أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th September,2001 العدد:10581الطبعةالاولـي الأثنين 29 ,جمادى الآخرة 1422

محليــات

لما هو آت
الجوهرة في البلقان
د. خيرية إبراهيم السقاف
لا أتخيَّل أنَّ منطقةً كالبلقان بعد نهوضها من ركام الحرب، والدَّمار، والنَّار، والشَّتات، بوصفها بلاداً يشهد فيها الإنسان بشهادة التّوحيد، بحاجة لشيء آخر بجانب المسكن، والمأكل، والكساء إلاَّ أن تنهض فيها بيوت الله، كي يلتجئ إليها كلُّ من يؤدي فيها شعائره، ويمارس فيها عبادته، بعد أن سقطت ضحية الدمار، ومُحيت في قلب الأحداث...
وكان لابد أن يتحرَّك الاحساس بهؤلاء في الصدور العامرة بالحب لله تعالى، وبالتكَّافل البشري الإنساني الإيماني...، وكان لهذه البلاد هذا الاحساس في مبادرات فريدة، وجادة، ومثابرة ترأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بما يعزِّز دور هذه الأمة المضطلعة على أمور المسلمين بوصفها المرجع الأساسس لهم، والمأوى الديني...
وكان أن تحرَّك هذا الاحساس الصادق في قلب امرأة من قلب الجزيرة، لم تقف عند حدود التعاون العابر، وإنَّما غرست هناك فوق أرض البلقان ما يبقى، ما ويثمر في صمت ولكنه دائم بدوام شهادة أن لا إله إلا الله تتردَّد فوق الشفاه بألسنة مؤمنة...
وأتمّت هذه المرأة ما بدأته أمَّتها، وواكبت الحاجة الملحَّة لأولئك القوم في عملٍ نادرٍ ولكنه جميلٌ مؤثّر باق...
هذه المرأة ليست بحاجة لأن أمتدحها، فأعمالها تتحدَّث عنها، وهي تفعلها بصمت، غير أنَّها أعمال تنطق بذاتها، وإني أشهد لولا أنَّ أعمالها ناطقة لآثرتْ هذه الإنسان بكلِّ ما عرَفته عنها من هدوء وطيبة وصمت وعطاء هادئ دون أن يذكر اسمها...
ولكن كيف؟ وهي تحفِّز العلم بجوائز سنوية في كافَّة الجامعات، وهي تبلسم الجروح المؤلمة في أحد أهمِّ المراكز الصحية الجامعية في جدة، وهي تلبي كلَّ نداء في المؤسسات التعليمية النسوية تمثِّل فيها كلمة وموقف الرجل الأول، بإنسانية لا يعرفها من يقرأ عنها فقط، بل كلُّ من عرفها عن قرب، أو عن بعد...
وواصلت حثَّها للعلم، بحثّها لعلم باق لا ينتهي أثره، ولا يمحى أجره، لا يرتجى منه منفعة حياة زائلة، بل ثواب حياة خالدة...
ففي الأسبوع الماضي علت في مدينة بوقوينو في اقليم ترافنيك، وسط مدينة البوسنة منارة من منارات الإسلام، ومركز علم كأحد أهمِّ معالم المدينة الحديثة، في اثنين من أهمَّ الأعمال التطوُّعية الخيرية ذات المكسب الأخروي، ذي الأبعاد العديدة، قامت به هذه المرأة المسلمة من قلب هذا الوطن، زوجة الرجل الأول في الدولة الإسلامية الأولى التي تقوم على خدمة أقدس البقع في الأرض، وأطهر المواقع فيها ألا هما المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه المرأة هي الأميرة ذات المواقف الصامتة، والمُعلنة، الرائدة في مجالات عديدة تقف فيها مع المرأة تحفِّزها، ومع العلم تحثُّ عليه، هي الجوهرة إبراهيم البراهيم حرم خادم الحرمين الشريفين فقد افتُتح في قلب البوسنة مسجدها ومركزها التعليمي...، وقد زُوِّد هذا المركز بكلِّ ما يؤهل المرأة هناك إلى جانب الرجل من ممارسة التعلم للمهن المناسبة لها كالحياكة، ودراسة اللغة العربية، وعلوم الدين، والقرآن الكريم، ووفَّرت لها المكتبة للقراءة والاطلاع، وما تجد فيه فرص إعادة التأهيل بعد أن نُكبت بعد الحرب، وضاقت بها السبل، وأُغلقت دونها مثل هذه المراكز أو المؤسسات...
ولعمري إنَّ هذا العمل على درجة من الأهمية يضع المرأة المسلمة القادرة في مصاف من يعي مسؤوليته ليس فقط في الحياة الدنيا، وإنّما أمام الله تعالى...، ويذكِّرنا ذلك بما كان يفعله المسلمون في صدر الإسلام من إيقاف أموالهم لتعزيز الإسلام، وما هي أثمن الأفعال التي حققّت لهم البشرى وأكسبتهم الرضا الإلهي سوى هذه الأَثرة؟...
إنَّ لهذا العمل الجوهري أبعاداً ثلاثة: بعدٌ دينيٌ، وآخر إسلاميٌ وثالث عربيٌ... ولقد اشتركت الأبعاد كلُّها ليكون في تتويجها بعدٌ رابعٌ هو دور المرأة في الجزيرة العربية في نشر الإسلام، وتحفيز المسلمات، ومؤازرة المسلمين...
ولعمري إنَّها المواقف الجليّة لهذه الدولة...
في زمن يحتاج فيه الإسلام إلى أن ينهض ويقوى بين أهله...
فها هي المؤتمرات، والمساجد التي تؤسَّس، والمدارس التي تُنشأ، وبعثات التعليم والدعوة والتوعية، والتبرعات، والمعونات، التي لا يقف سبيلها، ولا يتوانى القائمون بها وعليها.. في كل بقاع الأرض حيث المسلمون... تقدمها هذه الدولة المسؤولة والرائدة.
ولقد افتتَح هذا المشروع الإسلامي الرائد ممثِّلاً لها ابنها الشاب الطموح النَّابه الذي يمثّل ثمرة هذه الأم الصالحة وهذا الأب القدوة ضمن ملحمة عمل تطوعي متواصل...، عبدالعزيز بن فهد بكلِّ صدقه في مثل هذا التّمثيل، وبما حباه الله من التَّميُّز...، حفظه الله لهما وجعله قرَّة عين في الدنيا والآخرة... وبارك الله في عملها... وجعلها قدوة لكلِّ امرأة مسلمة مقتدرة...
ولتهنأ البلقان بمنابر السلام، ومراكز النور...
ولينفع الله هذه البلاد بمآثر قادتها، ومواقفهم وكذلك أفرادها.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved