أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 28th September,2001 العدد:10592الطبعةالاولـي الجمعة 11 ,رجب 1422

مقـالات

من مشارف الوطن..
سليم صالح الحريص
* * عتب الإحباط
* في كثير من الأحيان تفضل فيها الغياب عن دائرة الضوء والبعد بالنفس عن كل ما يثير ويستثير رغبة في الراحة وهدوء البال ومنح الأعصاب إجازة من أجواء الشد والارخاء والشحن النفسي الذي لا يفضي بك بالتأكيد إلا الى عالم المحبطين. لكنك لن ترتاح من العاتبين يعتبون عليك إن اعتنزت.. إن فضلت البعد.. أو اعتزلت الناس والمجتمع في هذا العصر.. لأسباب عديدة.
* يعتبون ويعاتبون.. فيهم الصادق في عتابه وفيهم المجامل وفيهم المدلّس وفئات عديدة تتصف بالكثير من افرازات هذا العصر.
* هم يفسِّرون سر الابتعاد أو العزلة الاختيارية كما يحلو لهم التفسير ويفصّلون ويُخيّطون كما شاءوا!
* أنت وحدك تعلم دوافع البعد عن وجوه مللت مطالعتها وسئمت معانقتها فارتديت من لباس الإحباط ما غطَّى كامل جسدك.
* حين يشبع الاحباط منك ويسكن كل أجزائك فإنك تبحث عن خلوة لا تطالع فيها وجها سئمته ولا تتبادل أطراف الحديث مع أحد يصيبك بالاكتئاب. رغبة منك في إعطاء النفس فرصة الانفكاك من ربق القيود والتحلل مما علق بنفسيتك من منغصات.
* * إن تتأمل وتتمعن فهي فرصة جديرة بالتجريب لأنها خير من الابحار في مستنقع لا ينبت إلا الطحالب ولا تسكنه وتغرد فيه إلا أسراب البعوض.
* حين تعلو أمواج الاحباط فإن قمة الإدراك والتعقل تقودك الى وكن لا يطاله الضوء ولا تصله الضوضاء ولا يحل فيه الصداع ضيفا.
لكن هذا الإنزواء يترتب عليه تساؤلات وتكثر الأسئلة أين هو؟ لماذا يختفي؟ وما هو سر الابتعاد؟؟ ولغط كثير يشطح في فضاءات الرجم وساحات التأويل والتهويل والتصوير.
* من الصعوبة بمكان الانفكاك من مجتمعك والبعد أو الانصراف كلية عنه لكننا نستطيع ترويض النفس تدريجيا ولكن أمام الارهاصات والنتوءات في هذه المنابت تدفعك قسرا لقطع كل صلة لتريح نفسك من عناء الكلام الذي لن يجلب إلا الكلام وما يتبعه من توابع تشبه توابع الزلازل والبراكين وقد تتحول الى خناجر ومدى تدمي ما تلمسه.
* تنأى بنفسك وحين تختلي في صومعتك سترى معالم لم ترها من قبل.. عالماً آخر من التناقضات البشرية وستشاهد الصورة أكثر وضوحا.. لكنها الأكثر سوءا وسوداوية حين تدقق في التفاصيل.
وكلما كان الاعتزال أطول مدة فإن قناعات جديدة وتحولات جذرية ستأخذ بها وقناعات سترمي بها لأنك اكتشفت زيفها فلم تعد صالحة.. ومع هذا يراودك الحنين مجددا الى هذا الوسط أو ذاك.. تعتقد أن أمورا قد استجدت أو تغيرت مفاهيم لتفاجأ بمستجدات تدفعك الى قذف أعيرة نارية من النوع الثقيل خاصة ان كان هذا الطارئ متعلقاً بالعموم ولا يختلف عليه أحد وربما تلمس مدى الحاجة الى قذائف نارية كثيفة قد يطولك منها شظية مدفوعا باعتقاد أن هؤلاء المحيطين بك قد تغيرت أو تبدلت عقلياتهم أو نضجوا عقب كبر لكن المفاجأة أن تكتشف بأنك تعيد خطأك ثانية وربعك لا يتغير فيهم الى صبغة الشعر ومصاحبة العصا لأقدامهم ولابد من كبش فداء.
* هي تجربة تكتشف فيها انه مهما كانت المفردات والحجة قوية والدليل قطعياً تبقى الأمور عالقة تعرف عندها ان الحديث أو الصمت أو. تظل فقاعات صابون لا تغير من واقع الأشياء شيئاً!
لكنك تخرج بتجربة جديدة فعند كل مستجد يعري لك قامات كنت تراها شامخة فتتقزم ويميط اللثام عن وجوه كنت تظن بأن لها وزنا وتأثيرا وأثرا فتقطع الشك بيقين ان هناك حتى في الوسط البشري هناك طواويس وصدق الأمير والشاعر والفارس محمد الأحمد السديري حيث وصف ما رآه قبل أن نولد فيصف واقع الحال:


هنيّكم ياهل القلوب المريحات
ترعون بالدنيا مثل رعي الأنعام
ناسٍ تنفذ صادر الأمر بسكات
لو يفهمون العدل للحيف خدام
فيهم من فنون المذلة علامات
ويمثلون أزوالهم كبر الأرجام
لو شفتهم صفَّاتِ فَرياهُم أشتات
ما من عقولٍ لو تكابرت الأجسام،،



أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved