أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th August,2001 العدد:10553الطبعةالاولـي الأثنين 1 ,جمادى الثانية 1422

العالم اليوم

أسلاك شائكة وأنوار كاشفة وتفتيش يشمل الناس والسلع
إسرائيل حولت غزة إلى أكبر سجن في العالم
* رفح «قطاع غزة» رويترز:
يعيش ابراهيم المصري في أقرب نقطة ممكنة من الاسلاك الشائكة التي يصفها هو وجيرانه بأكبر سجن في العالم، ،
ويحيط بالاسلاك الشائكة سياج امني بنته إسرائيل وخنادق واضواء كاشفة باستثناء جانب واحد حيث يطل على البحر الابيض المتوسط وحيث تقوم القوارب الاسرائيلية بدوريات في المياه قبالة الساحل،
وبالداخل في البلدات والقرى ومخيمات اللاجئين يعيش 2، 1 مليون فلسطيني في قطاع غزة ويعانون من حصار اسرائيلي مفروض منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي في اواخر سبتمبر/ايلول،
وتصف إسرائيل الاغلاق بأنه اجراء امني ناجم عن تهديدات الاستشهاديين الفلسطينيين الذين يفجرون انفسهم،
ويصف الفلسطينيون الاجراء بأنه عقاب جماعي، ولا يشعر بوطأة هذا الحصار مثل من يعيشون في أقرب نقطة منه مثل المصري وزوجته مها واطفالهما السبعة الذين تتراوح اعمارهم بين عامين و15 عاما،
ويقع منزلهم في مخيم البرازيل في اقصى جنوب المنطقة المكتظة بالسكان والواقعة على بعد 40 مترا من الاسلاك الشائكة والممر الامني الواقع تحت حراسة اسرائيلية امام الحدود مع مصر، ويقول المصري «42 عاما» خارج منزله بجدرانه المثقوبة والتي تحمل اثار الاعيرة النارية والقذائف التي يقول ان الجيش الاسرائيلي اطلقها اثناء الليل «هذا اسوأ من السجن، ، في السجن من الممكن ان تشعر بالامان ولكننا نعيش هنا في خطر طول الوقت»،
ومنذ تسعة شهور انتقلت العائلة إلى المرأب من جراء خوفها من استخدام الطابقين العلويين أو الباب الامامي للمنزل،
وعندما يغامر المصري ويذهب إلى الطابق الاعلى فهو يذهب إلى بئر السلم عن طريق ثغرة فتحها في جدار المخزن،
ودخلت الدبابات والجرافات الاسرائيلية من السياج الامني إلى مخيم البرازيل مرتين على الاقل لتدمير مبان يقول الجيش ان المقاتلين الفلسطينيين يستخدمونها كغطاء في الانتفاضة،
والانقاض على الجانب الايمن من منزل المصري كانت منازل لاثنتين وعشرين عائلة، ويسيطر الخوف على المصري من ان الاسرائيليين سيحضرون دون سابق انذار ويقومون بتسوية منزله بالارض ايضا،
ويقول وهو يحتسي القهوة التي اعدتها زوجتها على موقد في الوقت الذي يقف فيه بعض من اطفاله حفاة قرب ابواب المخزن المعدنية التي تحمل اثار اعيرة نارية «كل ما املك هو هذا المنزل، ، إذا دمر فليس لي سوى الشارع أو العيش في خيمة»،
ويظل المصري مستيقظا طول الليل تحسبا حتى يتمكن من نقل عائلته إلى مكان اكثر امانا داخل المخيم عندما يبدأ اطلاق النيران أو لردع اي فلسطيني أو مسلح أو طفل ممن يلقون مفرقعات والذين يحضرون كثيرا بالجوار لمواجهة الاسرائيليين،
ويضيف «لا اسمح لأحد بأن يصعد لاعلى ويستخدم منزلي، ، إذا طلبوا مني سأرفض، ، لقد بنيت هذا المنزل بدمائي»،
واحتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية في حرب 1967 ، وسلمت إسرائيل معظم اجزاء غزة للحكم الذاتي الفلسطيني عام 1994 وفقا لاتفاقات
اوسلو للسلام،
واحتفظت إسرائيل بالمستوطنات داخل غزة كما احتفظت بالسيطرة على كل تحركات الناس والسلع إلى القطاع وخارجه، وقامت ايضا ببناء السياج على طول الحدود بين غزة واسرائيل،
وطبق اغلاق مشابه في الضفة الغربية بالرغم من انه اقل ضراوة اذ ان هناك ممرات خلفية ومعابر وسط التلال لتفادي نقاط التفتيش التابعة للجيش الاسرائيلي ولا يفصل سياج بين الاراضي واسرائيل،
وكانت غزة تعاني اقتصاديا حتى من قبل اندلاع الانتفاضة، ولا يملك سوى 40 الف فلسطيني فقط تصاريح عمل داخل إسرائيل إلا ان مكاسبهم هي شريان الحياة في اقتصاد غزة،
والآن سحبت هذه التصاريح ويقول البعض ان معدلات البطالة في غزة بلغت 60 بالمائة،
وقبل الانتفاضة كان المصري يتجه شمالا كل يوم قبيل الفجر إلى معبر العاملين في اريز حيث عمله كفني لحام في بلدة ريشون ليزيون الاسرائيلية ويحصل على أجر شهري خمسة آلاف شيقل «1200 دولار»،
ويعيش المصري الآن على المال الذي ادخره «للايام السوداء» ولا يحصل على عون من السلطة الفلسطينية التي تعاني خزائنها بحدة من الحصار،
وقال المصري «منذ اربعة ايام ذهبت لرئيس بلدية رفح، ، وابلغته ان لدي سبعة اطفال وطلبت منه مساعدة ما ومنحي وظيفة، ، ولكنه قال انه لا يملك حتى المال اللازم لشراء بن لموظفيه»،
ومعبر اريز مغلق الآن امام الفلسطينيين،
وأغلق ايضا مطار غزة الذي افتتح عام 1998 وسط تفاؤل فلسطيني من ان تكون هذه مقدمة لاقامة دولة مستقلة،
وتغلق إسرائيل ايضا معبر رفح المؤدي إلى مصر والطريق الآخر الوحيد للخروج من غزة بالنسبة للفلسطينيين عندما ترى ان الدواعي الامنية تتطلب مثل هذه الخطوة،
كما تغلق ايضا بشكل متقطع نقاط التفتيش العسكرية الاسرائيلية داخل القطاع عند التقاطعات مع مستوطنات جوش قطيف ومستوطنة نتساريم،
وحتى عندما تكون نقاط التفتيش مفتوحة يتحتم على السيارات الفلسطينية الانتظار في طوابير قد تصل في وقت الذروة إلى نحو ساعة حتى تتمكن من العبور،
ويقول خالد الحصري كبير عائلة من ابرز وأغنى عائلات التجار في غزة «كلنا في سجن الآن، ، البلدة منفصلة عن البلدة والقرية منفصلة عن القرية، ، الاغلاق ذبحنا»،
وعاش الحصري «76 عاما» اثناء الانتداب البريطاني والادارة المصرية لغزة ثم الاحتلال الاسرائيلي، ويقول ان الاوضاع لم تكن سيئة ابدا مثل الآن،
وتجارة الاغذية التي يديرها الحصري مع ابنائه الخمسة خفضت الواردات من الموردين الاجانب بنسبة 90 في المئة، وارتفعت التكاليف لأن السلع تنتظر لفترة اطول في ميناء اشدود الاسرائيلي حتى تخضع لتفتيشات أمنية صارمة،
ولا يملك اصحاب المتاجر الذين تمدهم عائلته بالسلع المال اللازم للدفع ومن ثم اضطر للحصول على قروض من البنك لسداد فواتيره،
ويقول الحصري من منزله في مدينة غزة «الشيء الوحيد الذي يبقي على عملنا هو سمعتنا»،
ويعاني سكان غزة من الناحية النفسية ايضا فالقلق والاكتئاب والعنف العائلي في تزايد ايضا مثل الاغلاق وفقدان موارد الرزق والخوف من الغارات الاسرائيلية على غزة،
ويقول الطبيب النفسي فاضل ابو هين عن الاغلاق «انه امر يخنقني، ، تشعر بضيق في الصدر كما لو كنت محاصرا داخل غرفة صغيرة»،
وأضاف انه في الشهر الحالي ارغم فلسطيني من مخيم جباليا فقد وظيفته في إسرائيل زوجته واطفاله على دخول غرفة وحاول خنقهم بالغاز، «قال انه كان يريد قتلهم لانه لم يتحمل طلب الاطفال لاشياء لا يمكنه احضارها وقال ان ذلك اشعره بالضعف»،
وتقول مها زوجة ابراهيم المصري انها فقدت 15 كيلوجراما منذ اندلاع العنف وتشكو ايضا من ان اطفالها اصبحوا عدوانيين ولا يطيعون الاوامر،
وتضيف انه عندما يبدأ اطلاق النيران اثناء الليل يتجمعون في جانب ويبكون «نريد الخروج نريد الخروج، ، إذا كان هناك بديل لما بقينا هنا»،

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved