أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th September,2001 العدد:10591الطبعةالاولـي الخميس 10 ,رجب 1422

مقـالات

من وراء الأحداث في أمريكا..؟؟
د. خالد بن عبد العزيز الشريدة
تتفاعل الأحداث والتحليلات والتهديدات بعد تفجيرات رموز الحياة في امريكا. وتناولت بعض الدول مواقف مختلفة تجاه الرسالة السياسية الموجهة الى امريكا بعد الأحداث، فأشارت الصين وفرنسا - على سبيل المثال - بأن الأحداث انما تعكس واقع السياسة الأمريكية جراء تدخلها في شؤون العالم!!، بينما تعاطفت دول ضد قتل «الأبرياء» وثالثة إزاء الحدث نفسه بالكلية. وما من شك أن قطع الشجر في حالة الحرب منكر من وجهة نظر الاسلام فما بالك بقتل الابرياء؟
ومن قبيل التعامل مع الحدث والأحداث وإبداء وجهة نظر شخص عاش ودرس هناك لسنوات، أحب الإشارة إلى الآتي:
أولا: ان أمريكا - كما هو معلوم - فيها من الجماعات وما تسمى «بالمليشاز» المناهضة لما يحدث ولما تنتهجه سياستها الخارجية العدد الكبير والمنتشر في ولايات مختلفة. حتى ان احدى هذه الجماعات في تكساس اعلنت الانفصال واقامت مبنى وزارة خارجية خاصة لها.. الخ ويقدر عدد الميليشيات والمنظمات المسلحة بحوالي مائة الف ممن يرفعون السلاح في وجه الحكومة الفدرالية ويؤكد تقرير مركز «ساوثرن بوفرتي لوسانتز» الامريكي الصادر عام 1998م والمتخصص في مراقبة التحركات المعادية للسلطة ان المجموعات التي تحرض على الحقد والعنصرية تزداد عاماً بعد عام حيث ارتفعت ما بين عامي 1996م و1997م بنسبة 20% لتصل إلى 500 مجموعة تضاف إلى 850 مجموعة اخرى منها 400 ميليشيا مسلحة منتشرة في بعض الولايات.
وتقوم هذه الجماعات بأعمال شغب وتخريب وتدريب على نطاق واسع في الولايات المتحدة الامريكية كل هذا على مرأى ومسمع من الادارة الامريكية بل أشار أحد الساسة منهم بقوله «إن أخشى ما نخشاه أن تمتلك هذه الجماعات قنابل نووية في المستقبل فتكون الكارثة»، هذا بالإضافة إلى المجموعات العنصرية ويرمز لها ب«KKK» المعادية لكل عنصر غير الأبيض. ولذلك فهم يعيشون عدم استقرار من الداخل، وعليه فأتصور بأن هناك بذور تفرق وانكماش واضحين في جسد الواقع الامريكي ويغذي هذه البذور عوامل كثيرة ليس هذا مجال ذكرها.
ثانياً: إن أوضح دليل على ما نقول «هو الميدان» ومن أبرزه ذلك الحدث الرهيب والذي تسبب فيه نصراني «أمريكي الأصل والنشأة والتربية» في تفجير المبنى الكبير في أوكلاهوما سيتي عام 1995م وكان فيه بعض الأقسام الحكومية إضافة الى عدد من المؤسسات، بل ودار أطفال، وكان حصيلة هذا الحدث ما يزيد على 179 قتيلاً، إضافة إلى أعداد من المشوهين والمعاقين.. الخ.
وبعد هذا التفجير سوِّي المبنى بكامله في التراب.. هذا الحدث قام به شاب أمريكي يدعى «ماقفي»«1» عمل في الجيش الامريكي، ولكنه لأسباب كثيرة مع مجموعته الارهابية يتخذ مواقف عدائية تجاه الواقع الامريكي. وقد قيل له قبل إعدامه قبل أشهر هل تأسف على ما حدث - وكأنه هو الوحيد - فقال بالحرف الواحد «لا» وكنت أظن أن ما حدث في واشنطن ونيويورك له صلة بقتله، وربما يلبس الأمر على غيره، ومن يستطيع أن يصل إلى الحقيقة؟، إذا لم تردها الولايات.
ثالثا: بعد وقوع الحدث - تفجير اوكلاهوما سيتي - كنت وغيري من الطلبة السعوديين وغيرهم من المسلمين نتلقى عددا من التهديدات والمضايقات، والكلام في هذا يطول ومن يريد الاحصاءات فليأخذها من منظمة مجلس العلاقات الاسلامية الأمريكية وتسمى «Care» والاستفسار منها، من خلال موقعها. وعلى وجه الخصوص ضرب مركزنا الإسلامي بالرصاص، وجاءتنا تهديدات على تليفون المركز الإسلامي تقول «You are Next» بمعنى أنتم بعدهم، أو اللاحقون. وكأن هذه الجماعات الارهابية الامريكية تريد تطهير البلاد من حكومتها ومن المهاجرين إليها. وقام المسؤولون عن المركز والمسجد الاسلامي باستدعاء الشرطة وكتابة محضرين عن ما حدث لنا في الضرب بالمسدس وفي الشريط المسجل عن طريق الهاتف. ووصلت مضايقات المسلمين أخيراً بعد الأحداث حداً لا يطاق مما حدا بالرئيس بوش من اجل تهدئة الوضع لزيارة المركز الاسلامي في واشنطن وبيان محاسن الاسلام والمسلمين وأثرهم الإيجابي على الحياة الأمريكية، كل هذا وغيره من التهديدات كثير في واقع الحياة الامريكية من مجموعات مختلفة منها من يحمل السلاح ويتدرب عليه في وضح النهار في ولايات كثيرة لكننا مع كل هذا ننتقد سرعة توجيه الاتهامات كما هي العادة إلى المتهم الأول والوحيد «نحن».
رابعاً: ان مما سمعنا من الأنباء والتحليلات، بأن أمريكا سوف تحارب حرباً طويلة الأمد من يؤوي الارهابيين وما ندري من هو الارهابي؟ وهنا في الحقيقة فان الخطاب موجه إليها قبل غيرها ففي أمريكا ممن أشرنا إليه كثير، وهي وإن سلمت من إشكالات خارجية فان الارقام والاحوال والمعلومات تقول إنها لن تسلم من إشكالات داخلية كثيرة، ليست فقط على مستوى المجموعات الارهابية الداخلية «الميليشيات الحربية» بل على مستويات اجتماعية مختلفة.
خامساً: لا ينبغي ان ننسى او نتناسى ما حدث لما يسمى ب«ديفيد كريش» النصراني الامريكي والذي احتجز عدداً من الشباب والأطفال منهم من يؤمن به كمسيح جديد ومنهم من احتجزه معه كرهينة لسلامته، واحتجز نفسه واتباعه في مبنى ناء فقامت الحكومة بتهديده واتباعه، فكان الحدث المؤلم، أن أحرقت الحكومة المبنى بمن فيه، ولا أردي ماذا نسمي هذا الفعل من الحكومة؟..
سادساً: ان من العقل والاتزان ألا نحاكم امريكا او غيرها بما حدث لها كحالة واحدة - او بما احدثته ايضا - كحالة واحدة - لانه ربما يبرر الحدث لاي سبب من الأسباب، وقد يكون هناك من الأمور ما يخفى على المتفرجين، لكن العقل والتعقل هو اخذ العوامل مجتمعة وربط بعضها ببعض وتحليلها ثم تفسيرها، ليس فقط من خلال عواملها المادية المرئية، بل ايضا تحليلها دون غفلة عن سنة الله الكونية في بركات العدل وعقوبات الظلم.
سابعاً: علينا كمثقفين مسلمين وعرب ومحللين وصحافيين ان لا نغفل في تعاطفنا مع أمريكا أخيراً، دور إسرائيل الكبير والكبير جدا بما يحدث لامريكا، وعلينا ان نبين ونشرح من خلال كتاباتنا ووسائلنا المسموعة والمرئية والمقروءة هذا البعد في هذه القضية.
لفتة: «نعم نحن جميعاً ضد الإرهاب، ولكن من الذي له الحق في تعريفه؟»
هامش
(1) كان من نعمة الله على المسلمين والعرب بعد الحادث وبعد اتهامهم أن ألقت الشرطة القبض على «ماقفى» المتسبب في الحادث، وذلك جراء زيادته في السرعة بسيارته عائداً من أوكلاهوما، فرأوا على ملامحه الارتباك، ثم قاموا بتفتيشه فرأوا آثار الحادث في شنطة سيارته ولله الحمد فتنفسنا الصعداء.
* جامعة الإمام - القصيم - بريدة


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved