أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 13th August,2001 العدد:10545الطبعةالاولـي الأثنين 23 ,جمادى الاولى 1422

عزيزتـي الجزيرة

صورة من الزمن الجميل ومواقف الرجال
عادة ما يحن الناس الى الماضي، ويتمسكون بذكرياته بحميمية.. ومعهم حق في ذلك، فهي تمدهم بالدفء النفسي عن الأيام الخوالي من حلاوة التعب لأجل العيش.. وراحة البال في زمن الصفاء والتكاتف والتآزر، قبل أن يداهمنا عصر العولمة المادية والعزلة النفسية رغم زحام الحياة وجمود المشاعر ورغم رغد العيش والقلق والتوتر.. رغم توفر وسائل الراحة.
نعم شتان بين هذا.. وذاك. وقد عشت بنفس ذلك العصر الجميل.. ولا أدري اذا كان الحاضر سيكون لدى الاجيال الجديدة بعد ذلك ماضيا عزيزاً يحنون إليه، وسيكون بعد عقود من الزمن أفضل من حياة ذلك الزمن القادم.. أم سيستفرقهم الزمن القادم بملهياته ومتاعبه وضغوطه تماما كما نشكو نحن حاضرنا مقارنة بماضينا ودفئه. أقول ذلك وانا اتذكر ملامح ناصعة لأيام الماضي وذكريات الصبا ومسؤولية العمل.. والتعب الجميل، والعلاقات الأجمل. والمحبة الصادقة بين الناس. أتذكر الشيخ احمد الجفالي وكيف بدأت معرفتي به في احد اللقاءات الصحفية التي اجريتها معه كشخصية اقتصادية واجتماعية بارزة، كان ذلك في بداياتي الصحفية في السبعينات وكان هو يخطو نجاحات تجارية موفقة ولكن عرفت صفاته قبل اجراء هذا الحوار من خلال تبرعاته الانسانية غير المعلنة والذي يصر على عدم التوضيح او الكتابة عنها. كان الرجل حبه للخير الى ابعد الحدود رحمة الله عليه وهذا الغيض الذي كان يعمر قلبه ويغمر نفسه تجاه اصدقائه ومعارفه ومحبيه والعاملين معه. لقد كان ذكي النفس.. كريم السجايا والمناقب. وظل على العهد بمحبته للقريب والبعيد حتى أنسته افئدة من تعامل معه، ناهيك عمّن عرفوه واحبوه حتى بعد وفاته، لقد كان احمد الجفالي حاضر الموقف والبديهة وكثيراً ماكان يثري هذه المحبة بمداعبات وقفشات ودودة وأذكر عندما كنت أقابله في احدى المناسبات وأجلس بجواره كان يقول لي ياكتوعه اصدقني القول هل انت اكبر مني سنا فأقول له ياشيخ احمد انا طالب في المدرسة وانت ماشاء الله تدير اعمالك فمن الاكبر سنا من الثاني فيقول لا انت اكبر مني ويضحك رحمه الله، ان الزمن لا يعود الى الوراء.. ولكن سمات وشيم الرجال هي التي تحافظ على ما عهدته اجيالنا صفاء النفس.. وتعيد لحياتنا المعاصرة جمالها حتى لا تسرق مشاغل العصر المادي أعمار الاجيال.. وتحاصره بتقنيات العزلة وتفخم الذات. واخشى أن يأتي يوم لانجد فيه للتواضع والتزاور والتواصل موطئا ومكانا في النفوس.. وليت الآباء يتمسكون بالعادات الاجمل ليغرسوها في نفوس ابنائهم.. ففي ذلك بعد رحمة الله وتوفيقه الخير لأجيالنا ولأسر ابنائنا ومستقبلهم الاجتماعي. فقد توفرت كل وسائل الاتصال والتقارب.. ومع ذلك تباعد الناس وتجافت القلوب.. وقد حثنا ديننا الحنيف على معاني الرحمة والتقارب والمحبة والترابط كالجسد الواحد.
وفي علاقاتنا وسنوات عمرنا تظل السيرة العطرة لشيم الرجال هي الباقية لانهم قدموا الصالحات وتفانوا في حب الوطن وحب الآخرين.. نعم تذكرت كل هذه المعاني في شخص الراحل الشيخ احمد الجفالي رحمه الله، وان شاء الله ارجو أنني اراها من جديد في شخص ابنه الشيخ وليد احمد الجفالي وفقه الله وكم نحن بحاجة الى هذه النماذج لتقدم للاجيال ما يربو من خلاله الأجمل في الحياة جيلا بعد جيل.
حكمة.. استعن بالله
كل عسير اذا استعنت بالله فهو يسير، وكل يسير اذا اعتمدت فيه على نفسك او احد من خلق الله فهو عسير.
مصطفى محمد كتوعه

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved