أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 4th September,2001 العدد:10568الطبعةالاولـي الثلاثاء 16 ,جمادى الآخرة 1422

عزيزتـي الجزيرة

بكاه الشارع.. فماذا بقي من قول
في كل يوم يموت عظيم وفي كل يوم نفتقد حبيباً ومحسناً ولكن موت الأمير فهد بن سلمان موت ليس كموت أحد. حين سمعت بوفاته كنت في إجازة إعتيادية وكنت أتابع ما يكتب عنه فلم استطع أن أتابع أو أحصر ما كتب عنه رحمه الله، وقرأت قصيدة الدكتور غازي القصيبي فيه فهزت مشاعري ولكنها شلَّت لساني وقلمي، نعم أصبت بصدمة وتعطلت لغة الكلام عندي، فحاولت أن أعبر فلم استطع حتى تعزيتي فيه كانت متأخرة لأني لا أكتمكم سراً، فقد ذكرني ما كتبه الناس قول الشاعر:


ما قال لا قط إلا في تشهده
لو لا التشهد كانت لاءَه نعمُ

هذا الأمير الشاب استطيع أن أقول بكاه الشارع بكل مفهوم معاصر لكلمة الشارع والشارع حين يبكي إنساناً فلابد أن نصدق كلامه الذي أيده الشاعر:


وليس يصح في الأذهان شيءٌ
إذا احتاج النهار إلى دليل

ففي كل يوم يموت عظيم ويموت كبير ويُرثى من جهات عديدة ويفتقده كل حسب مصلحته وقد يبالغ بعض من يكتب ويكون أثر فقده على العلّية من القوم، لكن أن يبكي الشارع شخصية مثل الأمير فهد هذا ما استوقفني وعطًّل لغة الكلام عندي ويجب ألاّ نستهين بالشارع فإحساس الشارع هو الإحساس الصادق فالشارع يضم المتناقضات ويضم الانفعال العاطفي والانفعال العقلي، ولكن في الاحسان حين يجمع المتناقضون في النهاية على إحسان شخص فإنها هي الشهادة الصادقة،


أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسانُ

فإنني بحكم انني أحد منسوبي الشارع العام فإنني أجد الاسئلة تنهال من كل جهة يقول ماذا قدّم هذا وبم يستحق الكتابة عنه وهو لم يقدم شيئاً فهذا لا يستحق الكتابة وذاك لا يستحق لأنه لم يعرف بعمل الخير بل عرف جمّاعاً للمال متعالياً بماله يرى انه لا يستحق غيره العيش وعلى لسان العامة يقولون: ذاك أناني، فالشارع يقيس الإنسان بما يقدم من تضحيات وفي مقدمتها انفاق المال في سبيل الخير وفي مقدمتها إغاثة الملهوف ولذا فإن تعزية الخاصة أو العلية وإن كانت صادقة إلا أنها ناقصة تنقصها حرارة اللوعة واليتم خلاف شهادة الشارع خصوصاً إذا نظروا إلى هذا المتوفى على أنه بمنزلة أبيهم القائم عليهم وتخيل معي أيها القارىء حال اليتيم حين يفقد أباه.


هل هناك أصفى من دمعته؟
وهل هناك أصدق من دمعة اليتم؟

إذاً فحين أفاجأ بالصحف كل يوم تنعي هذا الأمير الجليل وكلها تصفه بالمحسن وتصفه بفقد البر والإحسان وأكثر من كتب عنه غير معروف على مستوى الساحة فأكثر الذين كتبوا هم من الشارع العام فهم عبروا عن صدق.
فقلت: في نفسي يا سبحان الله وهل كل هؤلاء أحسن إليهم لا أكتمكم سراً بكيته مع أنني لم التق به بل رأيته من خلال الشاشة ومن خلال الصحف ولكن تقرأ دخيلته من وجهه تشعر وكأنك تعرفه من زمن بعيد وتشعر أن لك به قرابة وتشعر أنك ترى في وجهه البراءة، في وجهه البشاشة، يتهلل وجهه بشراً، تحبه من خلال الشاشة فكيف وهو المحسن.


يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما
قد حدثوك فما راء كمن سمعا
ابن أمير ابن ملك إلخ.

لا ولكنه يبتغي ما عند الله والدار الآخرة، فلو جُمع ما كتب عنه لبلغ مجلدات. مات كثير من العظماء فلم يكتب عنهم معشار ما كتب عن هذا الأمير. إذاً لا أحد يلومني حين تعطلت لغة كلامي فلم أكتب إلا متأخراً ولكن يجب أن يتدارك نفسه من أحسن الله إليه ومن أعطاه ومن وسع عليه وليجعل هذا الأمير قدوة له وكأني به وهو ينفق ولسان حاله يقول: «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً».ولكن كلنا أمل وكلنا ثقة فإن فقدنا فارساً فإنّ في الميدان فرساناً فآل سعود دوحة مباركة إذا مات فيهم سيد قام سيد منهم كما قالت الأعرابية حين سئلت عن أولادها قالت: (هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها)، فأولاد عبدالعزيز منبع الطيب والكرم ففهد بن سلمان ورث المكارم كابراً عن كابر. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
محمد بن عبدالرحمن آل إسماعيل
مدير إدارة الأوقاف والمساجد
والدعوة والإرشاد بمحافظة الأحساء

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved