أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th September,2001 العدد:10589الطبعةالاولـي الثلاثاء 8 ,رجب 1422

الثقافية

لافتة
غياب الهوية
موسى أحمد العزي
نحن أجمل من هذا التعدد الممقوت، ونحن أروع من اختلافاتنا القبيحة، لا معنى لاختلاف الضمائر في ظل التوحد الغائر في اعماقنا وأشيائنا وممارساتنا.
قلق أنا حد الخوف من شيء أرقبه ويرقبني كأننا خصمان خلقنا لكي يعادي أحدنا الآخر. في ظل هذا العداء السرمدي والرمادي أعود أدراجي محاولاً اختصار الوقت أو نفيه خارج الشعور حتى أصل الى درجة ممكنة من الحرية فأتمكن من الالتحام مع لحظات تسبق العمر فأعبر خطاً مجهولاً بين الغيب والواقع الجديد الاكثر غياباً وغرابة وغربة.
واقع تفرضه الحياة نفسها ربما برقت في عيني المغمضتين تلك الامسيات الحزينة وهي تدنو مقتربة من اوان ظهورها فبدأت تتشكل في أعماقي في ومضات متسارعة غريبة.
كنت محاطاً بالغيب قبل ان تتقافز المجهولات من حولي وهي تتقاسمني كأنني إرثها المنتظر وتوزع صورتي قطعة، قطعة على المرايا المتناثرة في الفضاءات الملونة بألوان الطيف.
أنا هناك في كل مكان عبرت فيه صورتي الغائبة الحاضرة، أبحث عن هوية لذاتي الغائرة في تلك المجهولات السحيقة والبعيدة كل البعد عن هذا الواقع المعيش بأفعاله وأقواله واحساساته البسيطة المتواضعة.
صراع يحلم بالوصول إلى الإبداع الكامن في أعماق الذات والشعور، وإحساس موزع بين القلق والهزيمة ونكران الذات.
دخلت في دوامة خرافية من المشاعر المتضاربة وشعرت بالغربة بيني وبين نفسي وبين كل الاشياء الحية او الجامدة من حولي.
وعدت اسأل نفسي، هل أنا واحد أو أكثر، واختصرت الاجابة في انني أقل من اثنين.
هذه الإجابة افضل من ازدواج أحمق يوصلني الى مرحلة الصفر ولست ألوم نفسي على فراغ أجوف يخترق الحياة من العمق، ويحيلني احياناً الى مجرد كومة من التراب، لا أملك أي قدر من التفاعل مع الأشياء المحيطة بي، مما يضطرني الى الهروب الى نفسي، حتى سقطت في دوامة أخرى اسمها الوحدة.كان هروبي نتيجة للهروب الاكبر الذي مارسه الحياة من حولي ووجدت نفسي اقل من اثنين وان اخاطب وجهي في المرآة، محاولاً ايجاد قدر من التفاعل المفقود في حياتي.
ما أصعب الحياة وهي تخذلك في أدق اشيائك ثم تقسمك الى نصفين يبحث كل منهما عن الآخر.
انها الوحدة تغلق دونك ذلك الحس الانساني البهيج الذي يصعب على أي إنسان الحياة دونه وتعيش كالغريب تجهل الوطن واللغة وكافة الروابط التي تختصر المسافة بين البشر.
أنا لا أعجب من إنسان يحمل هذا الشيء الذي يسمى ازدواج فهو لا يتعدى كونه رجلاً تحيط به الوحدة من كل جانب ثم لا يجد حلاً سوى الهروب الى نفسه فيمارس معها ما يفقده من الآخرين، المهم في ذلك، هو ألا يصل الى درجة الانقسام الكامل، وأن يظل في اعماق نفسه واحدا، أو أقل من اثنين، والا ظن الآخرون أنه قد اصبح مجنوناً لا أقل أو أكثر.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved