أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 17th August,2001 العدد:10550الطبعةالاولـي الجمعة 27 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

مشاعر زائر من الشرق.. حضارة وإسلام
د. محمد بن سعود البشر
بعد اثنين وستين عاماً رأى الكعبة .. دخل المسجد الحرام بعد منتصف الليل محرماً بالعمرة، زائراً للبيت، مبتهلاً بالدعاء، رافعاً أكف الضراعة الى اللّه، ودخل أفياء الحرم المكي في الثلث الأخير من الليل ورأى المشهد الإيماني:
معتمرون وزائرون يطوفون بالبيت.
ركع وسجود خلف المقام وبين سواري الحرم.
بشر يهرولون في السعي بين الصفا والمروة.
ظمأى على أعتاب بئر زمزم.
متهجدون يرتلون القرآن في طمأنينة وخشوع.
رفع صوته الى السماء وهو يؤدي مناسك العمرة ليشنف سمعه باذان الفجر، ذلك النداء الذي طالما تردد في أذنيه عقوداً من الزمن عاشها تحت نشر الشيوعية ولهيب وطأتها.
هذه المشاعر تحدث عنها رجل مسن من إحدى الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي سابقا، قدم الى المملكة في زيارة عمل، قابلته في الرياض، وأبدى اشتياقاً لزيارة مكة المكرمة والتعرف على المشاعر المقدسة، فما كان من الزملاء إلا أن بادروا بالاتصال على أهل مكة ليستقبلوه، ويعينوه على أداء مناسك العمرة، والتجول به في منى وعرفات والمشعر الحرام. فلما عاد الى الرياض قال: لقد زرت أكثر من مائة بلد في العالم، ولكن زيارتي للمملكة تركت في قلبي ووجداني أثرا لن أنساه ما حييت، وقال: «لقد عرفت معنى أن أكون مسلماً» وهي عبارة قالها صادقاً كادت عيناه أن تذرف الدمع وهو يرددها.
هذا الزائر عضو فاعل ومؤثر في مجلس الشيوخ في برلمان تلك الجمهورية، تقلب في عدد من المناصب الاقتصادية والسياسية، وعاش فترة من الزمن مسؤولا في حكومة الاتحاد السوفيتي السابق، تشبع بالنظام الشيوعي، لكن الفطرة والانتماء للإسلام لم تزل بذورها في قلبه ووجدانه، لكنها هوية لم يستطع أن يسفر عنها أو يتحدث بها آنذاك.
إن أشد ما لفت انتباهه ونال إعجابه ذلك الاهتمام الذي أولته حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بمكة «الحرم» ومكة «المسجد» والمشاعر المقدسة، والأمن الذي تعيشه المملكة. وقال إن ذلك من نعم اللّه التي منّ بها تعالى على بلادكم، أرض الرسالة، ومهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وقد رأيت الإسلام في الرياض كما رأيته في مكة، مساجد يذكر فيها اسم اللّه، وأناس بين غاد ورائح لهذه المساجد، وزاد إعجابي بكم وبالمملكة عندما تجولت في الأسواق والمراكز التجارية الضخمة ثم أغلقت المتاجر لأداء صلاة العشاء، وهي ظاهرة لم أشاهدها في البلاد العربية أو الإسلامية التي زرتها.
تجولت في شوارع الرياض الفسيحة ورأيت البنايات الضخمة، والسيارات الفارهة.. وفيها النساء المحجبات.. أنتم تعيشون في هذا العالم بثقافة مميزة.. بلادكم تعيش حضارة بإسلام.
هذه مشاعر زائر من الشرق.. وهو مسلم لكنه ولد وتربى في ظل الثورة الشيوعية .. وقد ذكرني حديثه بوفد قدم الى المملكة من جامعة هارفارد الأمريكية قابلتهم في ساعاتهم الأخيرة في الرياض وسألت أحدهم:
ما الانطباع الذي تركته زيارتك للمملكة؟
فقال:
الإسلام متجذر في حياة الشعب.. أود أن يفهم ذلك مثقفو الغرب.
إنها كلمة غنية عن كل تعليق.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved