، وهي مراكز قوى معروفة، يمكن حتى المعارضة متضررة منها وكثيراً ما تشكو من ذلك..
وإذا ما انعكست الزيادة على مرتبات الجيش والأمن والموظفين وعلى المزارعين وتحسين أوضاعهم فذلك هو الأجدى.. ولو لم تتخذ الاصلاحات الاقتصادية كان يمكن للحال أن يكون أسوأ مما هو فيه.. وعلى المعارضة أن تقدم برامج بديلة أفضل من المقاطعة.. وعموماً نحن في اليمن كثيراً ما نتخاصم وكثيراً نتصالح، وكثيراً ما تفرقنا السياسة وتجمعنا قيم أكبر من هذا.. وأنا أتوقع أن تلتئم طاولة الحوار قريباً.
الاحتكام للأغلبية
* في حال أن أحزاب المعارضة تمسكت بموقفها المطالب بتراجع الحكومة عن قرار زيادة سعر الديزل كشرط لمعاودة الحوار.. هل ستمضي الحكومة في تنفيذ مشروع تعديلات قانون الانتخابات؟
إذا ما استمرت أحزاب المعارضة على موقفها، هناك مؤسسات دستورية تفصل في هذا الموضوع.. وأعتقد أنه من الأنسب توجيه مثل هذا السؤال إلى وزارة الشؤون القانونية أو لجنة الأحزاب أو رئيس الحكومة.. لكن أنا أعرف أن هناك مؤسسات دستورية وهناك برلمان وهناك أغلبية.. فالأغلبية الموجودة في البرلمان من حقها إذا قاطعت الأحزاب أن تدير البلد بالأغلبية التي حصلت عليها من صناديق الاقتراع الشعبي..
ويمكن للمعارضة أن تتخذ ما يحلو لها من القرارات، لكن في نهاية المطاف للبلد قوانين دستورية تحكمها.
حال المعارضة
* الخلافات المستمرة بين الحكومة وأحزاب المعارضة.. ما هي أسبابها وأبعادها الحقيقية؟
في طبيعة الحال اينما وجدت معارضة لا بد أن يوجد خلاف، ومعارضتنا السياسية في اليمن هي معارضة في بعض الأحيان واعية، وفي بعض الأحيان فيها تطرف تجاه كثير من القضايا.. بعض السياسيين في المعارضة فقدوا مواقعهم عندما كانوا في السلطة، حيث كان كل شيء تماماً بالنسبة لهم وكانوا يصفقون كما كانوا وديعين.. وكانت الأمور تسير على ما يرام.. لكن عندما خسر بعضهم مواقعهم في السلطة ربما انهم اتجهوا للمعارضة بكل شيء.. دعني أقول ان المعارضة من حقها أن تتخذ ما يروق لها، والخلاف هو أمر طبيعي، ولكن يجب ألا يتجاوز الثوابت الوطنية، ويجب أن ترجح فيه المصلحة الوطنية العليا.. والحمد لله الأخ الرئيس بحكمته وفطنته وحسه الوطني كثيراً ما تلتقي الحكومة والمعارضة.. وهذا شيء يحفظ لليمن استقراره.
الإعلام العربي
* ما هو تقيمكم للوضع الذي يعيشه الإعلام العربي ودوره في دعم ومساندة قضايا الأمة المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؟
أجد أن الإعلام العربي، مع الأسف إعلاما انفعاليا وإعلاما آليا، وفي معظم الحالات نتفاعل مع الحدث للحظات وأيام وأسابيع ثم تنطفئ جذوة الحماس في نفوسنا.. وأشعر أن الإعلام العربي منزو إلى الداخل.. صحيح أنه تحرر من القيود الرسمية إلى حدود بعيدة وأن هناك دولا يتمتع فيها الإعلام العربي بحرية لا بأس بها، وأن المناكفات التي كانت سائدة بين الإعلام العربي كانت مضرة.. لكن أقول بكل صراحة ان هذا الإعلام متجه إلى الداخل، أي أننا نوجه رسالتنا فقط للمواطن العربي، والمواطن العربي يدرك تماماً ما يحدث ويتألم لما يحدث.. لكن نحن عاجزون عن تقديم رسالتنا الإعلامية العربية لإبراز قضايانا وابراز هويتنا وما يتعرض له شعوبنا في فلسطين المحتلة من ظلم ومن جور من قبل العدو الصهيوني.. لم يستطع الإعلام العربي بكل ما يصرف عليه وبكل امكانياته وقواته أن يقدم الرسالة للمشاهد والمستمع الغربي، الذي لا يزال مع شديد الأسف يعتبر أن الطفل الفلسطيني هو طفل ارهابي.. وهذا أمر يؤسف له حقيقة ويندى له الجبين وأمر مخجل.. لكن أنا أشعر أن هناك نافذة للأمل عبر آخر مقررات وزراء الإعلام العرب بايجاد قناة عربية موحدة تبث للعالم العربي، وفي وجود الدبلوماسي النشط السيد عمرو موسى الذي يدرك أهمية الإعلام العربي.. واختياره للدكتورة حنان عشراوي كناطق رسمي لتقديم وجهة النظر الإعلامية تجاه قضايانا العربية هو قرار ذكي جداً.. أما الإعلام العربي بوضعه الراهن فما يزال ركيكاً في رسالته للغرب وما تزال آلة الإعلام الغربية متعاطفة إلى حدود الباطل مع الإعلام الصهيوني.. ولم ندرك بعد أنه يجب أن تكون رسالتنا جماعية، وأن مؤسساتنا الموجودة في اتحاد الصحفيين العرب واتحاد الاذاعيين والإدارة العامة للإعلام في الجامعة العربية يجب أن يبرز دورها الآن، ويجب أن تتوحد الجهود لأنه الآن ليس المستهدف هو فلسطين وليس المستهدف أطفال فلسطين، لكن كل ما هو عربي وكل ما هو إسلامي مستهدف بشكل وقح وبشكل فيه كثير من البشاعة والغطرسة.
الجامعة العربية
* هل هناك خطوات عملية بدأت في اتجاه انشاء القناة الفضائية العربية، والتي أكد عليها أيضاً البرلمانيون العرب في مؤتمرهم الطارئ الأخير؟
أولاً خذ عندك مثلاً اليمن دعت لهذا المؤتمر وخرج بمقررات ممتازة، وكان أقل ما يمكن في هذه الظروف الصاعقة الصعبة أن نعبر كبرلمانيين عن سخطنا لما يحدث في الأراضي المحتلة وعن تعاطفنا مع اخواننا لكن لاحظ الإعلام العربي كيف تجاهل هذا الحدث، ربما لأنه حدث في اليمن.. يعني أشعر أحياناً أن هناك تجاهلا لكثير من القضايا العربية. القناة العربية الآن أسندت هذه المهمة إلى الجامعة العربية لتحدد كيف سيتم تمويلها وما هي مهمتها بالتحديد واللغة التي ستبث بها، رداً على قناة أعتقد أن إسرائيل تفكر في اطلاقها في المنطقة العربية.. وهناك حماس من وزراء الإعلام في الدول الخليجية الشقيقة وفي مصر والدول الأخرى.. أيضاً أعتقد أن اتحاد الاذاعات العربية سيلعب دوراً كبيراً في هذا الاتجاه.. وأرجو ألا يطول الانتظار لهذه القناة.. وعلى صعيد آخر أيضاً القنوات العربية مطالبة بأن يكون لها دور، إلا أنها مع الأسف اتجهت إلى المسابقات وإلى برامج الترفيه، ولم تتجه إلى مناقشة هذه القضايا بجدية، أغرقت نفسها في الترويج، والترويح المبتذل أحياناً.. هذه القنوات لم تخدم القضايا العربية وإنما أصبحت قنوات أزياء ومسابقات وبالذات القنوات الخاصة التي لم تقدم قدوة ممتازة.
موقف خطير
* فيما يتعلق بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية وما تشهده من تطورات خطيرة.. كيف ترون الموقف؟
الموقف خطير.. وكما نشاهد ونسمع ونرى الوضع ينذر بالخطر تماماً، ونشعر بالحزن والأسف.. رغم أننا في اليمن لقيادتنا السياسية مواقف شجاعة لا ينكرها أي منصف أبداً.. لكن نشعر أن العرب ينتظرون أن يشنقوا فرادى.. وسيأتي دورنا واحداً بعد الآخر.. ما يتعرض له الآن المسجد الأقصى وما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاغتيالات التي تتم يومياً.. وقتل الأبرياء والأطفال، هو أمر خطير للغاية.. وأعتقد أنه من المهين للعرب جميعاً بامكانياتهم وبتعداد سكانهم وبأموالهم أن يظلوا صامتين ازاء هذا الوضع.
صدق النوايا
* الرئيس ياسر عرفات دعا مؤخراً إلى عقد قمة عربية استثنائية.. في نظركم هل يمكن لهذه القمة فيما لو عقدت أن تأتي بجديد يفيد الشعب الفلسطيني أو القضية الفلسطينية؟
المبادرة التي قدمتها الجمهورية اليمنية في انتظام القمة العربية هي واحدة من الحلول المفيدة.. والانعقاد السنوي للقمة يمكن أن يحل كثيرا من القضايا ومن وجهة نظر شخصية لأن مثل هذا السؤال يمكن أن يوجه لوزير الخارجية، أعتقد أن المسألة ليست في موضوع الاجتماعات، المسألة هي في قضية النوايا، فإذا ما توفرت النوايا يمكن أن ندعم الجامعة العربية ونتركها تقوم بمهامها، ويمكن أن ندعم ما يسمى بمجلس الدفاع العربي ويقوم بمهامه، ويمكن أن ندعم ما يسمى بمجلس الاقتصاد العربي ويقوم بمهامه.. لدينا منظمات جاهزة بتشريعاتها وهياكلها وموظفيها.. فالمجلس الاقتصادي يمكن أن يقوم بمحاربة السلع الأمريكية والإسرائيلية والسلع الأوروبية المتعاطفة، ومجلس الدفاع يمكن أن يفكر بخطط بديلة إذا ما تعرضنا للخطر.. وأنا أعتقد أن هناك خطراً قادماً أكثر مما هو الآن.. والقمة العربية الطارئة واحدة من الحلول إذا ما التأمت، ووجدت نوايا صادقة.. لكن أحياناً تلتئم القمم العربية الطارئة وتزرع في نفوسنا مع الأسف المزيد من التشاؤم والمزيد من الحيرة، فإذا لم يكن هناك قرارات فاعلة وصارمة أرجو ألا نجتمع لأن هذا يزرع الاحباط في نفوس الشباب والأطفال الذين يقاتلون العدو في الأراضي المحتلة بالحجارة وبأسنانهم.
طرق عديدة
* إذاً ما الذي يمكن عمله للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته؟
هناك عدة طرق.. الجامعة العربية لديها تصورات لهذا الاتجاه.. الرئيس علي عبدالله صالح طرح في القمة وطرح أكثر من مرة أنه يجب أن يكون لنا تحرك فعال.. وفي محاضر الجامعة العربية ما يكفي لو نفذ في هذه القضايا.
مواقف السعودية
* وكيف ترون موقف المملكة العربية السعودية بالنسبة لهذه القضية الفلسطينية؟
موقف المملكة العربية السعودية موقف ايجابي ومشجع وسمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز له مواقف شجاعة حتى تجاه الأمريكيين في التحدث بوضوح وبصوت عال، انه لا تفريط في حقوقنا العربية، وان ما يتعرض له أهلنا في فلسطين هو ظلم وجور.. والرئيس علي عبدالله صالح أشاد خلال قمة عمان بما قدمته المملكة العربية السعودية من دعم سخي.. ومواقف المملكة دائماً في الطليعة في نصرة الأشقاء في فلسطين وهي مواقف ايجابية.
لكن أعتقد أنه رغم ما يبذل في هذا الاتجاه ما لم تكن هناك مواقف جماعية وإذا لم يقدم كل واحد ما لديه فلن نصل إلى أهدافنا.
أيضاً تلك الاتفاقيات السياسية التي تكبلنا أعتقد انه يجب إعادة النظر فيها الآن.. وأنا أخشى أن ننتظر وأن نتفاءل أكثر من اللازم بأن أمريكا التي لم تعد محايدة في الموضوع ستقوم بواجبها..
لكني أرى في الأفق أن السياسة الأمريكية أصبحت سياسة متطرفة وغير متزنة.. وهي سياسة تقود حتى الولايات المتحدة الأمريكية إلى مواقف عدائية مع الأسف من شعوب المنطقة.. وما يحصل هذا دليل واضح على أن تقديرات السياسة الأمريكية هي تقديرات خاطئة.. وهناك منصفون وباحثون وسياسيون وصحفيون داخل الولايات المتحدة يقولون ان أمريكا ترتكب حماقات في المنطقة وانها لا تتعامل مع الأمور بمنطق العقل والحياد.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved