أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 19th August,2001 العدد:10552الطبعةالاولـي الأحد 29 ,جمادى الاولى 1422

عزيزتـي الجزيرة

ماذا يعني مستقبل أطفال التوحد..؟
عندما يرزق الإنسان بطفل أي طفل لابد أن يخطط لمستقبل هذا الطفل فيضع الأهداف والآمال، وبمرور الأيام يحاول دفع ابنه إلى تلك الأهداف التي اختارها له.
إذا كان مستقبل الأطفال العاديين يسبب قلقاً لأسرهم من باب أولى أن يسبب مستقبل أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قلقاً أكبر، لكن ماذا نعني بالمستقبل؟ هل هو التعليم أو الوظيفة أو الزواج، وهل لذوي الاحتياجات الخاصة نفس المستقبل أم أنه يتفاوت من شخص إلى آخر بسبب قدرات الفرد؟.. لقد شاهدنا وسمعنا عن فئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن لديهم إعاقات سمعية أو بصرية أو حركية يعملون في مجالات مختلفة ويمارسون حياتهم العادية كأشخاص عاديين عندمايحصلون على حقوقهم التعليمية والمهنية، إلا أن هناك فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة لايزال مصير مستقبلهامجهولاً، إنهم أطفال التوحد.. فكثيراً ما يكتب ويتداول بما يتعلق بالأطفال التوحديين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماهو مصير هؤلاء الأطفال عندما يكبرون؟ ولماذا نلاحظ قلة مايكتب أو يتداول عن التوحديين البالغين؟.. الجواب يكمن في سببين، السبب الأول: ان التوحد لم يكتشف إلا حديثاً وبالتالي ان غالبية الأطفال التوحديين لم يصلوا إلى مرحلة البلوغ.. أما السبب الثاني: فهو عدم وجود إحصائيات أو دراسات تتعلق بأعداد الأطفال التوحديين وتتبع حالاتهم في الوطن العربي. أما في الدول المتقدمة في مجال التوحد والتي كان لها السبق في هذا المجال فقد أظهرت دراسات المتابعة التي أجريت على بعض أولئك الأطفال التوحديين أنهم قد يكملون دراستهم الجامعية ويعيشون حياتهم العادية إلى حد كبير إذا كان التوحد الذي لديهم حالة سبيرجر «توحد بسيط» على سبيل المثال «تمبل كاردن» امرأة لديها توحد وهي تعمل الآن أستاذ مشارك في جامعة كولورادو وأيضاً «دانا وليز» لها أكثر من كتاب عن التوحد، ويلاحظ في المؤتمرات العالمية يكون هناك متحدثون لديهم توحد.
ياترى ماهو مصير البالغين أو شباب التوحد في المملكة، يلاحظ ان مايشغل تفكير الأسرة أنه هل يمكن ان يتزوج ويعمل كأقرانه العاديين؟.. سئل الدكتور طارش الشمري عن إمكانية الزواج وما شروط ذلك فأجاب قائلاً: زواج التوحد من حيث المبدأ ممكن لكن يعتمد علي عدة أمور منها مستوى قدرات الفرد المعرفية والإدراكية والقدرة على تحمل المسؤولية، فإذا توفرت متطلبات تحمل مسؤولية الزواج من وظيفة وقدرة القيام بالواجبات الأسرية وما يترتب عليها، فمن حيث المبدأ ممكن، ليس هناك مايمنع زواجهم إلا ان الأغلبية العظمى من الأفراد التوحديين في العالم لم يتزوجوا، انتهى كلامه.
أما ما يتعلق بالعمل والتأهيل المهني فهو جانب مهم جداً خاصة تلك البرامج التي تقوم على المنهج السلوكي وتعديل السلوك، فالجانب المهني مهم جداً في برنامج الطفل التوحدي فهو ينمي الجانب الاجتماعي والجانب التواصلي وجانب العناية بالذات وتهيئة الفرد عندما يبلغ مرحلة الرشد بان يكون لديه مهنة، فالمجالات التي يمكن ان يعمل بها الأطفال التوحديون عندما يصبحون كباراً تعتمد على قدراتهم وإمكاناتهم وعلى مايتوفر لهم من خدمات لتدريبهم على مهن معينة ويمكن ان يعملوا في مجالات مختلفة منها العمل في تنسيق الحدائق والعمل في تصنيف وفرز الأشياء كالورق والعمل في مجالات الفن التشكيلي والعمل في تصنيف الكتب في المكتبات العامة وتجليد الكتب والأشغال اليدوية والعمل في مجال النجارة، إلا أنهم لا يستطيعون العمل في مجال التفاعل مع الآخرين نظراً لقصور التفاعل الاجتماعي مثل موظفي الاستقبال.
لكنهم لن يستطيعوا العمل إلا بعد التدريب وهذا يحتاج إلى مراكز متخصصة للتأهيل المهني تخدم فئة التوحد وإلى برامج تأهيل مهني داخل مراكز رعاية أطفال التوحد، وبالرغم من وجود مراكز أهلية تقبل الأطفال التوحديين إلا أن أغلب تلك المراكز لا تقبل سوى الحالات البسيطة أو المتوسطة والأعمار الصغيرة ولا تشمل البالغين أو من هم في سن المراهقة، هذا من جانب التأهيل والتدريب.. أما من الجانب الآخر والأهم وهو مجال التوظيف فالأمر يحتاج إلى توعية القطاع الحكومي والخاص على كيفية التعامل والأسلوب الصحيح مع فئة التوحد، إن إقناع أصحاب العمل وتقبلهم لفئة التوحد والتزامهم بمبدأ إتاحة فرصة العمل لكافة فئات ذوي الاحتياجات الخاصة سيؤدي إلى زيادة فرص العمل أمام التوحديين. في الولايات المتحدة الأمريكيةعلى سبيل المثال يلاحظ إعفاء أصحاب العمل الذين يساهمون في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة من الضرائب فمن باب أولى أن يساهم مجتمعنا الإسلامي في توظيفهم وتقديم الحوافز والأولويات للقطاعات المساهمة في توظيفهم لأن ديننا الحنيف يحث على فعل الخير والتعاون، الجدير بالذكر ان الاتجاهات التي تسود في المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة يكون لها دور فعال في نجاح توظيفهم.وأخيراً لكي نحقق آمالنا ومستقبل أطفالنا لابد من العمل الجماعي والتخطيط للحصول على جميع حقوق فئة التوحد للاندماج في المجتمع من برنامج التدخل المبكر حتى مجال العمل.
عبدالله محمد الرشيد
جامعة الملك سعود كلية التربية تربية خاصة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved