أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th September,2001 العدد:10589الطبعةالاولـي الثلاثاء 8 ,رجب 1422

اليوم الوطني

جهود الملك عبدالعزيز في جمع شمل العرب
د. زيد محمد الرماني
إنَّ المرء ليعتز بالحديث عن خصال ومواقف الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه.
ولا عجب أن أفاض المادحون شعرا ونثرا والمؤرخون مواقف وأحداثاً، والكتّاب أفضالاً ومآثر في سيرة الملك الهمام والبطل المقدام.
فقد كان رحمه الله مسلما ذا شخصية آسرة قوية تفرض نفسها وتفرض احترامها والإعجاب بها.
كان حديثه الصافي رحمه الله والقوي الحازم في الوقت نفسه يوحي بالثقة والأمان والاطمئنان لكل من يتحدث إليه.
وكانت له مهابة، يتأثر بها كل مَنْ يقابله أو يجالسه.
وإحدى الحقائق الثابتة عن الملك عبدالعزيز رحمه الله أنه كان يتصف إلى جانب تلك الخصال السابقة بالحكمة في كل تصرف، وببعد النظر وحسن تقدير الأمور.
في أواخر الحرب العالمية الثانية وفي مطلع عام 1945م، أراد كل من روزفلت رئيس أمريكا وتشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن يجتمع كل منهما بالملك عبدالعزيز على حدة وتمَّ لهما ذلك، وبعد ذلك صرح كل منهما عقب الاجتماع بأن الملك قد أثر فيهما تأثيرا بالغا، بقوة شخصيته، وسعة تفكيره وذكائه وحسن تقديره للأمور، وعميق فهمه للأحداث العالمية ومجريات السياسة الدولية.
وفي 14 فبراير 1945م وعلى ظهر الطراد كوينسي التقى الملك عبدالعزيز رحمه الله بالرئيس الامريكي روزفلت، بعد رغبة الاخير الاجتماع بالملك.
وخلال المقابلة قال روزفلت للملك اطلب ما تشاء يا جلالة الملك وما عليّ إلا أن ألبّي.
فأجابه الملك عبدالعزيز ليس لي سوى مطلب واحد، وهو ان تتركوا فلسطين للفلسطينيين، يعيشون على أرضها بسلام آمنين. وإنكم إذا لم تتركوهم وشأنهم فلن يدفع أحد غيركم الثمن غاليا طال الزمن أم قصر.
وها نحن اليوم نشهد عيانا ما حذر منه الملك عبدالعزيز منذ عشرات السنين نتيجة تدخل أمريكا في فلسطين!!
كان الملك عبدالعزيز رحمه الله حريصاً كل الحرص على كل ما من شأنه جمع شمل العرب شديد الاهتمام بكل ما يؤدي الى توحيد كلمتهم.
لم يكن في حرصه أو اهتمامه ذلك بساع وراء سيطرة على هذا البلد أو ذاك أو براغب في زعامة للامة العربية، بل كان موقفه مستمداً من ايمان عميق بأن لا كيان للعرب إلا اذا اتفقت كلمتهم وآراؤهم.
كان مؤمنا بأن في توحيد صفوف العرب قوة لهم كأمة عربية، بل وقوة لكل دولة عربية بذاتها، وأن في تفرق الأمة العربية ضعفاً لها كلها وضعفاً لكل دولة. فقوة كل دولة لا تكتمل إلا بالقوة العربية الموحّدة المجتمعة المساندة في كل المجالات.
ومن فرط اهتمام الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بجمع الشمل كان رحمه الله دائم العمل على الاطلاع أولاً بأول على آراء وأفكار واتجاهات جميع الاخوة العرب، مهما تعددت وفي مختلف الظروف والأحوال.
ولذا، أسس ما عرف بالشعبة السياسية في الديوان الملكي، حيث أوجد فيها مجموعة من المستشارين الأكفاء من رجال الفكر والسياسة في مختلف الاقطار العربية.
يقول ابراهيم آل خميس في كتابه «أسود آل سعود» كانت مهمة هؤلاء المستشارين تحضير الابحاث والدراسات حول كل ما يهم الملك معرفته عن كل دولة عربية.
وكثيراً ما كان الملك رحمه الله يفاجأ هؤلاء المستشارين برأي يكاد يكون الحل المطلوب للمشكلة، يطابق رأيهم الذي توصلوا إليه بعد ابحاث ودراسات طويلة، وذلك من سعة اطلاعه ومتابعته المستمرة للاحداث والاتجاهات.
ولحرصه رحمه الله على الوحدة العربية وجمع شتات العرب أبرم العديد من الاتفاقيات مثل اتفاقية بحرة مع حكومة العراق، واتفاقية حداء مع الاردن، وكان اهتمام الملك رحمه الله منصبا على حقن دماء المسلمين وأموالهم وصيانة أرواحهم وممتلكاتهم.
فقد جاء في اتفاقية بحرة منع العشائر النجدية والعراقية عن التعدي على بعضهم البعض.
كما جاء في اتفاقية حداء تعهد حكومة نجد بصيانة جميع الحقوق، سواء أكانت حقوق الرعي أم السكن أم الملكية. وفي المقابل تتعهد حكومة الاردن بضمان حرية المرور في كل حين للتجار من رعايا نجد لقضاء تجارتهم بين نجد وسوريا.
ولم يكتفِ الملك عبدالعزيز رحمه الله بذلك، فقد وقّع على معاهدات حسن الجوار من مثل: معاهدة مكة المكرمة، ومعاهدة جدة.
رغبةً في توطيد العلاقات الودية السائدة بين البلاد العربية وتوثيقها، وتأمين مصالحهم وتقويتها.
وقد كان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه دائم التفكير في الوحدة العربية. وفي خطابه رحمه الله لوالي البصرة سليمان شفيق كمالي باشا ما يؤكد ذلك.
حيث قال رحمه الله: إنكم لم تحسنوا إلى العرب ولا عاملتموهم على الأقل بالعدل وأنا أعلم ان استشارتكم إياي إنما هي وسيلة استطلاع لتعلموا ما انطوت عليه مقاصدي وهاكم رأيي ولكم ان تأولوه كما تشاؤون.
إنكم لمسؤولون عما في العرب من انشقاق فقد اكتفيتم بأن تحكموا وما تمكنتم حتى من ذلك. قد فاتكم أنّ الراعي مسؤول عن رعيته وقد فاتكم ان صاحب السيادة لا يستقيم أمره إلا بالعدل والاحسان. وقد فاتكم أن العرب لا ينامون على الضيم ولا يبالون إذا خسروا كل ما لديهم وسلمت كرامتهم.
اردتم أن تحكموا العرب فتقضوا اربكم منهم فلم تتوفقوا إلى شيء من هذا أو ذاك. لم تنفعوهم ولا نفعتم أنفسكم.
أما ما يختص بالعرب فإليكم رأيي فيه: إنّي أرى أن تدعوا رؤساء العرب كلهم كبيرهم وصغيرهم، الى مؤتمر يعقد في بلدة لا سيادة ولا نفوذ فيه للدولة العثمانية لتكون لهم حرية المذاكرة. والغرض من هذا المؤتمر التعارف والتآلف.
وهكذا تستمر مسيرة الوحدة العربية وجهود الملك عبدالعزيز رحمه الله في جمع شمل العرب ولم شتاتهم، فقد كان للاجئين الذين دفعتهم ظروف معينة في بلادهم أواضطهدتهم السلطات الأجنبية المستعمرة لبلادهم، ودفعتهم الى اللجوء إلى المملكة العربية السعودية، كان لهم وضع خاص كضيوف للملك يرعاهم كما لو كانوا من أقرب اعضاء الأسرة السعودية ولقد استضافت المملكة كثيرا منهم، شكّلوا مع الأسرة السعودية عائلة واحدة متعاونة متضامنة.
ومن مظاهر اهتمام الملك عبدالعزيز رحمه الله بجمع الشمل حرصه على توطيد الصلات الأخوية مع حكام الكويت والبحرين وقطر وإمارات الخليج العربي، الذين كانوا جميعاً وما زالوا يشكلون مع الأسرة السعودية عائلة واحدة ومجتمعاً متحداً وأمة مجتمعة تتعاون وتتضامن لما فيه خير الجميع.
إنّ ما يتمتع به الملك عبدالعزيز رحمه الله من صفات رائعة وخصال حميدة وبُعد نظر وحُسن تقدير للأمور وثاقب بصيرة تجعل منه مثالاً يحتذى به وقدوة يتأسى بها ومضرباً لكل خير ومحبة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved