أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th September,2001 العدد:10584الطبعةالاولـي الخميس 3 ,رجب 1422

القرية الالكترونية

النافذة
من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟
م.مشبب محمد الشهري
استوحيت موضوع هذا الأسبوع من خلال قراءتي لقصة بعنوان «من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟».
هذه القصة تبحث في ظاهرة الخوف من التغيير. الظاهرة التي نعاني منها نحن العاملين في مجال تقنية المعلومات.
ففي كثير من الحالات تواجه مشاريع هذه التقنية بالرفض من قبل الموظفين في المؤسسات التي نعمل بها. فعندالرغبة في أتممة الأنظمة اليدوية للمعلومات، تقابل بالفشل وذلك بسبب عدم تقبل الموظفين المستخدمين لتلك الأنظمة للتغييرات.
وهذه طبيعة توجد في كثيرمن الناس وهي الخوف من المجهول والركون للمألوف.
الشيء الغريب أن معظم الموظفين بعد إقناعهم بأهمية التغيير وبعد كسر حاجز الخوف لديهم من التقنيات الحديثة وعند تجريبهم لنتائج التغيير ولمس فوائدها يصبحون من أشد المناصرين للتغييرات المستقبلية.
ولكون الهدف من هذه القصة هو بحث ظاهرة الخوف من التغييرات، فيستحسن استعراضها. قصة «من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي» هي قصة رمزية تكشف أكثر الحقائق دقة حول التغيير.
قصة قصيرة لا يستغرق قراءتها الساعة. مؤلفها هو سبنسر جونسون. وهو صاحب فكرة ومؤلف مساعد لكتاب «مدير الدقيقة الواحدة» أكثر الكتب مبيعات كما جاء في صحيفة النيويورك تايمز.
وحسب شهادة كثير من رؤساء المؤسسات الناجحة مثل جنرل موتر، اكسون، كوداك، ماريوت، وعديدمن المؤسسات الأخرى، فإن هذا الكتاب يمكن تطبيقه على أفراد، مؤسسات، حكومات، على حالات شخصية أو إدارية أو اجتماعية أو غير ذلك. هذه القصة باختصار شديد تحكي قصة أربع شخصيات عجيبة. فأران «سنف» و«سكوري» والآخران قزمان «هيم» و«هاو» وهما في حجمي الفأرين. ولكنهما يبدوان ويتصرفان كالبشر. هؤلاء المخلوقات الأربعة يبحثون عن قطعة جبن داخل متاهة متناهية الأطراف. الكائنات الأربعة ترمز للإنسان، للمؤسسة، للحكومة، للمجتمع، ترمز لكل من يتعرض للتغييرات أو يبحث عن الجديد في الحياة. أما «قطعة الجبن» فترمز إلى ما نريد أن نحصل عليه في حياتنا سواء كان ذلك وظيفة، زوجة، سكنا، الحصول على المال، إقامة علاقة مع الآخرين، الحرية، المنصب الخ. أما «المتاهة» فترمز إلى مسرح العمليات. المكان والبيئة التي نمضي فيها وقتنا بحثا عن ضالتنا المنشودة. سواء كانت تلك المؤسسة التي نعمل بها أو المجتمع الذي نعيش فيه أو الأسرة التي ننتمي إليها، أو غير ذلك. والقصة تحكي عمل المخلوقات الأربعة الدؤوب بحثا عن الجبن داخل المتاهة، حتى وجدوه في يوم ما بكميات كثيرة وأنواع مختلفة في المحطة «ج». ومع مرور الأيام تعودوا الذهاب إلى هذه المحطة للتزود بكل مايحتاجون من الجبن حتى أصبح ذلك أمرا روتينيا. اعتاد الفأران على الاستيقاظ المبكر والعدو إلى المحطة لجلب ما يحتاجان من الجبن.
وعند الرجوع يقومان بتعليق حذاءيهما حول رقبتيهما ليسهل الوصول إليهما سريعا عند الحاجة. أما القزمان ففي البدء كانا يقومان بالتسابق مبكرا تجاه محطة الجبن لجلب حاجتيهما من الجبن.
ومع الوقت وبعدما اطمأنا لوجود الجبن بكثرة، اصبحا يقومان متأخرين ويرتديان ملابسهما ببطء ويمشيان إلى المحطة بكسل. فقد عرفا الآن مكان الجبن وكيف يذهبان إليه. ولم يكن لديهما فكرة عن مصدر ذلك الجبن أو من الذي يضعه في مكانه. وإنما افترضا وجوده هناك. الشيء العجيب أن هذين القزمين مع الوقت ومع اطمئنانهما لوجود الجبن في جميع الأوقات، تخلصا من كثير من لوازم العدو مثل بعض الملابس، وحذاءيهما. وركنا إلى الكسل والراحة. وفي ذات يوم أصبحت المخلوقات الأربعة ليكتشفوا عدم وجود الجبن في محطة «ج». فما كان من الفأرين إلا أن تناولا حذاءيهما اللذين كانا في متناول يديهما واستمرا داخل المتاهة للبحث عن الجبن. أما ابنا آدم القزمان فما كان منهما إلا أن رفعا عقيرتيهما بالصياح «ماذا؟ ألا يوجد جبن؟».
واستمرا في الصياح ألا يوجد جبن؟ ألا يوجد جبن؟ «من حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟» وكأنهما عندما يصيحان بصوت عال سيأتي من يعيد إليهما الجبن. المهم ظل القزمان يضربان أخماسا بأسداس من غير أن يعملا شيئا انتظارا لمن يعيد إليهما الجبن ولكن دون جدوى. كذلك صراخهما لم يجد شيئا. بقيا على هذه الحال أياما عدة حتى ساءت حالتهما. وفي خلال ذلك كان «هاو» يفكر فيما حل بالفأرين وربما أنهما قد حصلا على الجبن.
فما كان منه إلا أن صاح قائلا «فلنذهب بعيدا عن هذا المكان» إلا ان زميله «هيم» اعترض على هذه الفكرة بشدة وقال « كلا لن أبرح هذا المكان فأنا معتاد عليه ولا أعرف مكانا سواه. كما أن المحيط الخارجي محفوف بالمخاطر».
وظلا يتجادلان في هذا الأمر فترة من الزمن ليست بالبسيطة. وبعد أخذ ورد قرر «هاو» الاستمرار في المتاهة واقتحام المجهول إلا أن ذلك لم يكن بالأمر اليسير. فقد استمر لعدة أيام يقدم رجلا ويؤخر الأخرى خوفا من المجهول حتى استطاع في النهاية كسر حاجز الخوف وأن يستمر في البحث عن الجبن. وبمجرد تخلصه من الخوف وتقريره الدخول إلى مجاهل المتاهة غمرته سعادة كبيرة لا توصف.
فعلى الرغم من تنقله من محطة إلى أخرى داخل المتاهة دون أي فائدة سوى بعض الفتافيت من الجبن التي لا تسمن ولا تغني من جوع إلا انه كان يشعر بالسعادة الغامرة. ومع الوقت ومع المثابرة وصل أخيرا إلى محطة «ن» حيث يوجد فيها من أنواع الجبن المختلفة أضعاف مضاعفة مما كان في محطة «ج». ووجد الفأرين ينعمان في هذه المحطة برغد العيش منذ فترة طويلة قبل مجيئه. كما وجدهما لم يغيرا نمط حياتهما. مثل الصحو مبكرا والتلفت يمنة ويسرة خوفا من ذهاب الجبن الخاص بهما. أما عن «هيم» فلا أحد يعلم ما مصيره.
وما كان من صاحبه «هاو» إلا الدعاء من الله أن يمكنه من التغلب على خوفه وأن يلحق به ويقرأ الإرشادات التي قد تركها له خلال المتاهة.
هذه القصة وحسب بعض المحللين كان لها الفضل بعد مشيئة الله في إنقاذ زيجات ووظائف كثيرة من الضياع.
كما ان كثيرا من الشركات العالمية الكبيرة تتبنى نشر وتشجيع قراءة هذه القصة بين موظفيها. والسؤال المهم والذي يطرح نفسه هو: ألم يحن الوقت حتى الآن كي ننظر يمنة ويسرة ونخطط لما بعد اختفاء قطعة الجبن الخاصة بنا؟ وإلا سوف نفاجأ كما تفاجأت شخصيات قصتنا هذه باختفاء الجبن الخاص بها.
ويكون مصيرنا مصير القزم «هيم».

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved