أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 3rd September,2001 العدد:10567الطبعةالاولـي الأثنين 15 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

الحالة الجامعية الراهنة
كل عام وأنتم 9600 ريال
د. علي بن شويل القرني
من الموضوعات التي تداولتها الصحافة وربما بعض وسائل الإعلام الأخرى «الحالة الجامعية» التي يعيشها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية، وما يوازيها من كليات ومعاهد عليا تقع ربما ضمن كادر أعضاء هيئة التدريس..
وربما سبقني للكتابة في هذا الموضوع خلال السنوات الماضية المئات من الزملاء في مهنة التدريس الجامعي وعدد كبير من الزملاء في مؤسسات الإعلام ضمن تحقيقات وتقارير ينشرونها بين الحين والآخر.
والموضوع الذي تناولته الصحف في الآونة الآخيرة وتحديداً عكاظ والاقتصادية والجزيرة هو سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم من المحاضرين والمعيدين في الجامعات السعودية . وعرضت هذه الإسهامات الصحافية مقارنات بين ما يتقاضاه أعضاء هيئة التدريس هنا مع ما يتقاضاه زملاؤهم في بعض دول مجلس التعاون الخليجي البترولية بشكل خاص. ومن تلك الأرقام يتبين أن هناك نسبة تتراوح بين خمسين في المائة ومائة في المائة زيادة في سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس الخليجيين (مثلاً في دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة) مقارنة بنظرائهم السعوديين.. وهنا أود أن أورد عدة نقاط في إطار مناقشة موضوعية لهذه الحالة:1 نحن ندرك فعلاً أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات هم صفوة المجتمع ونخبته الواعية بمختلف شواهد الحياة العامة والخاصة. وهم ثمار لاستثمار الدولة في مجال التعليم، وخصوصا الابتعاث إلى الدول الأجنبية، أوربية وأمريكية وعربية ومحلية وغيرها من اتجاهات البعثة السعودية. ولهذا فنحن كمجتمع ندرك دورهم وإسهامهم المميز في النتائج التي وصلنا إليها من إعداد كوادر وظيفية هائلة لبّت وحققت وأثمرت في نتائج فعلية ومنجزات كبيرة في خطط التنمية الخمسية المتتالية في المملكة.
2 نعلم أن الكادر الوظيفي لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية له أكثر من عشرين عاما دون تحريك إلى الأمام ولو لخطوة واحدة.. ويبدأ الأستاذ المساعد الذي يحمل شهادة الدكتوراه بمبلغ يصل لحوالي تسعة آلاف وستمائة (9600) ريال لاغير.. وهذا رقم متواضع جداً اذا قورن بالدول المجاورة.
3 هذا الرقم (9600) يعادل خمسين في المائة تقريباً من دخل عضو هيئة التدريس في الدول الخليجية، أي أن العضو التدريسي هناك يتقاضى حوالي الضعف مما يتقاضاه زميلنا في الجامعة السعودية.
4 أساتذة الجامعات في الدول غير النفطية (الأردن مثلاً) تعادل رواتبهم بمقياس الحالة المعيشية لبلدانهم رواتب وزراء في تلك الدول .. ومخصصات الوزير هي تقريبا مخصصات استاذ الجامعة تقديراً لما يضطلع به الأستاذ الجامعي من مسئوليات ومكانة اجتماعية بارزة في المجتمع.
5 الدول غير النفطية المجاورة (مثلا مصر، سوريا، اليمن)، عززت رواتب أساتذة الجامعة لديها بزيادات وصلت إلى نسبة تزيد على خمسين في المائة مرة واحدة، ولكن ربما حدثت زيادات أخرى قبل ذلك، مما يعني انهم تقاضوا زيادة بنسبة قد تصل إلى مائة في المائة.
6 من المعروف في معادلة الرواتب أن استاذا سعوديا يكون قد خدم جامعته ثلاثين أو اربعين سنة يتقاعد ربما على راتب قد يصل إلى أقل أو يوازي ما يقرب من مرتب استاذ جامعي في سنته الأولى في جامعة خليجية من دول مجلس التعاون الخليجي.
7 الأساتذة السعوديون لم يجدوا مخرجاً من هذا المأزق المعيشي سوى السير في طلب الرزق في أراضي القطاع الخاص.. وهذا ما أشارت إليه عدد من كتابات الزملاء حيث إن هذا القطاع يدرك أهمية وتخصص ومكانة الأستاذ الجامعي ويغريه بإعارة أو تقاعد مبكر أو استقالة من أجل اعطائه مرتبات مغرية تصل في بعض الأحيان إلى خمسة أضعاف أو ستة اضعاف مرتبه في الجامعة.
8 لو قرأنا وتفحصنا أرقام المغادرين من الجامعات السعودية إلى جهات حكومية أو خاصة قد تذهلنا الأرقام، فكل جلسة من جلسات الأقسام والكليات والجامعات تناقش مغادرة زميل أو استقالته أو إعارته إلى جهة خارجية.. ونحن في الجامعة نفقد سنويا أعداداً كبيرة من الخبرات والاختصاصيين من ذوي الكفاءات العالية.
9 المشكلة الأساسية لهذا الفقد أو النزيف في الكفاءات السعودية المتخصصة يعود إلى سبب رئيسي هو المرتبات المتواضعة التي يتقاضاها أعضاء هيئة التدريس.. والتي تقف دون تحقيق مستويات دنيا من المستلزمات الاجتماعية التي يتوقعها الناس والمجتمع من وضعهم الاجتماعي الذي يعيشونه.
10 نحن نعلم أن هناك جهودا بذلها أناس مخلصون في دوائر التعليم العالي وبعض الجهات المعنية لدراسة أوضاع هيئة التدريس في الجامعات السعودية، ولكن هذه الجهود لم يكتب لها النجاح دون أن يكون هناك مسببات واضحة لهذه المسألة.
11 لأكثر من حوالي العشر سنوات ونحن نسمع قبيل صدور ميزانيات الدولة أن هناك زيادة متوقعة لمنسوبي الجامعات، وتشير النسبة المقترحة إلى حوالي خمسين في المائة، ولكن لا يلبث هؤلاء الا ويعود إليهم الإحباط بعد سماعهم لتفاصيل تلك الميزانيات..
12 حتى نكون واقعيين في تقديرنا لحجم المشكلة فإننا نقترح أن يكون الحل جذرياً لها، ونحن نعلم أن زيادة 30% أو 50% لن يكون كافياً لتحويل وضعية أعضاء هيئة التدريس إلى مكانة أفضل .. ولربما الذي نرا ه هو في زيادات مجزية قريبة من مضاعفة الوضع الراهن لسلم الرواتب الحالي.. حتى يمكن أن يؤدي الأساتذة دورهم ومكانتهم على أكمل وجه وأفضل حالة.. وحتى لا تكون هناك حجج أو تبريرات لانشغالات خارجية يكون دواعيها مادية بحتة.
13 وعند احتساب زيادة في كادر أعضاء هيئة التدريس فنحن على علم أن أعداد هؤلاء الاساتذة والمحاضرين والمعيدين في كل الجامعات السعودية هي أرقام بسيطة جداً في مجملها، ولا تتعدى عدة آلاف من الأشخاص.. ويجب أن نحتسب ذلك استثماراً وتقديراً لكفاءة وجهد وموقف وتشجيعاً وحباً في تهيئة الظرف المادي لهذه الفئة النخبة التي هي عقل المجتمع وتفكيره ووعيه الدائم.. ولا ننظر إلى أرقام الزيادة بشكل مادي بحت وكأنها عبء على ميزانية الدولة واستنزاف لثروة المجتمع.
14 يمكن أن تعمل الجامعة على استعادة كثير من هذه المصروفات من خلال توسيع دور الجامعة في خدمة المجتمع وتقديم الخدمات الاستشارية للقطاع الخاص.. ولماذا لا يتم اعادة النظر مثلا في المناصب الإدارية في الجامعة بحيث يكون هدفها أساساً زيادة مداخيل الجامعة وعائداتها من مختلف شئون المعرفة والاختصاص.. فكما هو معروف في كثير من دول العالم المتقدم أن رؤساء الأقسام وعمداء الكليات وحتى رؤساء الجامعات يسعون إلى استقطاب الدعم المالي والمساندة اللوجستيكية لمختلف عمليات البحث والتعليم والخدمة المجتمعية.. ولربما هذا التغيير في السياسات الجامعية يجعل حسابات الأقسام والكليات والإدارات بحساب التكلفة، بحيث في نهاية العام يتم معرفة القيمة المضافة لميزانية الجامعة من كل قسم وكلية ومركز وإدارة.. وهذه خطوة ربما نحتاجها الآن لتعزيز دور الجامعة وتوسيع خدماتها ومقابلة تبعات الزيادات المتوقعة على الرواتب مثلا والخدمات الأخرى..
وختاماً .. نحن نعلم علم اليقين أن أولياء الأمر وفي مقدمتهم مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي عهده الأمين وسمو سيدي النائب الثاني يحفظهم الله هم حريصون على تلبية احتياجات المواطنين وتسهيل أمورهم، ونحن نعلم كذلك أنهم يكنون لهذه النخبة المميزة في المجتمع كل تقدير ويشعرون باعتزاز دائما وهم يلتقونهم أو يتحدثون عنهم.. وهذا مصدر فخر واعتزاز لنا نحن اعضاء هيئة التدريس السعوديين.. ونحن على يقين كذلك أن تقديم هذا الموضوع اليهم لم يكن بالطريقة التي ينبغي تقديمها إليهم.. وربما كانت طريقة العرض أو الحيثيات غير مستجلية دواخل الأمور وبواطن الظرف الخاص لهذه الفئة.. ونحن نعلم ونتعشم باسم كل اعضاء هيئة التدريس السعوديين في جامعاتنا الثماني في الرياض والدمام وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة وأبها أن أولياء الأمر سيأخذون ذلك في اعتبارهم عند مراجعة هذه الحالة. والله الموفق..
alkarni@ksa.eda.sa

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved