أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th September,2001 العدد:10578الطبعةالاولـي الجمعة 26 ,جمادى الآخرة 1422

أفاق اسلامية

قراءة في كتاب
في قراءة لكتاب خالد السبت يوضح:
أصول وضوابط وآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المسلم الصادق هو الذي يسلك ما يحقق له الفلاح والخير والامة الصادقة هي التي تعد نفسها لتتبوأ المقام الشريف وقيادة غيرها من امم الارض الى طريق الحق لأن الله اصطفى بعض ائمة الدعوة ليكونوا من ائمة الاجابة فاجتباهم وهداهم وفضلهم على من سواهم..فما هو واجب الامة وما العمل الذي انيطت به لتكون لها الصدارة والقيادة والريادة على سائر الأمم؟هذا السؤال يجيب عنه الأستاذ خالد بن عثمان السبت في كتابه «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. أصوله وضوابطه وآدابه» الذي نحن بصدد عرض موجز له..فيستهل المؤلف كتابه بتأكيد اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر للامة فكما لابد للمؤمن ان يعد نفسه ويجتهد للوصول بأمته الى هذا فلا بد للامة بمجموعها أن تعمل لتحقيق هذا، المطلب الكبير.. وفي قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة..) يعطي معنى القوة والاتحاد.. وان الامور المنوطة بهذه الامة احوج ما تكون الى هذين الامرين فالامة القوية لا تغلب ولا تقهر..ويشير المؤلف الى ان لترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر آثاراً وخيمة منها وقوع الهلاك وانتفاء وصف الخيرية عن الأمة.. كما أنه يجرىء اهل المعصية والفساد على اهل الخير والحق ويعد تزييناً للمعاصي عند الناس وفي نفوسهم.. ومدعاة لعدم اجابة الدعوة وسبب غربة الدين وإلف المسلم لهذه المنكرات، وعلى ذلك فإن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يكون واجباً وقد يكو مستحباً وقد يكون محرماً وقد يكون مكروهاً وذلك في عدة حالات، اما في حالة كونه واجبا فهذا اذا كان العمل المأمور به من الواجبات أو الفعل المرتكب الذي يراد النهي عنه معدوداً من المحرمات ومتى يسقط الوجوب؟
يجيب المؤلف لا شك أن الإنكار بالقلب لا يسقط بحال من الأحوال لكن الإنكار باليد واللسان قد يسقط وجوبه وذلك في واحد من ثلاثة أحوال:
الحال الأول: إذا تكاثرت الفتن والمنكرات.. وهذا يكون على نوعين.. الاول: ما يكون آخر الزمان وهذا النوع هو الذي تحمل عليه كثير من الأحاديث الواردة في العزلة والتي منها حديث ابي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً» يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن». الثاني: ما يقع من الفتن في بعض الاوقات دون التي تقع آخر الزمان كالفتن التي وقعت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه بين اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.أما الحالة الثانية: من الأحوال التي يسقط فيها وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي العجز الحسي وهي اشبه بمن لم يذهب للجهاد لمرضه أو لذهاب بصره.والحالة الثالثة: إذا كان يلحقه من جرائه مكروه معتبر في إسقاط الوجوب عنه.
وأشار المؤلف إلى حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبيناً أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج والإثم عن الباقين.. واذا لم يقم به احد أثم القادرون جميعاً ففي المنكر المعين يأثم كل من علم به وكانت لديه القدرة على انكاره ولم ينكر ولم يكن له في سكوته.. وينبغي التفطن الى أمرين الأول: أن الإنكار بالقلب لا ينفك عن احد ابداً، والثاني: ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يتحول الى فرض عين وذلك اذا كان المنكر المراد رفعه او المعروف المرادايجاده وفعله لا يتمكن من القيام به إلا فلان بعينه فإنه يتعين عليه ذلك اذا لم يعلم به غيره وهذا يكثر وقوعه في البيوت.
وتطرق لمفهوم الحسبة بأنها تشتمل على المعروف والمنكر فيؤمر بالاول: اذا ظهر تركه وينهى عن الآخر اذا ظهر فعله فواجب الحسبة الأمر بالمعروف وان لم يترك وينهى عن المنكر ويحذر منه اذا لم يرتكب فنشر الوعي والعلم والحث على فعل الخيرات تشمله الحسبة.. ويكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محتملا للتأجيل ومنه ما لا يحتمل ذلك فلو رأيت إنساناً يريد قتل من هو معصوم الدم فإن هذا المنكر لا يتحمل انكاره او الانتظار قطعاً ومثله كذلك من اظهر سماع المعازف او وجد يزني؛ لكن لو رأيت انسانا قد ثمل من الشراب حتى فقد وعيه فليس من الحكمة ولا من العقل ان تكلمه وهو في تلك الحالة بل يمكن نصحه بعد افاقته لكن لو رأيت شيئا من الشراب فأمكنك اراقته او كسره فنعم كذلك لو رأيت لهوا او جماعة معه على ذلك المنكر فينبغي تفريقهم.
بعد ذلك استعرض المؤلف اركان الحسبة.. وقسمها الى اربعة اركان الاول: المحتسب: والمراد به من يقوم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء نصب لذلك ام لا، ويشترط فيه:
1 التكليف بأن يكون بالغا عاقلا..
2 الاسلام فالحسبة نوع من الولاية ولا ولاية للكافر على المسلم
3 الاخلاص واحضار النية فلا يرجى من عمله غير مرضاة الله تعالى
4 المتابعة: فهي شرط في قبول عمله لقوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً)
5 العلم: فلا بد أن يكون المحتسب فقيهاً فيما يأمر به فقيها فيما ينهى عنه
6 القدرة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فمن كان بوسعه القيام بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لزمه ذلك ومن لا فلا.
وانتقل المؤلف بعد بيان الركن الأول وهو المحتسب آدابه وشروطه الى الركن الثاني من الاحتساب وهو «المحتسب عليه» وهو كل من يؤمر بمعروف أو ينهى عن منكر.. وينقسم الى انواع من حيث القرب والبعد والدخول في عقد الاسلام من عدمه وتحصيل الولاية وعدمها والاجتماع والافتراق ومن حيث قبول الحق ورده وهي كما يلي:
أ قرابة المحتسب: فعلى المحتسب أن يراعي عند الاحتساب على الوالدين زيادة الرفق بهما والتلطف لهما وألا يتعدى ذلك إلى الشتم أو الضرب مثلاً.. وعلى المحتسب ان يفرق بين امرين، الاول: ما اذا كان المنكر متعلقاً بشخص احد الوالدين فإنه ليس له ضربه ولا تقبيحه، والثاني: اذا كان المنكر غير متعلق بشخصهما وانما كان تعلقه بالدار او المال او المركب ففي هذه الحالة عليه ان ينظر الى نوع هذا المنكر وحجمه ومدى ا ثره واثمه.
ب غير الاقارب: وهؤلاء يحتسب عليهم ايضا على اختلاف منازلهم ومراتبهم سواء أكانوا ولاة امر ام غير ذلك.
ج انواعهم من حيث الدخول في عقد الاسلام وعدمه: من حيث انهم مسلمون وهم قرابته او ابعد كما سبق تناوله.
د أنواعهم من حيث تحصيل الولاية وعدمها: فأصحاب الولايات اذا كان المحتسب عليه من الولاة الذين يحكمون بشرع الله فإن لاهل السنة منهجاً في التعامل معهم فلا يرون التشهير بهم على المنابر والمجامع العامة لما يوقع ذلك من الفتن.
ه انواعهم من حيث تحصيل الولاية والافتراق: النوع الاول: افراد فتجري عليهم الحسبة من جهة الديانة والمعاهدة والقرابة والمنصب.. النوع الثاني: مؤسسات واحزاب وتجمعات واندية وهؤلاء، يتفاوتون بحسب ما يحملون من المناهج وبحسب حجم انحرافاتهم فاصحاب المناهج الشاردة عن مظلة الدين والشريعة كالقومية والبعثية والعلمانية والحداثية وغير ذلك من السبل المنحرفة يعاملون بما هم اهله من المفاضلة والمعاداة.
و انواعهم من حيث قبول الحق ورده «فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريقة الحكمة والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يدعى بطريقة الحكمة.... والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي احسن.ويتساءل المؤلف متى يكون الستر على العاصي، ويجيب على تساؤله قائلاً: اذا كان فاعل المعصية متبجحاً بها متحدياً المحتسبين بفعلها فهذا لا يستحق الستر بل ينبغي ان يؤدب وألا يتستر عليه.ويعرف المؤلف الركن الثالث وهو المحتسب فيه بانه كل منكر موجود في الحال للمحتسب بغير تجسس معلوم لكونه منكرا بغير اجتهاد والمراد بكونه منكرا اي اعم من ا لمعصية فلا يلتفت فيه الفاعل والمراد بكونه موجودا في الحال ألا يكون تم فعله في الزمن الماضي.. فانه لا احتساب فيه الا بالتذكر والنصح ويبقى على ولي الامر معاقبته على ما فعل. والمراد بكونه ظاهرا للمحتسب من غير تجسس وهو الانكشاف بالرؤية او السماع او النقل الموثوق الذي يقوم مقامهما فان ظهر له شيء باحد هذه الطرق فله الاحتساب في هذه الحال، والمراد بمعرفة كونه منكرا من غير اجتهاد.ويتساءل الكاتب: ما الذي يحق للمحتسب إتلافه؟ ويجيب اذا كان المنكر لا يمكن الانتفاع به بوجه مباح يكسر تماما كالصنم والخمر وكثير من آلات العزف.. أما اذا كان يمكن الانتفاع به في غير منكر فإنه يفسد الا في حال قصد التعزير لصاحبه مثل جهاز التصوير والمذياع والمسجل والاشرطة ونحو ذلك.
بعد ذلك تطرق الاستاذ خالد السبت الى الركن الرابع من موضوع كتابنا الاحتساب وهو القيام بالحسبة.. فاستعرض المؤلف خطواته والدرجات التي يجري فيها الاحتساب، اولهما: في طريقة الوقوف على المنكر والتعرف عليه وكيفية ذلك وهل يكفي في هذا مجرد الظن؟ وهل يسوغ في ذلك التجسس؟ فليس له ان يحتسب بمجرد الوهم والظن المرجوح بل لا بد من وجود العلم بوقوع المنكر او حصول غلبة الظن مع وجود الامارات المرجحة للوقوف كما لا يجوز له ان يتبع اخبار الناس وينقب عن عوراتهم التي لم تظهر فان ذلك محرم.


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved