أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 21st August,2001 العدد:10554الطبعةالاولـي الثلاثاء 2 ,جمادى الآخر 1422

الاقتصادية

جيوب مجاعة!!!
أعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان ان الإنسان رقم ستة مليارات ولد في 12 أكتوبر 1999م وهكذا، قد تضاعف سكان العالم منذ العام 1960م وإذا استمر معدل النمو في الانخفاض بنسبة 1% مثلما حدث خلال الثلاثين سنة الماضية، حيث هبط من 4، 2% الى 3، 1%، ففي عام 2050م سيتراوح عددنا بين 3، 7 7، 10 مليارات نسمة، وفقا للسيناريوهات،
ولما كان إمكان حصول نحو 800 مليون نسمة على الغذاء هو اليوم دون العتبة التغذوية أي دون الحد الأدنى من الحاجات الأساسية العتبة التي تتيح البقاء على قيد الحياة، فكيف سيمكن للأرض ان تطعم عددا أكبر بكثير من الأفواه؟!
تتطلب الاجابة على هذا السؤال طرح سؤال آخر: ما هو السبب الحقيقي للمجاعات، حيثما وجدت؟ سنلاحظ في سطور لاحقة أن الأمر متعلق بحالة الحرب،
إن قهر الجوع في العالم لا يشكل تحديا لا يمكن التغلب عليه، مع ذلك، فالجدل على أشده بين اقتصاديين مثل لوسيان بورجوا وجون كلتزمان مؤلفي كتاب إطعام عشرة مليارات إنسان، اللذين يؤكدان أن سوء التغذية لا يمكن ان يعزى الى الإنتاج، وبين المالتوسيين الجدد الذين يؤمنون بنظرية مالتوس مثل ليستر براون ممن يقولون ان نمو الإنتاج في البلدان النامية سيكون محدودا،
حيث يبني هؤلاء تكهناتهم على تلك الفكرة التي تفيد بأن التمدين الجاري ينزع نحو تقليص المساحات القابلة للزراعة الأكثر إنتاجية،
ويشيرون الى أن هذا التضاؤل في المساحات القابلة للزراعة وصعوبة الاستمرار في زيادة المردود سريعا بعد الثورة الخضراء الأولى، سيتمخض عن تباطؤ مفاجئ في نمو الانتاج واسع النطاق وبنتائج خطيرة،
بالإضافة إلى ذلك، لن يعود هذا الإنتاج متوافقا مع العادات الغذائية الجديدة، من مثل استهلاك المنتجات اللبنية واللحوم والفاكهة والمنتجات المجمدة لجماعات النخبة والشريحة الميسورة بين سكان الدول النامية التي تقتبس العادات الغربية،
ويرد اللامالتوسيون الذين يبرهن تاريخهم الاقتصادي في جميع الميادين على صواب آرائهم دائما بأنه:
أ ما يزال العالم يضم جزءا من الأرض القابلة للزراعة المستريحة حاليا ويمكن زرع هذه الأراضي المتاحة المقدرة ب 12% في غضون السنوات القادمة،
ب الأسمدة المستخدمة حاليا في البلدان النامية هي أقل بمرتين للهكتار بالقياس مع البلدان الصناعية إذن، فالتكثيف المدروس ممكن،
ج المردود الحاصل في البلدان النامية لا يصل الى المستويات الغربية، برغم التطورات الراهنة، إذن يمكن تصور حدوث هامش من التقدم على مستوى وراثيات الجينيات والطرق الزراعية، وعلى وجه الدقة على حد سواء،
د تشكل الحروب، السبب الحقيقي للمجاعة، فخلال السنوات الخمسين الماضية، لم يكف عدد الصراعات المسلحة عن الازدياد في العالم ومنذ عام 1945م أحصي منها ثلاثون صراعا كبيرا ومائة صراع صغير، حيث دمرت الحروب خلال التسعينيات وحدها أربعة عشر بلدا،
يقول جيرار موريس: تعمل الحرب على تخريب الحقول وتهجير السكان،
والأكثر إيذاء من ذلك هو أنه عندما تقضي الحروب على تنوع الموارد الجينية، تضر بالمزارعين المحليين في العمق، ذلك أن التنوع الحيوي، التنوع الوراثي في قلب كل نوع، يشكل أساس الزراعة الحديثة نفسه،
ومن الصحيح القول، ضمن الحالة الراهنة للأمور ان العالم يواجه توزعا ليس هو الأمثل للموارد الغذائية، حيث تستأثر البلدان الصناعية بثلثي هذه الموارد، في حين ان 5% من سكانها العاملين يعملون في القطاع الزراعي الغذائي، مقابل 50% في العالم الثالث، ويشير ليستر براون مع ما يجب اعتباره دعابة سوداء الى أن تأثيرات التخمة الغذائية وسوء التغذية هي نفسها: ازدياد مخاطر الأمراض وانخفاض معدل طول الحياة، وتضاؤل الإنتاجية،
ومن المؤكد أن تدمير مزارعي البلدان الأغنى أمام سيطرة الجوع على بلدان العالم الثالث يشكل وضعا صادما، بل صعب التحمل،
مع ذلك، هل تكمن حلول المشكلة في التضامن والمساعدات؟
ينبغي، أولا: تحديد الأمور ليس فرط إنتاجنا قدرا ولا حقيقة غير قابلة للتغير إنه نتيجة لسياسة زراعية توجيهية جدا لاقت نجاحا كبيرا وتحول هذا الفرط الإنتاجي الى آفة اقتصادية تكافحها جميع الحكومات التي تسعى لتخفيض تكاليف نفقات دعم الأسواق،
ومع ذلك ليس مؤكدا ان المساعدة الغذائية هي شيء جيد ذلك لأنها تتحول الى سلاح في مصلحة البلدان المانحة التي قد تمارس ضغطا على متلقي المساعدة، ولأن ذلك لا يشجع المتلقين على تطوير الإنتاج الزراعي في بلدانهم، والأسوأ من ذلك لأن للأمر علاقة بأقوى إغراق يمكن تصوره،
ووفقا لتصور لوسيان بورجوا، فإن الحكومات التي تستفيد من المساعدة الغذائية، إنما تستخدمها غالبا لتهدئة الصراعات الناجمة عن التمدين المتنامي والبطالة بتخفيض أسعار الخبز والأطعمة الأكثر تناولا مما يخفض دخول المنتجين المحليين، وفي هذه الحالة، فإن المنح يعني التدمير والقتل،
ختاما أقول لقد بلغ عدد سكان العالم 6 مليارات نسمة وسيرتفع عددهم عام 2050م الى 10 مليارات، وإذا كان هناك جيوب مجاعة قائمة حتى اليوم، ففي غضون السنوات الخمسين القادمة ينبغي ألا يمنع شيء باستثناء الحروب، من أن يحصل كل واحد على ما يكفيه من الطعام، ،
د، زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved