أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th September,2001 العدد:10584الطبعةالاولـي الخميس 3 ,رجب 1422

مقـالات

نوافذ
المشهد
أميمة الخميس
أعتقد بأن مشهد انهيار مركز التجارة العالمي في نيويورك سيطبع بصمته على هذا العصر كأحد المشاهد التي تمنح هذا القرن هويته وخصائصه وبوابته الأولى، تماما كمشهد الفطر العملاق الذي نتج بعد رمي القنبلة النووية على اليابان، ذلك المشهد الذي بدوره كان بصمة القرن الماضي .
ويقول أحد الناجين من حادث الانهيار المروع «بينما أنا أركض والرماد والدخان يطاردني أحسست بأنني داخل فيلم سينمائي ولا أدري أين بوابة الخروج».
وفي أمريكا كثيرا ما تتقاطع السينما مع الحياة الواقعية، وتندمج وتتداخل وتتكامل وإياها، حتى يصعب الفصل بين الطرفين.
وليس بالداخل فقط ولكن هي هوية عصر العولمة والقطب الأحادي، والنضال من أجل قيّم الحرية والديمقراطية «النسخة الأمريكية».
وتفتح وعيّنا على الصراع الذي يحسم للخير في النهاية، نحن جيل الأفلام الأمريكية التي تشبعنا بها، والتي كانت تغرس الرسالة السرية الخفية لأدمغتنا المنبهرة «بتقنيتها» السينمائية، تلك الرسالة التي تصر دائما على أن الصغير والضعيف الذكي يغلب الضخم المتغطرس، ابتداء «بتوم وجيري»، انتهاء «بحرب النجوم»، أو لربما بعض مقاطع من الفيلم الذي يقدم قصة عالم استطاع أن يستولد مخلوقات عجيبة في مختبره، وكان يغذيها بدماء نساء ورضع، بعد ذلك كان هو الضحية الأولى لمخلوقات تغذت وتضخمت بالدماء.
ولأن الديمقراطية هي أجنحة الحرية، فليس هناك سقوف أو حدود بل ميادين شاسعة وممتدة من الخيال الجامح المتفجر الذي يطمح إلى خلق حالة إبهار متصلة للصفوف المتتابعة في صالة السينما، أو التلفاز، أو لعبة الكمبيوتر، حتى إنه يقال إن عملية الاصطدام والتفجير الإرهابية المروعة التي تمت في نيويورك قد نقلت بحذافيرها عن لعبة كمبيوتر تعلم الطيران فوق المدينة، ويتداولها الصغار والمراهقون، وثمنها لا يتجاوز «45» جنيها استرلينيا... إذاً هذه بضاعتنا ردت إلينا.. والذكاء عندما يكون بين يدي قوى الظلام يتحول كالتعويذة الشريرة بحيث ينقلب فيها السحر على الساحر.
بداخل أي ظرف وتحت أية مظلة فالجهة التي أحدثت التفجيرات هي قوى ظلامية، قوى تغيب العقل وتغيب الإنسانية، وتستلم للانفعال اللحظي المنشحن بهلاوسه والمنقطع عن السياقات المتعددة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي.
وأعتقد أن مدبري الحادث لو اطلعوا على المشهد العالمي بعد أسبوع فقط من يوم الثلاثاء لراجعوا أنفسهم كثيرا، ولعرفوا إنهم عندما أسقطوا هذه المباني كانوا يسقطون جسورا كثيرة كانت تنحت في الصخر وبصعوبات هائلة بين الشرق والغرب، ولم يظل الآن بين الشرق والغرب سوى، خرائب وثارات وقبور.. وجراح يصعب ترميمها.
email:omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved