أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 19th August,2001 العدد:10552الطبعةالاولـي الأحد 29 ,جمادى الاولى 1422

العالم اليوم

أضواء
غربة المفكرين .. وأريحية الحكام
جاسر عبد العزيز الجاسر
ما أشد ألم الإنسان حين يجد نفسه محروماً من العودة إلى بلاده .. وتكون الآلام أشد حينما يكون ذلك الإنسان من الشخصيات العامة التي خدمت بلادها وتركت بصمة في تاريخها السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.
محمد المزالي رئيس الوزراء التونسي الأسبق واحد من هؤلاء الشخصيات العربية العامة التي عانت العيش في الغربة طوال عقد ونصف من السنين، وبعيداً عن المواقف السياسية والخلافات التي اجبرت الاستاذ محمد المزالي على مغادرة تونس سراً على الجزائر تاركاً منصب الوزير الأول مختاراً الغربة على المنصب التنفيذي الأول، فأسباب تلك الخطوة والخلافات السياسية لها المؤرخون إلا أن الذي يدفعني للكتابة عن قرب عودة محمد المزالي.. المصير الذي ينتظر كبار الساسة والمفكرين حينما يختلف أهل البيت..والدافع الثاني شخصية محمد مزالي نفسه .
أما الدافع الثالث فهي روح التسامح الذي يكاد يكون طابعاً للمجتمع التونسي والذي ينهجه الحكم التونسي الآن.
نعود للدافع الأول ونقول انه كمأساة وأكثر أن يضطر مفكر وسياسي أن يهرب من بلده بعد أن يعجز في صد أو مواجهة مؤامرات ومكائد أهل الحكم، تلك كانت الحالة التي فرضت على مزالي الهرب من بلاده.. وبرأيي أن واحداً مثل مزالي لا يجيد نسج المؤامرات ولا صنع المكائد ففضل التخفي بالليل وترك المكائد لأهلها .. وكثيرون من أمثال مزالي وفي بلدان الدول النامية لجؤوا إلى مثل طريقته خاصة إذا كانت النزعة الفكرية والتركيب الثقافي لصاحب الشخصية يطغيان على تأسيسه السلطوي ان جاز التعبير.
ومحمد المزالي للذي لا يعرفه من هذا الجيل الذي ربما قد نساه، فهو مفكر يعتبر من الرعيل الوطني الذي رافق الحبيب بورقيبه، ويعد واحداً من التونسيين الذين عملوا واجتهدوا لتغليب الثقافة العربية ونصرتها ضد تيار الفرنسة أو الفرانكونية، اضافة إلى ذلك فالرجل من الشخصيات الرياضية العالمية ويحتفظ بالعضوية الدائمة باللجنة الأولمبية الدولية، فوق هذا وذاك فهو كاتب ومفكر عربي كثيراً ما أمتع قراء العربية والفرنسية بكتاباته وابحاثه.
وإذا تأخر عودة محمد المزالي كثيراً لبلاده تونس، فالحق يجب أن يقال بأن الحكم الحالي في تونس ليس مسئولاً عن هذا التأخير، لأن الاستاذ مزالي كان يشترط اسقاط أحكام صدرت ضده وإعفاءه من المثول أمام القضاء وتلك اشكالات ومعاضل قانونية وما كانت الدولة التونسية تريد خوضها حتى تقادم العهد على تلك الأحكام وتم تسويتها ليعلن وعن طريق أمين عام الحزب الحاكم من خلال تلفزيون الدولة بأنه لا يوجد مانع سياسي أو قضائي من عودة محمد مزالي لتحسب هذه الخطوة للرئيس زين العابدين بن علي بعد اطلاق سراح الناشرة سهام بن سدرين والغاء التدابير العقابية المتخذة ضد القاضي مختار اليحياوي الذي هاجم المؤسسة القضائية في تونس.
وهكذا إذا كان من الوفاء الترحيب بعودة الأستاذ محمد مزالي إلى وطنه .. وهو الذي تعلمنا منه كثيراً من كتاباته وأبحاثه.. فان الواجب شكر الرئيس زين العابدين بن علي على أريحيته وتمكينه لمفكر عربي من العودة إلى بلاده مكرماً.
jaser@al-jazirah.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved