أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th September,2001 العدد:10591الطبعةالاولـي الخميس 10 ,رجب 1422

الثقافية

في ندوة بالقاهرة
حرية المبدع بين الأنا والغير
الناقد د. محمد حسن عبدالله: د. عبدالعزيز حمودة:
الرؤية المغايرة لمنجزات العقل العربي مرفوضة وتشيع الفوضى حرية الإبداع لا تتعارض مع قيمنا الإسلامية والعربية
* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد حسن:
الإبداع الأدبي مسئولية والتزام ينبعان من داخل الأديب ذاته فهو الذي يحرص على نشر قيم الخير والعدل والجمال من خلال ما يكتبه، غير أن البعض دأب على الخروج على هذا الإطار العام بغرض تحقيق اشياء اخرى غير الإبداع، الأمر الذي ادى لظهور قضية حرية الابداع. حول هذه القضية دارت وقائع ندوة «حرية المبدع بين الأنا والغير» التي عقدت بالقاهرة مؤخراً وحضرها عدد من النقاد والمبدعين.
***
الإبداع والمثالية
أكد الناقد الأدبي الدكتور محمد حسن عبدالله ان التعامل مع التراث يجب ان يكون بشكل اكثر حيوية وبشيء من الحرية، كما لا يصح التعامل مع الأدب المعاصر وكأنه مقطوع الصلة بالتراث القديم المتنوع عبر العصور أو خلق حرية ابداع لا تتناسب عما تركه تراثنا العربي من حرية للمبدعين، فلن يصح هذا الجفاء كما يطالب به دعاة الحداثة تحت شعار القطيعة مع التراث، فمن غير المعقول تأسيس رؤية مغايرة بعيدة عن منجزات العقل العربي والسليقة العربية والذين يحاولون ذلك يزيدون من الفجوة القائمة.
ومن ناحية اخرى هناك الكثير ممن ينادون بكبت حرية الابداع تحت مبررات المثالية او الدعوة للفضيلة والاخلاق واثارة المشاعر والاحاسيس الانسانية، فنرد عليهم بأن حرية المبدع قد تنتج ما يدعم دور الادب في خدمة الاخلاق وتدعيم القيم الدينية والاخلاقية.
حدود حرية الإبداع
ويرى محمد حسن أن النقاش النظري حول حدود حرية الإبداع دائماً في حاجة إلى وضعه في سياق محدد، فالابداع لا يجب أن يتعرض لسؤال الصدق والكذب، كما يجب علينا ان نحرر فكرة الابداع مما يحف بها من قداسة فالابداع يقدمه بشر يصيبون ويخطئون ويحبون ويكرهون فليس الابداع محصناً ضد الخطأ.
رؤية الإبداع
وتطرق د. عبدالعزيز حمودة لحدود الإبداع في ظل رؤية المجتمع للابداع من ناحية ورؤية المبدع لقيم المجتمع من ناحية اخرى معتبرا ان تلك القيم حدود يجب ان يضعها المبدع نصب عينيه حتى يحافظ على تماسك المجتمع، وان الابداع لا يتعارض ابدا مع قيمنا العربية والاسلامية وخير دليل ما قدمه شعراء الجاهلية وشعراء ما بعد الاسلام من ابداعات ما زالت تثري التراث الادبي ولم يرها القدماء خروجا عن القيم والعادات ولم تثر جدلا مثلما نراه اليوم.
ويرى د. حمودة ان هناك اختلافاً في رؤية المجتمع لحرية الابداع فهناك فريق من المثقفين يربط بين الابداع والاخلاق بالمعنى الاول المباشر، لهذا الفريق رؤية محددة تختص بمشكلة الهوية وهم يرون أن المجتمع مهدد في أسسه وركائزه ويجب الدفاع عن هذه الأسس ومكافحة أي شيء يهددها أو يكشف سوءاتهما، فحتى حين يدعو كتابة الى ممارسة نقد المجتمع وأنه يجب مصادرة ذلك لانه يهدد الهوية.
وهناك فريق آخر يميل الى الحرية المطلقة للمبدع وهو يمارس مهنته حتى لو كان اقتناص الحقيقة الجمالية او الفكرية يتعارض مع مجمل قيم المجتمع، ذلك ان الابداع يقتضي التحرر من ثقل المحرمات، ولا يتحقق الا باكتشاف علاقات جديدة بين عناصر تبدو متباعدة، فشرط الابداع ان يقول المبدع ما يشاء، فاذا وجد المبدع من يرهبه كف عن الابداع.
ويعلق د. حمودة على ذلك بأنه لا توجد حرية مطلقة للابداع وان مقولة الابداع بلا اخلاق خاطئة، فالعمل الابداعي يعمل على تنظيم الدوافع والرغبات ويحقق التعليم والتربية والامتاع واذا قام المبدع بهذا الدور حقا زاد الابداع بريقا وقوة وما دون ذلك نقص للابداع.
النقد ضبط للإبداع
عن دور النقد تحدث د. عبدالعزيز النعمان فقال ان النقد عامل اساسي في توجيه حركة الابداع، وباعتبار الناقد همزة الوصل بين عقل المجموع من المثقفين وابداعات المبدعين وبالتالي يجب مسايرة النقد للانتاج الادبي والتواصل معه واتاحة مساحة كبيرة للعمل الجيد وتقديمه للجمهور في احسن صورة، وكذلك يجب على النقاد انتقاء الاعمال الرديئة والتصدي لها ومنع وصولها للجماهير وتدنيس الذوق العام.
ويلقي د. النعمان المسئولية على المؤسسات الثقافية سواء الحكومية أو الخاصة باعتبارها احدى وسائل الاتصال بين المبدع والجماهير ويرى انه يمكن اعتبارها احد الضوابط العامة التي قد تحكم عملية الابداع، فعندما ترفض تلك المؤسسات الاعمال الهزيلة يكون لها الدور في مراجعة المبدعين انفسهم مرات ومرات في اختيار الافضل وما يتناسب مع قيمنا واخلاقنا، مما يحول دون وصول الاعمال الرديئة لايدي الجماهير.
ضمير المبدع
وتحدثت الشاعرة سامية عبدالسلام حول اهم الضوابط التي يمكن ان تحكم عملية الابداع الا وهي ضمير المبدع ذاته.
فالابداع لم تتوافر له اي حرية مطلقة حتى في المجتمعات الغربية نفسها، فتواجد الحرية المطلقة تهدم المجتمع والابداع، ومن هنا يبرز ضمير المبدع ذاته كرقيب على اعماله قبل النقاد أو المؤسسات الثقافية، فعندما يضع المبدع خطاً فاصلاً للقيم والاخلاق التي يدين بهما المجتمع يكون قد نجح في خلق ابداع مسئول وقادر على توجيه الفكر الانساني لما هو اسمى وافضل، ولكي يراعي المبدع ضميره يجب ان يضع امام عينيه كتاب الله وسنة نبيه (ص) ولا يتعدى على الموروث الديني والثقافي للأمة العربية والاسلامية.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved