أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 3rd September,2001 العدد:10567الطبعةالاولـي الأثنين 15 ,جمادى الآخرة 1422

الاخيــرة

الرئة الثالثة
آهات مبحوحة!
عبدالرحمن السدحان
الآهة الأولى:
كتَبتْ لقريبتها تعزِّيها في بِكرها الشاب، إثر حادث مروري أليم، فقالت:
* لأول مرة في حياتي يخونني الدمعُ، رغم أن الدمع علينا هيّن نحن معشر النساء!
* ولأول مرة في حياتي يخونني النطقُ، رغم أننا معشر النساء نسرفُ أحياناً في الكلام!
* وحين يصبح الدمع عسيراً والنطقُ عصياً على امرىء، من ذكر أو أنثى، فإنّ ذلك دليل على عمق الخَطْب وفداحة الموقف!
* *
* جبنْتُ يا اختاه أن أعزِّيكِ في فقيدك الغالي.. مثلما فعل كثيرون، المقيمُون منهم معكم أو الشادّوُن إليكم الرحال!
* أتدرين لماذا؟
لأن الحدثَ كان أقسَى على نفسي من كل شيء.. لا نكراناً للقدر، فأنا مؤمنة بالقضاء، خيره وشره.
لكن اخرستني الفجيعةُ.. فأمسكتُ عن الكلام هَرَباً من مرارة الحديث معك! عشتُ معكِ الحدثَ الجلل لحظةً بلحظةٍ، ولكن.. في صمت.. بعد أن وجدتُ في الصمت عزاءً!.
الآهة الثانية:
* مرة أخرى، يخُونني اللفظُ، ويتمرّد عليّ القلم، وتتعثر في صدري آهة الكلام! لماذا؟!
* هل لأنّ المشاعرَ اختلفتْ عمّا كانت عليه بالأمس أو قبل حين؟!
* لا.. وألف لا!.
* هل لأنني شِخْتُ.. وشاخَتْ المشاعر في ضلوعي؟!.
* لا وألف لا!
* أم أنه الحنين إليك رغم قربك البعيد، أو بعدك القريب، قد فاض به الخاطر، فاستعصى عليه الكلام.. أو استعصى هو على الكلام.. وكان من امري ما كان؟!
* *
* ورغم ذلك كله، ما برحتُ أتوسّد طيفَك،.. كلما امسيتُ، واصطحبه كلما أصبحت، واصلي في خشوع خافت، أو خفوت خاشع.. داعياً ربي ألاّ أفقدَ (وسادتي)! أن تبقى تعانق دمعي متى حزنت، وتحتضن ابتسامتي متى فرحت، وتبلسمُ جرحي.. متى اصابني من وصب الدنيا ما يصيب!
الآهة قبل الأخيرة:
* عفت هجير دنياي.. يا سيدي.. فهاجرت إلى روضك الحنون!
* ومنذئذ.. تغيّر كل شيء..
* بات مرُّ الطعام شهداً..
* وأمسى كدرُ الماء رحيقاً..
* وأصبحتْ عاصفةُ الوهم في وجداني.. نسيماً!
* منذئذٍ.. نسيتُ غصَصَ العمر التي سبقت لحظة ميلادي معك.. نسيت كل شيء إلاّ أنت!
* منذئذ.. صرتُ لك. وحدك. لا شريك لي فيك سواك!
* *
الآهة الأخيرة:
* لو كنت سحَاباً، لقبّلت شفقَ الوجنتين بلؤلؤ مائي!
* ولو كنت نسيماً، لداعبت سحر الجدائل بهمس هبّاتي!
* ولو كنت ورداً، لعانقتُ شذا الأنفاس بفوح عطري!
* ولكن، أين مني هذا وذاك، وأنا الذي تُؤرقني الثواني ترقباً لسراب الطيف القادم من وراء أفق أحلامي!!

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved