أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 5th September,2001 العدد:10569الطبعةالاولـي الاربعاء 17 ,جمادى الآخرة 1422

الثقافية

الزمن الرابع
تركي بن ابراهيم الماضي
أنا البحر في احشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

هاتفني صديقي الذي لا يعترف بدور المثقفين العرب.. قائلا: هل اطلعت على الحوار الذي اجري مع الروائي السعودي احمد ابو دهمان والمنشور في موقع «ايلاف» على الانترنت؟!
اجبته بفضول: لا.. ثم لم يدعني اكمل عبارتي.. وقال اقرأه.. اذن حتى تعلم صحة ما ادعي!!
ولأن الحوار طويل جدا.. اقتطع لكم منه الجزء المهم الذي لفت نظري بالنص الآتي:
سؤال: ذكرت عرضا كتابتك للعمل باللغة الفرنسية، وعلي ان اطرح عليك هذا السؤال الذي طالما طرح عليك: لماذا اللغة الفرنسية؟ وهل كنت ستكتب العمل نفسه لو كتبته بالعربية؟
ابو دهمان: لم ينطرح هذا السؤال على الاطلاق بالنسبة لي، الا بعد ان انتهيت من كتابة النص، ربما كان السبب الرئيسي لكتابتي بالفرنسية هو ان هذا النص كان موجها اصلا الى زوجتي وابنتي وهما لا تتحدثان العربية، وانا كنت اكتب عن قرية عربية ولدي القدرة على الكتابة بالعربية، ثم اكتشفت بعد ان طرح السؤال اكثر من مرة بأنه كان من الصعب كتابة القرية بالفصحى.. الفصحى تعلمتها في المدرسة، والفصحى الى حد ما نقيضة للقرية. ادخل ما يسمى الفصحى عبر المدرسة وكنا نعتقد ان القرية فصحى وما زالت فصحى. معظم كلمات القرية اجدها في كل القواميس وافاجأ احيانا بكلمات في القواميس واتذكر اننا كنا نعيشها يوميا، فكتابتي بالفرنسية جاء تلبية لروح القرية، لأن في الفرنسية من المرونة ومن البساطة ما يمكن ان انقل عبره قريتي للعالم الآخر. عبر اللغة الفرنسية اكتشفت بلادي واكتشفت نفسي، انها لغة ليست مقيَّدة ولا مقيِّدة، لغة ليست لغة مؤسسات رسمية، بل لغة افراد، ليست لغة قبيلة بل لغة فرد، يمكن للفرد ان ينمو من خلالها وان يكتشف ذاته من خلالها. تماما كالمجتمع نفسه.
مجتمع افراد، يعترف بالفرد، وما كان ممكنا ان اكتب قريتي بهذه الصورة لو لم اكتشف انا ذاتي كفرد. هذه الحالة من النمو الاجتماعي، ومن الاستقلال الذاتي مكنتني من كتابة قريتي كما اود. كنت منذ طفولتي وانا احلم بأن استقل عن هذا الجسد الضخم، اقصد جسد القبيلة الذي لم اكن فيه الا خلية.
هنا بالفرنسية وجدت نفسي. في باريس وجدت نفسي ككائن مستقل وكانسان امام مسؤولياتي تظل القبيلة سندا اذ لم اشعر يوما ما بالخوف او الجوع في باريس، كان بامكاني ان اتصل بأحد اصدقائي في المملكة او حتى في القبيلة التي يمكن ان تنجدني، ولكنها لا تستطيع ان تنجدني على الصعيد الروحي او على صعيد الاستقلال الذاتي كفرد. لهذا كانت لغة رسمية، لغة فيها احيانا من القدسية ما يحول دون كتابة نص حر. اضافة الى عامل آخر:
عندما اكتب بالعربية فاني امارس رقابة ذاتية مدمرة، وهي ابشع انواع الاستعباد، اقصد ان يستعبد الانسان ذاته.. بينما عندما كنت اكتب «الحزام» بالفرنسية كان هناك هذا الهاجس، هاجس القارىء العربي، القارىء الرسمي لكنه لم يكن حاضرا كما يحضر لي عندما اكتب بالعربية.
انتهى الحوار.. واترك لكم حرية تقييم حديث الروائي ابو دهمان.. وبالنسبة لي، فلا ادري لماذا حضر ببالي شخصية طه حسين لحظة ان انتهيت من قراءة الحوار!!
e.male.turki7777@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved