أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 25th August,2001 العدد:10558الطبعةالاولـي السبت 6 ,جمادى الآخرة 1422

العالم اليوم

كشفها التقرير السنوي لمنسق الأمم المتحدة الخاص
الحصار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية له الأثر الأكبر في تدهور الاقتصاد الفلسطيني
انخفاض مستويات العمالة الفلسطينية سبب أزمات معيشية حادة
* غزة بيروت:
أصدر مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة التقرير الاقتصادي السنوي لعام 2000 عن الحالة الصعبة في الأراضي المحتلة التي وصل إليها الاقتصاد الفلسطيني والتطورات الاقتصادية والاجتماعية إذ من المعروف ان اندلاع الأزمة السياسية والأمنية الحادة في بداية الربع الأخير من العام الماضي كان له أثر قوي على المؤشرات الاقتصادية للعام الماضي وأدى استمرار الأزمة خلال العام 2001 إلى آثار اقتصادية اكثر عمقاً وأبعد مدى مما هو مبين في التقرير، علاوة على ذلك حاول مكتب الأونسكو إبراز آثار التطورات التي شهدها الربع الرابع على الأداء الاقتصادي للعام الماضي بشكل عام، وفي هذا السياق يقدم الإصدار القادم الخاص بآثار المواجهات واغلاق الحدود والقيود المفروضة على الحركة «تشرين الأول 2001 - 30 حزيران 2001» بيانات إضافية.
المواجهات والقيود المفروضة على الحركة وإغلاق الحدود
تعتبر القيود المفروضة على الحركة وما صاحبها من اغلاق للحدود والتي فرضتها السلطات الإسرائيلية جراء الأزمة السياسة وما رافقها من مواجهات أحد أبرز العوامل التي تسببت في التطورات السلبية التي شهدها الربع الرابع وما نجم عنها من تدهور في المؤشرات التنموية تضمنت إجراءات الاغلاق وفرض قيود على حركة الافراد والبضائع على الحدود الخارجية للأراضي الفلسطينية المحتلة «مع إسرائيل والدول المجاورة كالأردن ومصر».
وكذلك فرضت قيود على الحركة بين المناطق المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة فقد أغلقت الحدود الفلسطينية مع إسرائيل فعلياً لمدة 72 يوما خلال مدة 92 الواقعة في الربع الأخير من العام 2000 مما أدى إلى تقيد الصادرات والواردات الفلسطينية ومنع العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم وبالتالي فقدان مصادر دخلهم من العمل في إسرائيل والمستوطنات الاسرائيلية والمناطق الصناعية إلى جانب ذلك كانت الحركة على المعابر الدولية مع كل من الأردن ومصر مقيدة بصورة أكبر.
كان لإجراءات الاغلاق الداخلية الأثر الأكبر في تدهور الاقتصاد المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة، إذ فرض الاغلاق المشدد حسب تسمية التقرير لمدة «52» يوما في الضفة الغربية و«15» يوما في قطاع غزة خلال الربع الأخير من العام الماضي، أما الاغلاق الجزئي فقد كان مفروضا لمدة «40» يوماً في الضفة الغربية و«75» يوماً في قطاع غزة.
تمثلت الآثار السريعة ولمدة شهر لهذه الإجراءات في انخفاض مستويات الدخل لدى المزارعين والعمال والتجار ورجال الأعمال الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى أماكن عملهم أو الحصول على مستلزمات انتاجهم أو تسويق بضاعتهم، وما ترتب على هذا الانخفاض في الدخل تراجع الطلب على السلع والخدمات المنتجة في السوق المحلي مما أدى إلى زيادة التدهور في مستويات الإنتاج والاستخدام.
اتجاهات أداء الاقتصاد الكلي
أشارت توقعات صندوق النقد الدولي ووزارة المالية الفلسطينية في ربيع 2000 إلى ان الاقتصاد الفلسطيني سيستمر في النمو بوتيرة مشابهة لتلك السائدة منذ عام 1997 فكان من المتوقع ان يكون معدل النمو في اجمالي الناتج المحلي حوالي 5% وفي اجمالي الناتج القومي حوالي 6% إلا ان اندلاع الأزمة السياسية خلال الربع الرابع وما صاحبها من فرض للقيود على الحركة واغلاق للحدود، أدى إلى عرقلة مؤشرات التحسن في أداء الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى تراجع معدلات النمو إلى «2.8%» بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي و«6.7%» بالنسبة لإجمالي الناتج القومي، وسجلت مؤشرات نصيب الفرد من الدخل تراجعا اكبر جراء الزيادة في عدد السكان.
تشير تقديرات مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة إلى أن الأنشطة الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة قد تراجعت بنسبة 51% خلال الربع الأخير من العام الماضي، مما يشير إلى ان حجم الخسائر في الدخل المحلي الفلسطيني قد بلغ 671 مليون دولار أمريكي، مما أدى إلى تراجع اجمالي الناتج المحلي من مستواه المتوقع 338 .5 مليون دولار إلى 667. 4 مليون دولار، إضافة إلى ذلك تسبب فقدان العمال الفلسطينيين لفرص عملهم في إسرائيل بخسائر في الأجور تقدر بحوالي 182 مليون دولار مما أدى إلى تراجع إجمالي الناتج القومي من 654 .6 مليون دولار إلى 801 .5 مليون دولار.
مؤشرات اقتصادية
يشير مجموع المؤشرات الاقتصادية التي يتبعها مكتب الاونسكو إلى الآثار السلبية للتطورات التي شهدها الربع الرابع على الأداء الاقتصادي خلال العام الماضي.
إصدار واستخدام تصاريح العمل الإسرائيلية: تراجع متوسط عدد العمال الفلسطينيين الذين يحملون تصاريح عمل في إسرائيل والمستوطنات والمناطق الصناعية بنسبة 93% بين الربعين الثالث والرابع من العام الماضي، إذ تراجع متوسط 000 .52 عامل خلال الفصل الثالث إلى ما دون 4000 خلال الفصل الرابع، علاوة على ذلك انخفضت نسبة التصاريح المستخدمة من 93% خلال الربع الثالث إلى 43% خلال الربع الرابع، مما يشير إلى الصعوبة التي واجهها حتى العمال المصرح لهم بالوصول إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل والمستوطنات والمناطق الصناعية خلال تلك الفترة.
التدفقات التجارية: انخفض اجمالي القيمة الأسمية للتجارة الثنائية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل كبير جراء الانخفاض الحاد الذي شهده الربع الأخير من العام الماضي إذ انخفضت الواردات بنسبة 37% والصادرات بنسبة 15% من الربعين الثالث والرابع، إضافة إلى ذلك تشير بيانات حركة الشاحنات على المعابر الفلسطينية إلى انخفاض مشابه، إذ انخفض عدد الشاحنات الناقلة للواردات بنسبة 75% والناقلة للصادرات بنسبة 58% خلال الربع الأخير من العام الماضي.
الاستثمار الخاص: تشير بيانات الاسمنت المستورد والتي يمكن استخدامها كمقياس بديل لقياس نشاط الإنشاءات إلى انخفاض بنسبة 64% خلال الربع الرابع من العام 2000. علاوة على ذلك يشير عدد الشركات الجديدة المسجلة الذي يستخدم كمؤشر لحجم الاستثمار المخطط إلى انخفاض بنسبة 80% خلال الربعين الرابع والثالث من العام الماضي.
النظام المصرفي: ارتفعت قيمة الودائع المصرفية للعام 2000 بنسبة 22% مقارنة مع العام 1999، على الرغم من انخفاض قيمتها من 721 .3 مليون دولار أمريكي للربع الثالث إلى 506 .3 مليون دولار للربع الرابع.
أما بالنسبة لقيمة القروض المقدمة فقد ارتفعت بنسبة 34% للعام 2000 مقارنة مع العام 1999. من الجدير بالذكر ان التسهيلات الائتمانية قصيرة الأجل ولاسيما أن قروض الجاري مدين قد استحوذت على حصة كبيرة من اجمالي القروض المقدمة من قبل البنوك العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالمقابل انخفض معدل نمو القروض للقطاع الخاص إلى 22% للعام 2000 مقارنة مع 32% للعام 1999 مما يشير إلى القلق والاضطراب المتعلق بآفاق الاستثمار والأعمال الناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
مدفوعات المانحين: بينما ارتفعت التزامات المانحين بشكل طفيف بين العامين 1999 و2000 انخفضت مدفوعاتهم بنسبة 30% أما بالأرقام المطلقة فقد انخفضت المدفوعات من 9. 523 مليون دولار أمريكي إلى 5. 369 مليون دولار أمريكي، وكذلك انخفضت نسبة المدفوعات إلى الالتزامات من 76% في العام 1999 إلى 51% خلال العام 2000.
اتجاهات سوق العمل
تسبب الكساد الاقتصادي المفاجئ الذي ضرب الاقتصاد الفلسطيني في الثلاثة أشهر الأخيرة من العام 2000 في آثار واضحة على معدل المشاركة في القوى العاملة وكذلك مستويات وتوزيع العمالة.
بينما ارتفع متوسط عدد السكان الفلسطينيين في سن العمل بنسبة 9 .3% خلال العام 2000، إلا ان معدل مشاركة القوى العاملة انخفض فعلياً من 7 .41% إلى 5. 41% وتشير البيانات الربعية إلى تقلبات واضحة في معدل المشاركة في القوى العاملة، إذ ارتفع هذا المتوسط خلال النصف الأول من العام 2000 حتى بلغ ذروته في الربع الثالث عندما وصل 5.43% ويعود للهبوط في الربع الأخير عندما وصل 2. 93%. يعود التراجع في معدل القوى العاملة المشاركة إلى انعدام الثقة لدى العاطلين بإمكانية الحصول على فرصة عمل في أجواء الأزمة السياسية الراهنة، مما أدى إلى ارتفاع أعداد العمال المحبطين، وتشير البيانات المتوفرة إلى ارتفاع عدد هؤلاء العمال بنسبة 35% خلال الربع الرابع «إذ ارتفع عددهم من 000 .94 إلى 000 .127».
تشير الأرقام المطلقة إلى هبوط حاد في عدد العاملين الفلسطينيين إذ انخفض عددهم من 000 .661 خلال الربع الثالث إلى 000. 479 خلال الربع الرابع من العام 2000، مما يعني ان 000 .182 عامل قد انضموا إلى صفوف العاطلين عن العمل خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام الماضي، أو انهم لم يعودوا جزءا من القوى العاملة.
أما بالنسبة لمعدل البطالة فقد تابع هبوطه خلال السنوات القليلة الماضية حتى بلغ 15% في ايلول 2000 ثم عاد وقفز في الربع الرابع ليصل 3.28% من القوى العاملة «ارتفع عدد العاطلين عن العمل من 000. 73 إلى 000 .189 شخص» أما «مؤشر البطالة بعد التعديل» والذي يشمل العمال المحبطين ضمن مئات العاطلين عن العمل، فيشير إلى زيادة بنسبة 2 .89% خلال الربع الرابع.
يبدو أن الأزمة قد تسببت في تغيرات هيكلية في سوق العمل الفلسطيني، إذ سجلت نسبة العاملين بأجر وأصحاب العمل انخفاضا حادا، بينما ارتفع عدد العاملين بدون أجر من العاملين لحسابهم الخاص، مما يشير إلى زيادة القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الفلسطيني وتدهور اوضاع سوق العمل جراء تدهور مؤشرات الدخل والإنتاج المحليين.
تشير بيانات الربع الرابع حول العمالة المحلية إلى تغيير في توزيع العمالة حسب النشاط الاقتصادي، وقد انخفضت مستويات العمالة في نشاطي الصناعة التحويلية والإنشاءات المعروفة تاريخيا بأنها مصدر التشغيل الأساسي للأيدي العاملة الفلسطينية، فيما ارتفعت العمالة في كل من نشاط الزراعة والقطاع العام، ومن الجدير بالذكر ان القطاع العام قد استحوذ على حصة عالية من فرص العمل الجديدة خلال العام 2000 بينما كان القطاع الخاص يشكل المصدر الأساسي للوظائف الجديدة خلال السنوات السابقة.
اتجاهات مستويات المعيشة
أدى انخفاض مستويات العمالة خلال الربع الرابع وما صاحبه من ارتفاع في معدل نمو السكان إلى انخفاض نصيب الفرد من الدخل في العام 2000 بنسبة 1.4% علاوة على ذلك تسبب تراجع مستويات العمالة وخسائر الدخل الناجمة في زيادة حادة في معدلات الفقر، فبينما انخفض معدل الفقر من 27% للعام 1996 إلى 21% في ايلول 2000، زاد معدل الفقر بشكل حاد ليصل إلى 35% في كانون الأول 2000، ومن المتوقع ان تعاني العائلات الأكثر فقرا بشكل اكبر جراء الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة السياسية الراهنة.
تمكن المجتمع الفلسطيني من التكيف مع تراجع مستويات الدخل بعدة وسائل على الرغم من عدم توفر بيانات شاملة حول استراتيجيات تكيف الأسر، إلا ان المعلومات المتوفرة تشير إلى تراجع مستوى الاستهلاك داخل الأسر، وانفاق العائلات لمدخراتها.
إضافة إلى ذلك توجه الكثيرون ولاسيما في الضفة الغربية إلى العمل في القطاع الزراعي المعروف بدوره في تمكين سوق العمل الفلسطيني من آثار الصدمات الاقتصادية.
من الواضح ان استراتيجيات التكيف الفردية لم تكن كافية، إذ تلقى حوالي 32% من السكان الفلسطينيين «أكثر من مليون شخص» مساعدات إغاثة تمثلت بالمواد الغذائية بين شهري تشرين الأول وكانون الأول من العام الماضي.
نظرة
استمرت الأزمة الاقتصادية التي عاشها الاقتصاد الفلسطيني خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي طوال النصف الأول من العام 2000 وتشير البيانات الاقتصادية الأولية للعام 2001 الى استمرار الهبوط في القدرة الإنتاجية ومبيعات الأنشطة التجارية وأعمال البناء والإنشاءات ونسبة اشغال غرف الفنادق، مما يثير القلق حول آفاق التنمية في المدى القريب والمتوسط حتى في حال الوصول إلى تسوية سياسية لحل الأزمة الراهنة.
على الرغم من ظهور بعض التحسن في العمالة خلال الربع الأول من العام 2001، والتي تعود إلى زيادة طفيفة في تدفقات الأيدي العاملة الفلسطينية إلى إسرائيل والمستوطنات والمناطق الصناعية مقارنة مع الربع الأخير من العام الماضي، إلا ان معدلات البطالة تبقى عالية، إن استمرار ارتفاع مؤشرات البطالة وتراجع معدلات المشاركة في القوى العاملة وارتفاع معدلات الاعالة، يشير إلى استمرار مستويات المعيشة للمجتمع الفلسطيني خلال العام 2001.
بقيت أوضاع المالية العامة ضعيفة جراء انخفاض عوائد الضرائب المسجلة إضافة إلى منع السلطات الإسرائيلية تحويل مستحقات المقاصة إلى السلطة الفلسطينية، ومن المتوقع ان يؤدي كل ذلك إلى عجز في الموازنة يقدر بحوالي 371 مليون دولار أمريكي «أي نسبة 22% من اجمالي النفقات العامة» خلال العام 2001.
ومن الجدير بالذكر ان حدة آثار الأزمة الراهنة غير مسبوقة، بعد ثلاث سنوات من التحسن الاقتصادي بعد الأزمة التي شهدها العام 1996 فإن معالجة الآثار الناجمة عن هذه الأزمة سيتطلب وقتاً أطول حتى في حال التوصل إلى تسوية سياسية عاجلة تضمن رفع إجراءات الاغلاق والعودة إلى الحياة الاقتصادية العادية.
ستحتاج معالجة الآثار الاقتصادية لسنوات من العمل المتواصل وتخصيص المواد الأساسية اللازمة والمراقبة من أجل المعنيين بأمور التنمية الاقتصادية والتطوير المؤسساتي.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved