أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 17th August,2001 العدد:10550الطبعةالاولـي الجمعة 27 ,جمادى الاولى 1422

شرفات

رؤى مستقبلية
كيف سيغيِّر العلم حياتنا في القرن الـ 21
إجابات لـ «150» عالماً في عشر سنوات
سيتلاشى الحاسب الشخصي وسيكون مثل الأوراق المهملة من 6 آلاف لغة سيبقى 600 لغة على الأكثر والباقي سيتلاشى
كان للعلم والثقافة أثر بارز في حياة الانسان وتطوره على مر العصور، وتدل التجربة على تقدم الأمم التي اعتمدت على العلم في بناء حضارتها، وتخلف تلك التي لم تدرك اهميته، ولقد شمل القرن العشرون تراكماً علمياً ضخماً شمل كل مناحي الحياة. فإلى اين يقودنا العلم في القرن الواحد والعشرين؟ هذا السؤال طرحه د. ميتسيو كاكو في كتابه «رؤى مستقبلية» كيف سيغير العلم حياتنا في القرن الواحد والعشرين وترجمة د. سعد الدين خرفان في اطار سلسلة عالم المعرفة.
«الكتاب من الكتب الجادة التي تتصدى لمستقبل العلم في القرن الحادي والعشرين، وقد قابل مؤلفه ميتسيو كاكو، وهو احد علماء الفيزياء البارزين ومؤلف كتاب القضاء المتعدد الأبعاد الذي كان الأكثر مبيعاً في العالم والحائز على جائزة «نوبل» قابل 150 عالماً على مدى عشر سنوات، وبناء على آرائهم وتجاربهم وبحوثهم استقرأ الاتجاهات التي سيسير عليها العلم في القرن الحادي والعشرين ويعتمد الكتاب في تحليله العلمي على تقسيم التقدم العلمي الى ثلاث ثورات وهي الثورة المعلوماتية والثورة البيو جزئية وثورة الكم، والأهم من ذلك انه يشير في اكثر من موضوع الى انتهاء عصر التخصص والاختزال في العلم، وبداية مرحلة جديدة تتصف بالتعاون المثمر بين المجالات المختلفة وتلاقح الثورات الثلاث «والكتاب يأتي في ستة عشر فصلاً يبدأها بما قاله نيوتن منذ ثلاثة قرون حين قال: أبدو لنفسي كما لو انني صبي يلعب على شاطئ البحر، تلفت انتباهه من فينة الى أخرى حصاة او صدفة اجمل من العادية، بينما يمتد محيط الحقيقة العظيم امام ناظريه دون اكتشاف» في تلك الفترة التي كان يتحدث فيها نيوتن عن محيط المعرفة الواسع الممتد امامه كانت قوانين الطبيعة مغلفة بحجاب كثيف من السرية والغموض والخرافة، فالعلم كما نعرفه اليوم لم يكن عندئذ موجوداً.
في الجزء الأول من الكتاب ناقش المؤلف التطورات المهمة التي تنتظرنا من ثورة الكمبيوتر والتي بدأت منذ مدة تغير شكل الحياة واساليب الاتصالات ويرى ان الكمبيوتر سيكون قوة محررة في حياتنا وكما يقول فايزر: ستجعل الآلات التي تناسب بيئة الانسان استخدام الكمبيوتر، عملية ممتعة تشبه التريض في الغابات، بدل ان تجبر الانسان على دخول عالمها، وسوف تتواصل هذه الآلات المنتشرة مع بعضها البعض، وستصبح تدريجيا ذكية، ويمكنها ان تتوقع رغباتنا، كما يمكنها عن طريق الاتصال بالانترنت ان تجلب حكمة الكوكب كله الينا، ان النتائج المترتبة على هذه الرؤية مذهلة، ان الكمبيوتر الشخصي سيكون مجرد آلة حاسبة، بل سيتلاشى الكمبيوتر الشخصي ومحطة التشغيل على المدى البعيد، لأن مكوناتهما ستكون منتشرة في كل مكان: على الجدران، وحول معاصم الايدي، وفي اجهزة مهملة «تماماً مثل الاوراق المهملة» موزعة في اماكن مجاورة لنا وجاهزة للالتقاط حسب الطلب.
ويرى المؤلف ان ثورة الكمبيوتر تثير روايتين مختلفتين تماماً للمستقبل: الأولى هي لمستقبل من التفوق والرغد، ولعالم من الاتصالات الفورية والمعرفة غير المحدود والخدمات التي لاسبق لها والتسلية التي لاحدود لها وهناك رؤية اخرى تنحو الى التشاؤمية مفادها ان اجهزة الكمبيوتر يمكنها ان تساعد على تحقيق عالم مرعب تتحكم فيه حكومة شمولية بكل نواحي حياتنا، حيث يمكن التحكم في المجتمع بالحكم الصارم للأخ الأكبر، وبجيش من المميزين والمراقبين، ويمكن كتابة التاريخ على هوى او مزاج طبقة بيروقراطية قاسية وانانية تتحكم في تدفق المعلومات.
عالم الجزئيات
ويتحدث المؤلف في الجزء الثاني من الكتاب عن الثورة التي يشهدها عالم البيولوجيا الجزئية والتي ستعطينا في النهاية القدرة على تعديل وتخليق اشكال جديدة من الحياة وصناعة ادوية وطرق علاج جديدة، ويرى انه طبقاً لرؤية «كولينز وزميله والتر جيلبرت» الحاصل على جائزة نوبل ان السيناريو المتوقع من الآن وحتى نهاية 2020 في حدود عام 2005 سيفك مشروع الجينوم البشري رموز 100 ألف جين او مايقارب من ذلك، لشكل الجينوم البشري، مما يحل هذه الاسرار المسجونة في حياتنا منذ ملايين السنين، ولأول مرة سيتمكن العلماء من رؤية الشفرة الجينية الكاملة للبشرية حتى عام 2030 يدعي جيلبرت «سيمكنك الذهاب الى صيدلية والحصول على تسلسل ال«د.ن.أ» الخاص بك على قرص مدمج حيث يمكنك بعد ذلك فحصها في منزلك وعلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك».
ويتحدث «كاكون بعد ذلك عن مولد علم جديد: البيولوجي الحاسوبية حيث يرى ان مشروع الجينوم البشري هو البداية فقط لعلم جديد تماما ان هذا يحول البيولوجيا الى علم معلوماتي، ان الكثير من البيولوجيين يعتبرون الحصول على سلسلة عملية حملة، ولكن من جهة نظر علم الكمبيوتر اسئله خوارزمية «لو غاريثمية» ضخمة ومن الدرجة الأولى.
ونتيجة لذلك يرى المؤلف انه سيأتي الوقت الذي تستخدم فيه رصاصات سحرية، لمعالجة السرطان بالطريقة ذاتها التي نعالج بها اليوم عدداً من الامراض المعدية عن طريق اللقاحات والمضادات الحيوية.
حضارة كوكبية
وفي الجزء الثالث والاخير من الكتاب يتحدث المؤلف عن حضارة كوكبية، حيث ان حضارتنا على الارض حضارة من النوع صفر، ولا نزال متفرقين على نحو يبعث على اليأس الى امم متنازعة ومنقسمين بعمق بحسب العرق والدين والامة، ولايزال استغلال المحيطات او التحكم في المناخ امراً مستحيلاً، ان العالم في الوقت الحاضر يعاني اتجاهين متعارضين فالعالم اصبح اكثر انقساما بسبب سيطرة الحروب الاهلية والعرقية، والمصالح الوطنية الضيقة على اجزاء عديدة من العالم وفي الوقت ذاته اصبح العالم اكثر توحداً.
ويرى المؤلف انه في القرن الحادي والعشرين سوف تسود لغة واحدة وثقافة واحدة للعالم بحكم الامر الواقع فعلى الرغم من وجود حوالي 6 آلاف لغة يتكلمها البشر على سطح الارض فخلال القرن الحادي والعشرين يمكن ان يختفي 90 في المائة او اكثر من تلك اللغات، وسوف نعيش فقط مابين 250 الى 600 لغة من بينها على سبيل المثال اللغة الانجليزية.
وكما بدأ المؤلف كتابه بمقولة نيوتن وهو يقف امام البحر لايدرك الكثير من اسراره فقد اختتم كتابه بذلك حين يقول ان هذا البحر الذي وقف امامه نيوتن اليوم قد اعطى الكثير من اسراره وهناك الآن محيط جديد ينكشف امامنا وهو محيط مدهش من الاحتمالات والتطبيقات العلمية وربما نرى خلال سني حياتنا عدداً من هذه الانجازات يتحقق امامنا.
ان هذا الكتاب يقدم للقارئ المثقف مادة مشوقة تفتح عينيه على الاحتمالات الهائلة للعلم في المستقبل وتطلعه على مايجري في المعامل ومراكز البحوث العلمية العديدة المنتشرة في العالم.
حمزة سعد

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved