أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th September,2001 العدد:10582الطبعةالاولـي الثلاثاء 1 ,رجب 1422

مقـالات

النقد الثقافي : البديل أو الرديف (1)
د. حسن بن فهد الهويمل
لكيلا يُحرف الكلمُ عن مواضعه وهو محرف ولا شك ، ومن باب قطع الطريق على الذين يقوِّلون خصومهم ما لم يقولوا، ويجدون من يستمع اليهم، ويروج تحريفهم، اقول: بأن مجرد الاشتغال ب«النقد الثقافي»، أو القول من خلاله في الثقافة أو عنها، او الدعوة الى شيء من ذلك، لا يكون من لوازم هذا الاشتغال او القول ضعف، ولا انحراف، ولا فسوق. والقول في الثقافة او من خلالها ثم ادعاء الفرادة في ذلك تفريط في المصداقية والنقد منتمياً للثقافة بوصفها موضوع نقد، أو آلية نقد، أو منتمياً للأدب، او للبنيوية، او لما شئت من الاضافات الفنية او الموضوعية لا يعدو كونه ذلك كله ومثله معه منهجا وآلة، يخدمان الخير او الشر، ولا يكون الشر أو الخير كائنين في الذات كينونة عينية، بحيث ندخل في مفهوم الشر المحض او الخير المحض، وانما النية والطوية والاهداف والدوافع الكامنة في نفس المستخدم لهذه المناهج ولتلك الآليات هي التي تحدد السمة الحسنة او السيئة. والشفرة الحادة تنحر الهدي او تغدر بالآمن، والهجرة تكون لله او لأم قيس. والمقترف لشيء من تلك الخطيئات او الاخطاء لا يكون مرتدا خارجا من الملة، ولا منافقا في الدرك الاسفل من النار، ولكن خطيئته بحسب علمه ونيته وأثر فعله على الغير. والخطأ يكون في الفن والفكر والدين، والله وحده الذي يحصِّل ما في الصدور، وليس أمامنا عند الاختلاف في الدين الا الرد لمن امرنا بالرد اليه.
وكل اختلاف فيما سوى الدين فمرده الى قواعد العلم او الفن واصولهما، ولذوي الاختصاص في كل فن، مع المراعاة التامة لمقاصد الاسلام وهديه، وبدون ذلك تكون الفوضى، وتنفلت الامور. والاشتغال ب«النقد الادبي» او ب«النقد الثقافي» او بما شئت من منهج او آلية لا تفاضل بينها تفاضلا ذاتيا أزليا لا محيد عنه، وانما التفاضل يتحقق اذا قامت الحاجة: عارضة او ثابتة ثم ان الاشتغال بشيء من ذلك لا يستدعي نفي الآخر، كما ان قراءة ما تفيض به اي حضارة سابقة او لاحقة او مزامنة، والاخذ منها بالضوابط والتحفظات الاحترازية لا يكون شيءٌ من ذلك محظورا، بل هو من مكملات الثقافة. والمثقف الحق عندي من يقرأ لخصومه اكثر من قراءته لانصاره. وتلاقح الحضارات كتلاقح الأفكار، والتلاقح غير الارتماء في احضان الآخر.
وجميل ان نوسِّع مجالات النقد بكل دلالاته، وان نفك اسره من ضوائق النص الابداعي في لغته وفنه، واجمل من هذا ان نلقي السمع بشهود وثقة الى كل ما يقال، وما يستعمل، وان نأخذ بأحسنه بشرط وبمقدار. وفي المقابل نقول: ان من القبيح ان نبارح مواقعنا التي تمثل عمقنا الحضاري كما الرماة في تخلية الثنيات، والاقبح ان نصير الى مواقع الحضارة المضادة نحمي ونشيد ونطرد الغربة. في حين انه بامكاننا ان نمتص نسغ المعطيات الحضارية لنحول دون تشخصها في مشاهدنا. والقبول او الرفض المطلقان في مستوى واحد ازاء التحفظ، ومن ثم لابد من معالجة خيار الحوار او الصدام او الاعتزال بأسلوب حضاري، فالأفضيلة ليست وقفا على حالة دون اخرى، ومن ثم ينتفي الاستمرار على صيغة واحدة.
وان كان ثمة تحفظ او رفض فانما هو للتعالق الاستلافي النقلي من مفردات الآخر ومستعملاته: مذهبا، او منهجا، أو آلية، واستدبار الحضارة الام: استخفافا، او تهاونا، او استغناء، او استكبارا، ثم مخادعة المتلقي بدعوى المبادرة والاختراع، واستدراج الذين لم يتضلعوا من المعارف ولم يتميزوا بالمتابعة وقراءة الآخر، وشحن عواطفهم للدعاية والادعاء، وتحفيزهم للنيل من الذين يختلفون او يخالفون مثل هذه التوجهات العقوقية الخنوعية. كل ذلك او بعضه يحملنا على المناصحة بالحسنى، ويدفعنا الى تقصي اسباب النقل والاحلال ودواعيهما، وحوافز المخادعة واهدافها، ومقاصد التغرير وآثاره، والتعرف على دوافع المواطأة الاعلامية لمن لا يستحق المواطأة، اذ الاعلام كالانواء يحفز على التنبؤات ويثير التساؤلات. ولما كنا في سفينة وحدة مستَهَمين على مواقعها، كان من حقنا ان نسأل عما يراد بنا، وعما يراد بأدبنا ونقدنا ولغتنا ونحونا وسائر مفردات حضارتنا، وبخاصة حين يصاحب التعالق دعوى الموت، وهي دعوى لها جذورها الفلسفية ومقاصدها المتمثلة بالانقطاع واقصاء المرجعية، والتساؤل عما يفعل اولئك من اخذ بالجملة، ونفي بالجملة، هل يكون نتيجة استغباء للآخر، او تغابيا مفتعلا، او غباء حقيقيا؟ وهل هذه الاحوال تمس ذات المتعالق بوصفه الفردي، او تمتد الى الفئة التي تسلم له القياد، وتتخذ ما يدعيه دولة بينها، وتأخذ بعصمه، وهو لا يختلف عن قاطرة البضائع المستوردة؟. وحين نسلم بواحدة من هذه الأحوال الثلاث، يتحتم استقراء نتائجها وانعكاساتها على الذوات الاخرى وعلى المشهد المنتمي اليه. والضجة المفتعلة ازاء اوهام المشروع والمؤسس في حين لا مشروع ولا تأسيس تنشىء تساؤلات مشروعة. اهي ذكاء وقدرة فائقة عند افراد الحضارة المصدرة في مقابل غباء مستحكم في ذات المتلقي؟ ام هي ذكاء في الآخذ وغباء في المعطي؟ هذا اذا كان التلقي من الآخر ليس تفاعلا متكافئا بين طرفي التبادل، واستزادة منه، اذ تلك الحالة تعد من الظواهر المشروعة والمطلوبة. ان التساؤل التوبيخي: حين يباشر الناقل جلب ما لا يتقن وما لا يحتاج اليه، وحين يقترف طرد الأحق مدعيا موته بوصفه النظير في حضارته وحين يتعمد الجالب تجميع المندهشين، وتوزيع ادوارهم، دون اسهام معرفي يؤصل وينمي ويحرر المسائل، في زمن شب القوم فيه عن الطوق، وبلغت الشفافية ضحاها، واصبحت القنوات ومراكز المعلومات والمشاريع الثقافية والفكرية والترجمة في متناول المتابعين، وقد يكون بعض هذا في متناول الأطفال.
وكم نسمع ب«موت النحو» و«موت النقد الأدبي» سعيا وراء تحقيق التواصل الاندماجي مع مذاهب ومناهج لم تأخذ وضعها الطبعي في مناخها، ولم تسلم لها الكافة في بلد المنشأ، والقول بالموت يعني الانقطاع المعرفي التام مع التراث بوصفه مرجعية الممات، وتلك خصلة ذميمة تتلبس البعض: اما جهلا أو مواطأة حتى لا ترى هذه النوعية الا مع المجلوب، تراها مع «الحداثة»، بحيث لا ترى الاشياء الا من خلالها، او مع «البنيوية» بحيث لا تقيم وزنا للأشياء الا بآلياتها، او مع «النقد الثقافي» بحيث لا تحتمل بقاء سواه على قيد الحياة، او مع «التحويلية» نابذة علم النحو والصرف كسقط المتاع، مع امكان الأخذ من الجديد والابقاء على التليد، كما يقول «امبرتو ايكو»: «ان العمل على تطوير الفكر لا يعني رفض الماضي بالضرورة» ودعوى الموت ليس رفضا للماضي وحسب، انه اكبر من الرفض، ومع انه تجشؤ من فراغ الا انه ايذاء لا يحتمل، والبعوضة تدمي مقلة الأسد.
والزمن الرديء الموبوء لا يمكّن في المشاهد الا لهذه النوعيات التي تشبه ما يصف به احد المرشحين منافسه: بأنه من الغباء بحيث لا يجمع بين عملين في وقت واحد: مضغ اللبان والمشي، اذ لا بد من ممارسة كل عمل على حدة، فاذا مضغ اللبان وقف، واذا مشى عض على اللبان. والبعض منا لا يأخذون بالنقد الثقافي او التحويلة حتى يميتوا ما سواهما.
والوقوع في «الغربنة» بوصفها حضارة مضادة تكريس للزمن الرديء ورفض للتعددية الممكنة. والانحياز او الحياد اجراءان، لا يؤخذان بمجرد وقوعهما، ولكن بأسلوب الفعل، وبالمقاصد، وبالنتائج، و«عوربة» الاشياء ليس بنقلها كما هي. والتبدي والتحضر كينونة، وليستا تقمصا او نفيا لما هو آت من الغير، والتركيبة الحضارية جمعية معقدة، اقرب الى النمو البذري منها الى التركيب الهيكلي، او الترقيع المستبشع، والبنوة غير التبني.
ف«الحداثة» غربية ولاشك.
و«البنيوية» غربية ولاشك.
و«النقد الثقافي» بأهدافه المعلنة غربي ولاشك.
و«التحويلية» التشومسكية غربية ولاشك.
والقول ب«الملكة» أو «الكسبية» قول غربي ولاشك والقائل بشيء من ذلك كله مقلد ولاشك. اذ لا يجوز ان يوصف احد من المختصرين انفسهم بشيء من تلك المذاهب والايديولوجيات الغربية بالمبادرة، ولا بالاكتشاف، ولا بالتجديد، ولا يجوز لأحد يحترم المصداقية ان يصف فعل احد من اولئك بالمشروع، فضلا عن ان يصف احد منهم نفسه بذلك، وان قيل عمن تبنى، ولم ينجب، او قال هو عن نفسه ما قيل، وان فوَّزه قوم، ودرس مشروعه آخرون، فكم دفع الساسة والمفكرون والمبدعون من الثمن الباهظ ليأخذوا طريقهم الى «نوبل»، والتاريخ كفيل بالافراج عن الوثائق السرية، ولكننا كما وصفنا الله «خلق الانسان عجولا». يكون المتبني لشيء من هذه المذاهب اديباً، ويكون ناقدا، ويكون استاذا جامعيا، ويكون مثقفا واسع الثقافة، ويكون عالما غزير العلم، ويكون متحدثا، ويكون ألد الخصام. ولكنه مع هذه مجتمعة او متفرقة او غير موجودة البتة، يكون عاطفيا لا يملك الأناة أو ساذجا لا يقدر على التمييز أو بهلوانيا لا يستقر على حال، يظل عالة على الغير مقلدا له، زاهدا بما عنده، فاذا جلب شيئا من ذلك، واحسن الانتقاء والتوظيف والأداء، حمد له ما صنع، وان كان غير ذلك، ثم كان منه تعملق على سيقان خشبية واساءة لمن حوله وإماتة لمفردات حضارته، وجب على القادرين الأخذ على يده بالتي هي أحسن، وبأسلوب: مالي ارى قوما يفعلون كذا، وان ثار او مار فدواؤه مرور الكرام.
ودأب الذين يُبهتون بما نقول: انهم يهربون الى الامام، محولين التناوش المعرفي الى حطيئيات مخجلة، في حين لا يملك أحد منهم الشجاعة والمقدرة والتواضع كي يقف مع المختلفين معه وجها لوجه، لتحرير المسائل، واحقاق الحق، والالتقاء على كلمة سواء. والحق ان طائفة من اولئك لا يكون بمثل ما انعم الله به علينا من متابعة لكل المستجدات، واستفادة منها، دون إلغاء للذات او جناية بحق الحضارة، او تعمد لتحقيق الانقطاع المعرفي باشاعة الموت لشيء من مفرداتها، ونحن نرى ان الحياد الرفضي السلبي الانطوائي الانكماشي التقوقعي ممارسة غير راشدة، لا ندعو لها، ولا نرحب بها، كما ان الارتماء الذليل في احضان الآخر، وتعمد الانقطاع باشاعة الموت والانحياز الاستسلامي الاستلابي الاندماجي النقلي ممارسة غير راشدة، نرثي لاصحابها، ولمن خلفهم. ومن هنا لا بد من اخذ كل ظاهرة بذاتها: اندماجا او انكماشا، وتقويمها على ضوء ما يبدو من ذويها، وكذلك يكون الأمر بالنسبة لأي ظاهرة تطل علينا من الغرب او من الشرق، ثم يهرع اليها البعض ويَزْورُّ عنها آخرون. فالمتعالقون من مثقفي السماع والذواقين وغير المؤسسين وغير المؤصلين يختلفون عن المرتدين فكرا وخلقا الذين يعلنون انفصالهم عن ثقافتهم وقيمهم. وما اكثر المفكرين المتمكنين الذين طرحوا مشروعات تمثل الردة الفكرية، لا على مفهوم الحداثة الذي يرى ان العودة الى التراث الاسلامي والفكر الاسلامي ردة، بعد النهضة المستغربة والثورة المتمركسة، وانما هو على مفهوم الردة كما يراها الاسلام، ومثقفو السماع هم الذين يستقبلون فيوض الآخر على ماهي عليه، ويدلون بها، وكل الذي يعني هذه الطائفة ان تطرح النظرية في المشهد المغاربي او الغربي او المصري، حتى اذا استفاض الحديث عنها، اخذوها دون تصور سليم، ومع هذا يجدون من يستمع اليهم، ويبسط ارديته لفيض عطائهم. والمصطلحات المقبولة ظاهريا، قد تنطوي على مقاصد لا يمكن القبول بها على هوى اصحابها، وسوف نتحدث عن «التموضع» و«التأدلج» و«التعقلن» من خلال رؤى متعددة محظورة ومباحة، والذين يأخذون بها لا يفرقون بين مستويات المقاصد والاهداف، «فالموضوعية» و«الايديولوجية» و«الوضعية» و«العقلية» ذات مقاصد متباينة متضادة.
و«النقد الثقافي» طارف وتليد، وفق رؤية المنشىء او الجالب، يتفاوت من فترة لاخرى، ومن مكان لآخر، ومن شخص لشخص، واخذه العادل لا يكون الا من خلال وثائق منشئة او مدعية، لا مما يشاع من مقتضيات مصطلحية شرقية او غربية وهو في «تليده» وتعايشه مع التعددية في اهتمامات الدارسين والنقاد لا يثير جدلا، ولا يحفز على المواجهة، شأنه شأن مئات الظواهر التي نتلقاها من الغرب بكرة وعشيا ولكنه في «طارفه» وكما يتراءى لنا من لحن القول، جاء منطويا على الاثرة لا على الايثار، وعلى نية مبيتة لضرب الثقافة والحضارة من خلال الانساق المفترضة لا القائمة. وهو حين حل ضيفا على مشهدنا المحلي باستضافته الاعلامية، وحين فكر المضيفون له بتخليه المواقع من اجله، كان علينا الا نكون كبني «تيم»، فنحن شركاء في سوق المضاربة، لنا حق القبول او الرفض، واذا قيل عن بضاعتنا ما يعرضها للكساد، وجب علينا الدفاع، وحق لنا ان نجازي سيئة بمثلها، ونحن اذ نكون جزءاً من تاريخ المشهد الادبي فاننا لن ندع الذواقين والادعياء يستأثرون بتسطيره ليكون علينا كفل من اوزاره. ومن حقنا والحالة تلك ان نقول بحق المستغربين مثل قولهم في حقنا،
فاذا وصفونا بالمقلدين والرجعيين والجموديين والماضويين، وليس فينا شيء مما يقولون، كان من حقنا ان نقول عنهم ما هو فيهم، ولكننا سنحاول ايقاف المناكفات من طرف واحد، ونبسط ايدينا اليهم، فان قبلوا، والا فلا اقل من ان نبلغهم مأمنهم، وننبذ اليهم على سواء، بعد ان نعظهم بواحدة: هي البحث عن الحق لا الانتصار. والناهضون لتفعيل «النقد الثقافي» عربيا ومحليا بوصفه آلية لضرب الثقافة لا اشتغالا في الثقافة بوصفها مادة نقد، لم يمكنهم المشهد من التجاوز الى الفعل الجماعي، اذ لما يزل هذا المصطلح رهين المشهد الاعلامي، يجتره ذوَّاق استنفد كل الأقنعة، وجرب كل المستجدات، وسيظل خارج التأسيس بمفهومه «المتفرنس» او بمفهومه «المتمصر»، وهو كحضور ما سلف من «تحويلية» و«بنيوية» و«حداثة» وتحولاتهما وبعدياتهما. وهذا الضجيج الاعلامي يحفز المعنى بأطروحات المشاهد ليقذف بصوته في ضجة الاحتفالية، «كبنت الدهر» علَّه يخلص من الزحام، وان كان تغريده خارج السرب، وهو تغريد يوصف بالرجعية والمرجعية الماضوية الممقوتة عند الحداثيين، وما حفزني الى ذلك الا تطاول الدهماء وادعاؤهم السبق والاسكات وتساؤل السائلين الذين يظنون ان الصمت عجز، او خوف، او جهل بهذه المصطلحات واجراءاتها، وكيف يكون الجهل او الامتياز ونحن وهم قراء لهذه المذاهب؟ لم ينفرد احد منا بالتخصص فيها، وكلنا نمر بها مطروحة في الطريق، وما الصمت الا انتظار منا للقفز على شاخص آخر، فصاحب «التقليعات» كالمزواج المطلاق، كل يوم هو في واد، يقول ولا يفعل، فما عهدنا استقرارا، ولا ألفنا تأسيا. وجناية بعض الملاحق الادبية وقوعها في الشللية وتعمدها نفخ الاشياء التي يتفوه بها من يوالي، حتى ولو قال: ان العسل من البصل .ولأن مشاهدنا شبت عن الطوق، ولأن الفجوات بين المشاهد العربية مجسرة فان من المخجل ان نكون بهذا المستوى البدائي، ننبهر من ابسط الاشياء وندعي جدة ما اكل عليه الدهر وشرب، لا نفرق بين التجديد والتقليد، ولا بين المبادرة والمحاكاة، وكيف تكون منا احتفالية بما شاخ عند غيرنا؟ ومع هذا واحتفاظا بحق المصداقية نقول: بأن مثل هذه الاثارات مفيدة الى حد ما، اذ فيها حفز على التساؤل والمتابعة، فلقد عرفنا عن الحداثة والبنيوية والتحويلية ما لم يكن ليتهيأ مثله، لو لم يأت مثل هؤلاء، ليمارسوا الاستفزاز والاثارة، ولو انهم حملوا الاسفار على ظهورهم وبلغوها لمن يحملها لما كان في ذلك خلاف.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved