أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th September,2001 العدد:10582الطبعةالاولـي الثلاثاء 1 ,رجب 1422

مقـالات

محطة مضيئة من محطات التعاون العربي
د. عبدالعزيز بن عبدالله السنبل
إن تاريخ التعاون التونسي السعودي، تاريخ مضيء ومليء بالمنجزات العملاقة التي ساهمت في التآخي والتقارب بين الشعبين والدولتين، بسبب ما يجمعهما من روابط لا تنفصم تدعمها روابط الدين والدم والتاريخ. وايمانا من السعودية وتونس بأن هذه الروابط لابد من تأطيرها وتطويرها من خلال اضافة عوامل المصالح والمؤازرة في شتى مجالات الحياة وذلك من اجل الخروج بها من البقاء في حدود هذه الثوابت الى مجال الحركية الدائمة، فقد بادرت الدولتان الى ربط علاقات التعاون بينهما في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والدينية.
وهكذا، ظلت العلاقة السياسية التي تربط الدولتين من اكثر العلاقات السياسية العربية ثباتا وحرارة فلم تتأثر يوما بأي مضاعفات قد تزعزعها، وتعود العلاقة بين المملكة وتونس الى ايام المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، الذي آزر وساند كفاح الشعب التونسي من اجل الحرية والاستقلال.
وكانت للملك عبدالعزيز مواقف مشهودة ومعروفة لدى الجميع حيال هذا الامر، وقد تدعمت العلاقة السياسية بين البلدين من خلال صدق وعفوية العلاقة الشخصية التي تربط بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، واخيه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي حفظهما الله، فلا يمكن وصف المشاعر والمحبة التي يكنها كل واحد منهما للآخر.
وقد تجلى ذلك في نوعية العلاقات التي تربط حكومتي البلدين وما تقيمانه من تعاون وتنسيق مستمر في كافة المواضيع التي تطرح عليهما او تطرأ على الساحة العربية او الاسلامية.
وكان من نتائج هذه العلاقة السياسية المتميزة، حدوث ثراء في العلاقات في المجالات الاخرى وخاصة في المجال الاقتصادي والعلمي والاجتماعي والثقافي والديني.
واذا كان لنا ان نحصر كل ما تحقق في هذه المجالات، فان ذلك لن يتسع له اقل من كتاب او حتى كتب متعددة. ولكننا سوف نقتصر في هذا الباب على ذكر نماذج من اوجه التعاون بين البلدين في هذه المجالات.
فنقول وبعون الله ان رابطة الدين والقرابة التي تربط بين الشعبين التونسي والسعودي تجعل من التعاون بينهما حتمية تاريخية. فالمملكة هي التي تضم المشاعر المقدسة لاقامة خامس ركن من اركان الاسلام ألا وهو الحج.
فهي اذن القبلة لآلاف التونسيين الذين يقصدونها لاداء فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي للسلام على رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام. ولذا، فان عوامل التقائهم باخوانهم السعوديين قائمة بطريقة عفوية. كما ان السعودية تعد مكان اقامة وعمل للكثير من التونسيين في شتى مجالات الحياة وفي كل الحرف والمهن. فعلاوة على اليد العاملة الماهرة التونسية التي تعمل في الشركات والمصانع السعودية، فان الكثير من الاساتذة التونسيين يدرسون في قطاعات التعليم السعودي ابتداء من التعليم الثانوي والتقني والمهني وحتى التعليم العالي بشتى اختصاصاته، بالاضافة الى وجود الكثير من الاطباء والمهندسين المتميزين من تونس في المؤسسات الطبية والصناعية والعلمية السعودية. وفي الوقت ذاته، يوجد في تونس بعض الطلبة السعوديين الذين يدرسون في الجامعات التونسية خاصة في مرحلة الدكتوراه الثالثة «الماجستير» ومرحلة الدكتوراه.
الا ان المجال الاكثر تأثيراً في مجالات التعاون بين تونس والسعودية، انما هو المجال الاقتصادي، اذ اصرت السعودية لما اعطاها الله من ثروة على اعطاء الاولوية للدول العربية في مجال استثماراتها كلما كان المقام يقتضي ذلك او من خلال تقديم العون والمساعدات لشقيقاتها من الدول العربية، وتعد تونس من اكثر البلاد صلوحية للاستثمار بسبب ما يتوفر عليه المجال الاستثماري بها من ضمانات وما يتضمنه من محفزات فكان اذن ان شاركت السعودية في النهضة الاقتصادية التونسية من خلال اقامة المشاريع الاستثمارية التي تعود بالنفع على الاقتصاد التونسي وتشارك في خلق الوظائف وفرص العيش للمواطنين.
وقبل ان نبدأ في احصاء المشاريع الاستثمارية السعودية في تونس، نتوقف قليلا عند التعاون السعودي التونسي في المجال الديني. لنقول ان السعودية قد قدمت الكثير من الدعم «للعناية بالمساجد وجمعيات تحفيظ القرآن..فقد ساهمت السعودية في بناء وترميم العديد من المساجد في مختلف انحاء الجمهورية التونسية، كما قدمت الدعم للعديد من جمعيات حفظ وترتيل القرآن سواء أكان ذلك على هيئة التمويل ام رصد الجوائز. كما ساهمت السعودية في تمويل وتجهيز بعض المساجد، من ذلك تجهيز جامع الزيتونة بالعاصمة وتأثيث جامع عقبة بالقيروان، علاوة على انها تبنت بالكامل بناء وتجهيز مسجد الملك عبدالعزيز في حي المنار بتونس».
اما الاستثمار في المجالات الاقتصادية، فان الرصيد السعودي من ذلك ليس بالقليل. فما قدمه الصندوق السعودي للتنمية من قروض وتمويلات للمشاريع الاقتصادية والاجتماعية في تونس الشيء الكثير، وذلك منذ بدأ هذا الصندوق الاستثمار في البلاد التونسية ابتداء من سنة 1975م وحتى اليوم. وقد تجاوز الاستثمار السعودي في تونس مستوى القروض والتمويلات الى مستوى انشاء المؤسسات والشركات والبنوك العاملة ميدانيا في الساحة التونسية والقائمة على تمويل المشاريع وتوسيع النشاط الاستثماري السعودي في كافة نواحي النشاط الاقتصادي والاجتماعي في تونس.
ولنا ان نذكر هنا بعض الشركات التونسية السعودية للاستثمار والتي من بينها الشركة السعودية التونسية للاستثمار والتي تأسست سنة 1981 وبيت التمويل التونسي السعودي سنة 1983 وبيت اعادة التأمين السعودي التونسي سنة 1985 وشركة البركة العقارية وشركة البحيرة للتطهير والاستصلاح والاستثمار التي قامت بتطهير واستصلاح بحيرة تونس وشركة الفصل الخامس الزراعية التي تأسست سنة 1986 والتي تم الترفيع في رأس مالها سنة 1989 بدخول الشركة العربية للاستثمار الزراعي وشركة دلة الزراعية.
ويقدر الاستثمار الجملي لهذه الشركات، ب2371 مليون دينار تونسي. كما ان السعودية تعد مشاركة في عدة شركات اما بطريقة مباشرة او من خلال استثمارات بعض المستثمرين السعوديين من القطاع الخاص ومن بين هذه الشركات والمؤسسات: مصحة التوفيق، بنك تونس العربي الدولي، شركة كال السياحية، شركة معرض تونس الاسلامي الدولي، الشركة التونسية للتجارة الدولية، الشركة التونسية التوجولية للتجارة الشركة التونسية السعودية للتجارة والمصرف التونسي الافواري.
وللاشارة، فان هذه الشركات قد قامت ببناء مشاريع اقتصادية انتاجية في المجالات الفلاحية والسياحية، واصبحت هذه المشاريع الآن بدورها مؤسسات قائمة بذاتها.
ولذا، فليس بامكاننا ان نعد المشاريع والمؤسسات التي قامت هذه الهيئات الاستثمارية بانشائها الا انه تكفي الاشارة الى ان الشركة التونسية السعودية للاستثمار الانمائي قد بلغ مجمل استثماراتها حتى نهاية سنة 1993، مبلغ 3790 مليون دينار. و قد شمل نشاط هذه الشركة مجالات التشغيل وميزان المدفوعات والتوازن المالي والقطاع الزراعي والغذائي والقطاعات الصناعية المختلفة، كما شملت قطاع الخدمات والصيد البحري والصناعات غير المعملية والخدمات غير الادارية، والتجهيزات الجماعية والفندقية.
اما الشركة السعودية للاستثمار والتنمية العامة، فقد شمل نشاطها المجال الفندقي والسياحي والتجهيز والترفيه والمطاعم. في حين شمل نشاط شركة دلة البركة في تونس مجالات التأمين والتجهيز والتأطير والشؤون العقارية. اما في القطاع المصرفي، فان بيت التمويل التونسي السعودي يعد رائدا في هذا المجال. ومن اهم المشاريع التي تدخل فيها هذا المصرف بالمشاركة او التمويل: شركة البحيرة للتطهير والاستصلاح، المجمع المتوسطي للتنمية السياحية والترفيهية، شركة معرض تونس الدولي، شركة استغلال وتنمية المنطقة الحرة ببنزرت، شركة صنع الآجر بالجنوب، الشركة التونسية لصناعات الاطر المطاطية، شركة التنمية الفلاحية «الخصباء»، شركة التنمية الفلاحية «الغرفة»، شركة الفصل الخامس، شركة اللف الرفيع بقصر هلال، شركة المترو الخفيف، «مشروع نفق باردو» شركة خزن الحبوب ببن عروس.
اما بيت اعادة التأمين التونسي السعودي، فيعد احد اهم اقطاب تنمية نشاطات التأمين داخل مجموعة دلة البركة. اما شركة البحيرة للتطهير والاستصلاح والاستثمار، فانها قامت بتطهير بحيرة تونس وتجفيف بعض مساحتها، وتحويلها الى مناطق صالحة للبناء من اجل تحقيق حلم طالما راود الدولة التونسية ولتصبح منطقة البحيرة من اكثر المناطق في تونس العاصمة رقياً ورفاهية. والحال ذاته بالنسبة لشركة البركة العقارية التي قامت بدورها بالاشراف على وضع وتنفيذ المشروع السكني:« منزل أجود لحياة أسعد» وهو مشروع سكني راقٍ على ضفاف بحيرة تونس المطهرة. وفي المجال التجاري، فان شركة معرض تونس الاسلامي الدولي قد قامت بانجاز قصر المعارض ومركز المؤتمرات بالكرم والذي يعتبر مشروعا ضخما وفاعلا في مجال العلاقات التجارية الدولية لتونس.
اما شركة الفصل الخامس، فان مشاركتها كانت كبيرة ومتميزة في المجال الصناعي والفلاحي. ويضاف الى هذه المؤسسات مؤسسة التوفيق والشبكة الفضائية التلفزية ART الى غير ذلك من المشاريع الاستثمارية والانمائية السعودية في تونس والتي لم تفتأ تتوسع ويزداد عددها وحجمها بما فيه صالح الشعبين والدولتين والصالح المستقبلي للامة العربية والاسلامية ونرجو ان تظل هذه الروابط وآلياتها تتوسع كل يوم بما يعود بالنفع والرخاء على الشعبين الشقيقين.
a.alsunbul@email.ati.tn

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved