أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 19th August,2001 العدد:10552الطبعةالاولـي الأحد 29 ,جمادى الاولى 1422

مقـالات

شدو
العلم نور وظلام (5 - 5)
د . فارس الغزي
ناقشت في المقالات السابقة ما للعلم من قدرة على إرخاء سدول ظلام الجهل كما هي قدرته على بث أنوار الحقائق..، ومن وحي هذه العبارة استكمل استعراض الدروس المستفادة على شكل نقاط مختزلة فأقول:
* * إن أخلاقيات العلم تتعدى في الحقيقة المعنى المثالي المجرد للأخلاق لتعني طريقة الحياة علميا وعمليا، الأمر الذي يعني أن غيابها عن مجتمع الطالب الدراسي، يؤدي لا شك إلى غيابه عن بيئته العملية وذلك بعد أن يتخرج ويضحي عضوا مجتمعيا بالممارسة. فهذا الانفصال أو الانفصام بين المجتمع والمؤسسة التعليمية بوصفها امتدادا لمؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى في المجتمع ، يجعل من هذه المؤسسة التعليمية عبئا اجتماعيا يضاف إلى أعباء المجتمع الأخرى..، فالجامعة ليست انعطافة أو (تحويلة!) من واقع قيمي إلى واقع آخر..، فهي مؤثر ومتأثر بواقعها الاجتماعي الذي تنبثق منه لتعود إليه. ولهذا يصح القول إنه من أخلاقيات العلم إطلاق سراح العلم الجامعي وانقاذه من براثن البيروقراطية الإدارية المثبطة/المحبطة.. في أروقة جامعاتنا، لا سيما في ظل ما يشهده عصرنا هذا من تعدد مصادر استقاء العلوم واكتساب المعارف.
* * إن من ضمن ما يمكن اشتقاقه من فوائد حقيقة ( ظلامية) العلم هو أهمية العلوم الإنسانية في أنسنة الإنسان وتطويعه وبثه بالقيم الفكرية والسلوكية اللازمة للتعامل والتفاعل الإيجابي مع (إنتاج) العلوم الطبيعية، فبغض النظر عن انعكاسات فجائية حدوث الظروف الوظيفية القائمة في مجتمعنا الآن، وتأثير ذلك سلبا فيما يتعلق بالنظرة إلى العلوم الإنسانية، فردة الفعل غير الموضوعية هذه لا تنفي حقيقة أن إنتاج علوم الهندسة والميكانيكا على سبيل المثال يعادله في الأهمية (الإنتاج) الاجتماعي للوعي والقيم والمبادئ اللازمة للتعامل الإيجابي مع مثل هذا الإنتاج، وهذا أمر لا تقوم به سوى العلوم الإنسانية، فمن المعلوم أن العلوم الإنسانية قد اضطلعت بدور المروض للطبيعة البشرية بعد أن حفزت بل حرضت الإنسان الأوروبي على استخدام عقله، مما قاده إلى إعلان ثورته الصناعية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، فالتعامل من ثم مع سلبيات تلك الثورة بكل موضوعية وذلك بفعل ما أحدثته العلوم الإنسانية من صياغة جديدة في آليات وطرائق تفكيره من استقراء وأنسنة وعقلانية.
* * أخيرا، فكرة قد لا يوافقني عليها الكثير ومع ذلك سأدونها هنا فحواها أن قدرنا مع الغربيين أن تكون الحرب معهم سجالا، وما أن موضوعنا هذا يتعلق بظلامية العلم فالسؤال هو: هل لدينا أي خطط (حربية/ نفسية) لمكافحتهم.. هل نعرفهم قدر معرفتهم لنا..؟ فالحرب كما في قوله عليه الصلاة والسلام خدعة، والفاروق عمر رضي الله عنه يقول: «معرفتك للشر حري أن لا تقع به».. عليه فيا حبذا لو بادرنا بمكافحة (شرورهم هذه) من الآن بإتاحة الفرصة البحثية والمعملية للمختصين في مجالات العلوم الإنسانية (لمعرفة) الوجه الآخر المظلم من العلم علميا .. ولم لا؟ .. ؟! فليس ثمة ما يكافح القادم المجهول مثل الاستعداد لملاقاته، على غرار المثل العامي القائل: (لاق الصياح بالصياح تسلم).. هنا بنهاية هذه المقالة أحب أن أذكر القراء الكرام بأن (شدو) ستتوقف عن الركض الفكري لبعض الوقت.. فإلى اللقاء مرة أخرى إن شاء الله.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved