أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th September,2001 العدد:10582الطبعةالاولـي الثلاثاء 1 ,رجب 1422

فنون مسرحية

على خشبة النيل المكشوفة
«الزاوية المظلمة»تنافس رغم ابواق السيارات
راشد الورثان: بالأهازيج السعودية انتمى العرض لنا.. وانتمينا له
* القاهرة مكتب الجزيرة عمر محمد:
بعد غياب طويل دام تسع سنوات عادت فرقة الدمام لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ممثلة للمملكة في دورته الثالثة عشرة بعرض «الزاوية المظلمة».
المشاركة السعودية جاءت بوفد رسمي على رأسه الدكتور مبارك راشد الخالدي.. الذي يحدثنا عن هذه المشاركة قائلاً: «تحرص قطاعات الثقافة في المملكة ممثلة في قطاع المسرح بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون على المشاركة في فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي منذ دورته الأولى، حتى أنها لم تتخلف عن المشاركة إلا لدورتين.. السابعة والحادية عشرة.
حيث كان لفروع الرياض والدمام والطائف سبق المشاركة».
وللدمام مشاركتان سابقتان في الدورتين الثالثة والرابعة بعرضي «اللاعبون« و«تراجيع» للمخرج جمال قاسم. هذا العام نعود للقاهرة ب«الزاوية المظلمة» الذي سبق عرضه محلياً في الدمام وأبها حيث فاز بجائزة المفتاحة لمهرجانها السياحي الفني، بينما حقق المركز الأول لمهرجان الجنادرية المسرحي الماضي، كما فاز بطل العرض الفنان «راشد الورثان« بجائرة أفضل ممثل، ومثل العرض المملكة للمرة الأولى في مهرجان المسرح الأردني الثامن نهاية العام الماضي.
«الزاوية المظلمة» الذي اختارتها لجنة المشاهدة الدولية للتنافس على جوائز المهرجان الرسمية في فرع أفضل تقنية مسرحية من تأليف عبدالله الباروت واخراج السوري وليد الدبس في تجربته الأولى بالمملكة، وهو أيضاً مشاركته الأولى في مهرجان المسرح التجريبي. بطولة .. راشد الورثان، عبدالباقي البخيت، ماهر الغانم، ضياء حسين، ناصر ظافر وأحمد الحبشي.
قراءة العرض
العرض يقترب برهافة من حالة انسانية معذبة ومعقدة يمتزج داخلها الخوف والقلق، تنعكس في صراع مع الآخر سواء كان حقيقة أم شبحاً، إذ تعمد ايهام شخصية البطل، وكأنه يعيش ليلاً كابوساً طويلاً تملأه الأشباح التي تمثل مخاوفه، التي تقارب الوسواس القهري.
وبينما يشارك البطل ابنه داخل الحجرة أو العالم المغلقة أبوابه.. يرفض الابن الاستمرار في الحياة داخلها وفي المقابل يعجز الأب عن الخروج منها.. حتى ولو على سبيل المحاولة، وكأنه مستسلم تماماً لواقعه الذي يخلقه بأشباح.. صنعها بنفسه.
زاوية
يبدأ العرض بخروج انسان بلا ملامح محددة من شرنقة الرحم إلى عالم ينتظره فيه مجتمع يلقنه معارفه وهواجسه في حوارات مقتصدة بليغة، ثم تمضي به الحياة لتستمر الأشباح بعد ذلك في طرح مخاوفه الكثيرة، وأحياناً السخرية منه وباستفزازه عله يتمرد عليها، إلا أن استسلام الأب الكامل لهواجسه يدخله أخيراً الزاوية التي تنغلق سجنا عليه ومعه ابنه الذي يصرخ فيه ليخرج ويتركه لمصيره وبينما يعجز الأب وينهار يخرج الابن أو يخرجه منها الشبح الذي طالما عذب أبيه.. ليبدأ الولد طريق مستقبله منفرداً ليختار ونحن أيضاً إما: أن يرث مخاوف أبيه أو يندفع في حياته بعيداً عنها.
بينما تخلف مخرج العرض الفنان السوري وليد الدبس عن مصاحبته إلى القاهرة، كان حضوره واضحا في حركة الممثلين شديدة الحيوية، واعتماد اللغة البصرية التي تحتفي بالاضاءة ورمزية الألوان.. مقدماً من تقنيات مسرح الصورة، وموظفاً الفنون البصرية والسمعية لتوريط المشاهد ليعايش حالة قريبة من احساس الاختناق الكابوس الذي يعيشه بطله الذي جسده بجدارة الفنان راشد الورثان.
الديكور والملابس
الديكور والملابس التي قام المخرج بتصميمها أيضاً جمعت بين الجمالية والتعبير رغم بساطة تكوينها وخاماتها التي لم تزد على .. بعض قطع من الخيش، ألواح ورقية بيضاء مثبتة «على حوامل تستخدم أحياناً كخيال ظل، وأحياناً كجدران، ويتم الرسم عليها في أحد المشاهد.. وتمزق في آخر، حتى تتحول في النهاية إلى تجسيد مباشر لسجن ينغلق على الأب وابنه قبل أن يمزقها الابن خارجاً من «الزاوية المظلمة».
على خشبة المسرح أيضاً صندوق أسود يصنع الأب فيه مخاوفه، كأنه داخل نفسه المريضة بالوساوس، ويجسد المخاوف اكسسوارات بسيطة وساخرة كنظارة كبيرة وعصا وشمسية مصغرة، وعلى جانب من المسرح علقت شبكة صيد تحمل رسما لشبكة العنكبوت كأنها شبكة مخاوفه العنكبوتية التي يتمرغ فيها البطل أو يختنق داخلها.
لغة بصرية
وإذا كان احتفاؤنا بالحضور الطاغي للمخرج الغائب «وليد الدبس» تقتضيه لغته البصرية الراقية، وسيطرته على حركة الممثلين التي أضفت الحيوية الشديدة على الخشبة لما يقارب الساعة زمن العرض.. فقد فرضت علينا اللغة الشعرية المكثفة للحوار البحث في زاوية المؤلف «عبدالله الباروت» الذي قال لنا.. «ان شخصية البطل لا تتحدث عن شخص معين، فهو قد يكون «أي انسان».. مريضاً أو نائماً يحلم بالكابوس، لكنه بالأساس الانسان الحساس جداً الذي يعاني حالة نفسية يتطور فيها اكتئابه ليصل للمرض بالفصام، فهو كشخص مقهور يفسر كل شيء بطريقة مرضية..
الطبيعة الانسانية العامة للنفس لم تخف روحاً سعودية تسللت إليه عبر ثلاثة أهازيج شعبية موزعة على مشاهد عديدة صاحبت رحلة بطله في الحيادة، لابراز الطابع المحلي الخاص، أو على حد تعبير بطله «راشد الورثان».. أردنا أن نضع له بعض اللمسات حتى ينتمي لنا وننتمي له، رغم حرصنا على عدم وضع هوية محددة للعمل تفقده جمالياته وعالميته». ويضيف «مع الأهازيج واستخدام الدف في مشاهد عديدة، أعطانا المخرج مساحة واسعة للمشاركة والتعبير عن تراثنا، خاصة أنها أول تجربة مسرحية له في المملكة».
الأهازيج الثلاثة داخل العرض تستند إلى التراث كما يوضح «الباروت» وتدور حول ثلاثة مواقف.. هدهدة الطفل لينام، وأغنية عند تعليمه المشي، وثالثة تحاكي رقصة الزار في ايقاعها. وهي مأخوذة من تراث الشعر القديم، فقط عدلت بعض ألفاظها لتغنى بالفصحى بعيداً عن المفردات المقعرة القديمة مع الحفاظ على نفس المفهوم والمعنى.
كثافة اللغة الشعرية الموسيقية التي سيطرت على العرض قلل من تأثيرها نسبياً عدم تحكم الممثلين في درجة الصوت.. الذي كان مرتفعاً في كثير من الأحيان رغم أن الأداء يفترض أن يقترب من الأداء الشعري المتأمل، ويبتعد عن الانفعالات الزائدة، خاصة مع انشغاله بالتعبير عن حالة أقرب للحلم منها للواقع.
المنتج الفني للعرض «محمد الشريدي» أجاب عن هذا التحفظ بأنه «خطأ تقني ناتج عن عدم فهم طبيعة مكان العرض حيث قدم على مسرح النيل المكشوف على نهر النيل بالجيزة، لذلك طلبنا من الممثلين رفع أصواتهم، حتى تطغى على أصوات الشارع وأبواق السيارات، ولتماشي العرض في الهواء الطلق.. فجاءت أصواتهم أعلى مما يجب مع وجود ميكروفونات المسرح، ومن ثم تداركنا ذلك في اليوم الثاني، حيث عرضت الفرقة أول وثاني أيام المهرجان.
وبعدها تفرغ الوفد لمتابعة العروض الأخرى عربية وأجنبية والمشاركة في الفعاليات الثقافية الأخرى للمهرجان.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved