أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 3rd September,2001 العدد:10567الطبعةالاولـي الأثنين 15 ,جمادى الآخرة 1422

المجتمـع

ظروف متنوعة تدفع لذلك
ترك رعاية الأطفال للخادمات يولد جيلاً عدوانياً منحرف السلوك
* تحقيق تهاني الغزالي:
بينت العديد من الدراسات أن 70% من مشاكل الطفل والمراهق النفسية ناتجة عن هروب الأم عن مسؤولياتها تجاه أبنائها، وهذا يعني أن الأم وحدها هي التي تملك مفاتيح السلامة النفسية لطفلها ولهذا لا تصلح امرأة أخرى للعناية به مهما بلغت درجة هذا الاهتمام وهذه العناية لأنها لن تشبع حاجته الى الأمومة الحقيقية،
ولهذا حرصت «الجزيرة» على تسليط الضوء على الأسباب التي تدفع بعض الأمهات للتنازل عن أمومتهن وترك الرعاية للخادمة ،
فماذا يقول أهل العلم والاختصاص في بدائل الأمهات:
في البداية أبان الدكتور عادل عبد السلام أخصائي الطب النفسي أن أسباب هروب الأم من مسؤولياتها تتعدد ، فمن بين تلك الأسباب الشعور «بالغربة» الذي يجعلها تتوقف عن تزويد أطفالها بالحب، ويعد هذا السبب السبب الرئيسي للهروب، ويتولد ذلك الشعور بالغربة بسبب نشأة الأم في أسرة مفككة لم تربط أفرادها العواطف الحميمة ولم تحصل منهم على الاهتمام الكافي الذي يجعلها قادرة على العطاء،
هذا بالاضافة الى أن الأم قد تكون مضطربة نفسيا بسبب ظروف قاسية مرت بها خلال فترة من فترات حياتها مما جعلها تفقد قدرتها على الحب والتفاعل مع من حولها ودفعها للإنسحاب بعيدا عن أبنائها لتعيش عالما خاصا بها منفصلا عما حولها،
وتضيف الدكتورة فريدة عبد اللّه أخصائية علم الاجتماع الأسري نقطة عدم التوافق مع الزوج كسبب من أسباب هروب الأم فتقول إن الزوجة التي تعاني من عدم استقرار في علاقتها مع زوجها تضطر للهروب من مسؤولياتها وذلك لأنها تتحمل الصدمات والمشكلات الكثيرة في صمت دون أن تشعر من حولها، حفاظا على ترابط الأسرة وسلامتها وهذا الصمت والتحمل الدائم لا سيما إن كانت الأسرة غير مستقرة يجعل الأم مجمدة عاطفياً بسبب استنفاد طاقاتها، وعدم قدرتها على مواجهة مشاكلها لأنها في الغالب تكون من النوع الذي ينحني أمام المشاكل،
ضغوط العمل
على حين ترى الأخصائية الاجتماعية سارة القحطاني إن ضغوط العمل قد تكون السبب فتقول إن ضغوط العمل قد تكون سببا في هروب الأم من مشاكلها، خاصة إذا قابلها خلاف مع الزوج ومشاكل أسرية، فتصير تلك الضغوط كالغيوم السوداء حول قلب الأم وعقلها بصورة تجعلها تهرب بأي وسيلة عن أسرتها وضريبة ذلك دائما يدفعها الأبناء،
وعن الآثار المترتبة عن هروب الأم أبان الدكتور خالد حلمي استشاري الطب النفسي أن هروب الأم من مسؤولياتها يجعل الطفل ميالاً للانتقام والعدوان وهذا ما بينته الأبحاث العلمية التي أكدت نتائجها أن كثيراً من حالات انحراف الأحداث والكبار ايضا عبارة عن سلوكيات انتقامية يعود سببها في المقام الأول الى الافتقار للحب والحنان والأمن في الطفولة، بالاضافة الى أن الدراسات التي أجريت على أطفال الملاجئ والمؤسسات الاجتماعية خرجت بنتائج مماثلة، ولهذا نؤكد على ضرورة عدم إنشغال الأم بمشاكلها والابتعاد عن مسؤولياتها وترك زمام الأمور للخادمات أو لأي بديل يحل محل الأم، وندعو كل أم تعاني من ضغوط أن تأخذ بالأسباب وتعمل على مساعدة نفسها لتخطي أزمتها حتى لو اضطرها الأمر الذهاب لأهل الاختصاص في مجال الطب النفسي لمساعدتها على تخطي أزماتها لأن الطفل في أشد الحاجة لرعايتها التي لن توفرها له أي امرأة أخرى مهما كانت درجة اهتمامها وعنايتها به،
لا للخادمات
على حين اضافت الأستاذة مها اللفت المشرفة التربوية في مجال علم النفس والاجتماع نقطة تأخر الطالب دراسيا إذا كان أمر رعايته موكولاً للخادمة نظرا لانصراف الأم عن رعايته بصرف النظر عن أسباب هذا الانصراف، ، فتقول ترك الأم لمسؤولياتها وتولي الخادمة مهامها وخاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل والذي تتشكل فيه شخصيته يجعله يخرج الى الحياة إما عنيداً بسبب تساهل الخادمة معه أو عدوانيا بسبب تسلط الخادمة عليه واتخاذه وسيلة للتنفيس عما تعانيه من كبت وضغط من قبل أسرة الطفل،
هذا من جانب ومن جانب آخر نجد أن هذا الطفل يصير قنبلة موقوتة داخل مدرسته فمن الوهلة الأولى يلاحظ على هذا الطفل أن سلوكياته غير متوازنة ويكون ميالاً للانسحاب والانطواء أو الى العدوان بالاضافة الى تأخر تحصيله الدراسي، وهذا يدعونا الى مناشدة الأم بالعودة الى دورها الطبيعي وإلا سيخرج لنا جيل ضعيف وهش، وهذا ما أكدته دراسة الباحثة اعتدال السطوي التي قامت بدراسة ميدانية على طالبات الصف الخامس الابتدائي من مدينةجدة والتي شملت عينة بحثها على 200 تلميدة وزعت على مجموعتين إحداهما ضابطة والأخرى تجريبية تهدف الى معرفة أثر الخادمات على التوافق الشخصي والاجتماعي للتلميذ في سن 11 عاما والتي وصلت نتائجها الى أن تولي الخادمة للرعاية يعوق النمو الذاتي للأطفال وينمي فيهم الاتكالية ويضعف الرابطة بين الطفل ووالديه،
التواصل مهم
وتؤكد الأستاذة فادية العبد الواحد الإخصائية الاجتماعية بمستشفى الملك خالد التخصصي على ضرورة التواصل مع الأبناء وعدم الإنصراف الكلي من الأسرة فتقول إن الأم مهما ارتقت في السلم التعليمي ومهما كانت إنسانة مهمة ومهما طلبها المجتمع فبيتها أهم، فالمطالب المادية للأسرة من الممكن تحمل آثار نقصها بالرضاء بالقضاء والقدر والرزق وأن الخادمة لن تعلم أولادنا عاداتنا وقيمنا وديننا، ويكفينا ما أصاب هذا الجيل من تحول، ، ولعلاج هذه المشكلة يجب على الأم المواءمة بين متطلبات الأسرة والعمل من أجل، ، أن تعود أجيالنا الى عاداتها العربية الأصيلة،
أما الأستاذة فاطمة القحطاني المديرة بإحدى المدارس الأهلية فترى أن الاتكال على الخادمة في رعاية الأولاد يعني أن الأم ينقصها الوعي بالهدف من استقدام الخادمة التي يجب ألا يتعدى حدود دورها عن التنظيف والترتيب لأنها في الغالب تأتي من بيئات فقيرة يسودها الكثير من المعتقدات الخاطئة والسيئة التي لا تؤهلها لأن تكون أهلاً للثقة،
ولهذا تعتبر الأستاذة ذكرى الشعلان تلك الاتكالية حرماناً من نعمة أن تكون الجنة من تحت أقدام الأمهات، فتقول الاتكال الكامل على الخادمة يحرم الأم من الثواب والأجر على جهدها في تربية الأولاد ورعاية شؤونهم، ، فألا يكفي تلك الأم أن اللّه منحها نعمة الأولاد والتي يتمنى البعض أن يكون لديه مثلهم؟،
وتضيف الأستاذة سلطانة السديري الأديبة المعروفة وتقول للأسف أن هناك بعض الزوجات يعتبرن وجود الزوج في حياتهن مجرد ديكور والأولاد إكسسوار مكمل لهذا الديكور وأن كل صلتها بأسرتها معتمدة على الأخذ فقط، متناسيات مثل تلك الزوجات أن لحظات الأمومة لحظات لا تعوض وأن الاستمتاع برعاية الطفل يولد الإحساس بالأمن والطمأنينة لديها وأن الخادمة إن أعطت الطفل الإهتمام لن تستطيع أن تمنح الحب والقدوة الصالحة،
طفل مكتئب
ولهذا يرى الدكتور أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس الإكلينيكي وأخصائي العلاج النفسي بمركز الاستشارات النفسية والتأهيل الشامل أن واقع الطفل العربي الآن محزن بسبب انشغال الأم عنه وتولي الخادمة الرعاية فيقول أوضحت الكثير من الدراسات أن جيل الأطفال الذي تربى على يد الشغالات والمربيات جيل يائس وحزين وجيل الاكتئاب، ويفتقد للقدرة على التواصل مع الآخرين ويعيش لحظة انعزال مستمرة، ولا يعرف غير مصالحه حتى لو كانت متناقضة مع المجتمع، ولذلك كثرت الانحرافات السلوكية بين هذا الجيل وهذا ما أكدته الدراسة التي اجريت على أطفال الإمارات، التي بينت أن هناك فروقاً هائلة في الشخصية بين مجموعة الأطفال الذين تربوا على يد الشغالات الأجنبيات ومجموعة الأطفال الذين تربوا في حضن أمهاتهم، ، وهذا الأمر يشير الى فكرة أساسية منتشرة في كثير من البلاد العربية تعتبر أن من رموز الوجاهة الاجتماعية هي وجود الخادمات والمربيات اللاتي يهتممن بالأطفال،

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved