أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th September,2001 العدد:10578الطبعةالاولـي الجمعة 26 ,جمادى الآخرة 1422

عزيزتـي الجزيرة

عُقدة يدفع ثمنها الصغار!
الذهب ومعاناة أطفالنا
نقطع جزءاً من قلبنا نهديه لأولادنا من أول صرخة لهم في الحياة وهم في اللفة يوم فرحة اللقاء، تقبل الحياة بفرحة ونود لو نعطيهم روحنا، قد تكون ترجمة هذه المشاعر الجياشة الإغداق والتقبيل منهم وقد تكون هي اعطاء الهدايا المعقولة ولكن أن نتجاوز الأمر ونثقلهم بالذهب خاصة الفتيات الصغيرات منذ الولادة فهو ما يدعو للتأمل والدراسة والدهشة والخوف أيضاً، فقد تعرضهن المبالغة في ارتداء الذهب من المعصم إلى منتصف الذراع أو الحلي في الرقبة إلى الخطف والسرقة بل قد يغير من شخصياتهن فيجعلهن فتيات مدللات في المستقبل لسن متحملات للمسؤولية هذا الأمر يحتاج إلى نظرة عميقة من علماء النفس وتربية الأطفال فما هو السر في المبالغة لارتداء الصغيرات الذهب؟ وهل هناك قدر معقول منه ننصح به للتحلي دون هذه المبالغة؟
يميل بعض الناس لاستعراض قدراتهم المالية في مختلف تصرفاتهم وقد يظهرون ذلك بأن يلبسوا أطفالهم الذهب بصورة مبالغ فيها وسمة الاستعراضية سمة طفولية غير ناضجة والشخص الاستعراضي عندما كان طفلا كان يشعر بالنقص وكانت تعوزه الامكانات المادية ومن ثم فإن أي عاقل يرى ما يفعله الاستعراضي أنه «عقدة نقص» ولا شك أن هذا النقص ظل كامنا بداخله يتفجر في صورة شراء الذهب لأطفاله «أعز ما يملك» تحت دافع لا شعوري لتعويض ذلك النقص وهو نفس الشخص الذي يبالغ في مقتنياته فهو يركب السيارة الفارهة غالية الثمن جداً وذلك لابهار من يرونه وهو بذلك يشعر بالاشباع فرغم أن السيارة وسيلة المواصلات وليست غاية في ذاتها ولكنه يعشق ابهار الآخرين ونفس الشيء يود أن يراه يبهر به الآخرين بما يتزين به أطفاله من الذهب حيث ان هذه النظرات ترضيه ومثل هذه الشخصية الاستعراضية تميل لجذب الانتباه .
وتستعرض في طريقة الكلام وعادة تبالغ في انفعالاتها ولا تتحمل الاحباط عندما يتأخر الاشباع لمطالبها وهي قدوة سيئة لأطفالها رغم ما تفعله من أجلهم من الانفاق المادي مما يجعلهم ضعفاء في البناء النفسي وغير ناضجين ولا يتحملون الاحباطات الواقعية وهذا ما يجعل هؤلاء الأطفال عرضة للمعاناة حيث لا يضمن ذلك الأب أو الأم الذين يثقلون أولادهم بالذهب أن الأمور سوف تستمر كما هي فالدنيا متقلبة والأفضل من ذلك أن يتعود الأطفال التحمل والصبر في عدم اشباع مطالبهم بصفة عاجلة لأن ذلك يجعلهم أقوياء في مواجهة الواقع إذا كان محبطاً وعلينا أن نعي أننا نعد أطفالنا للمستقبل حيث قد لا توفر لهم الحياة كل ما يطلبون كما أنه من الأفضل أن يكون لأطفالنا أشياء تنقصهم فيسعون لتحقيقها فتكون لهم أهداف وأمنيات وطموحات يتوجهون إليها فلا تكون حياتهم مللاً ورتابة وخالية من الهدف فالاشباع الكامل لمتطلبات أطفالنا لن يعطيهم الشعور بمقدار وقيمة النعمة التي ينعمون بها ولذا فإن قدراً من الحرمان يشعرهم بقيمة الأشياء.
إن الآباء في مجتمعنا يعانون ارتباكاً بين النمط الشرقي في التربية والنمط الغربي فالأخير ينمي الاعتمادية واشباع الاحتياجات في مقابل التبعية لأسرة الأصل والنمط الغربي يشجع على الاستقلالية والاعتماد على الذات في مقابل الانفصال وعدم التبعية لأسرة الأصل وللأسف الشديد يأخذ أطفالنا عيوب النمطين فهم يعتمدون مادياً على ابائهم وفي نفس الوقت يطلبون حرية التصرف بحجة أن هذا هو الاتجاه الحديث في التربية وهذا يجعلهم ضعفاء وغير ناضجين انفعالياً في مواجهة الواقع ولا شك أن تنمية الاعتمادية يشبع الحاجات كلها والإغداق في الانفاق على الابناء بصورة مبالغ فيها مثل اقتناء الذهب بصورة مبالغة يجعلهم يأخذون الطابع السهل والضعيف وهو الاعتمادية وعدم النضج كما يجعلهم محبين للظهور رغم أن ذلك ليس بإمكاناتهم المستقلة ولكن بامكانات الآباء وهذا نزيف للواقع الذي يزعمه الابن يتعلم من خلاله الكذب والنفاق. إن التدليل الزائد لأولادنا فقراء كنا أم أغنياء لا يحدث في مكان آخر من العالم وإلباس كثير من الأمهات لبناتهن الذهب بصورة مبالغ فيها خاصة للفتيات وهن في المهد وسنوات عمرهن الأولى صورة مبكرة لهذا التدليل، وهو يخلق شخصية معتمدة ليست قادرة على حل مشكلاتها، قد نفعل ذلك دون وعي منا ورغبة أن نشعر أولادنا بأننا نغدق عليهم «وغداً» يغدقون علينا بالرعاية، وان يتعاملوا مع الآباء والأمهات بالانسانية وهو التكريم الانساني لهما والإسلام أول من كرم الانسان وجعله محور وأساس الوجود.
أحمد سالم بريك صبيا
إدارة التعليم مشرف تربوي

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved