أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 28th September,2001 العدد:10592الطبعةالاولـي الجمعة 11 ,رجب 1422

مقـالات

المرأة في ظل المتغيرات المعرفية المتجددة
بثينة السيد العراقي
تظل المرأة قضية تشغل هاجس المجتمع، ليس الآن فحسب، بل على مدار التاريخ الإنساني كله، ولأن النظر إليها على أنها الطرف الأضعف، فإن كثيراً من الممارسات نحوها كان فيه غبن كبير، تلك النظرة للأضعف من الأقوى أعطت حقوقا وسطوة للأقوى لأن يمارس الكثير من الضغط عليها.. وهذه حقائق لم نأت من خلالها بجديد..!!
لكن المحير حقا والمؤلم في نفس الوقت ان المرأة تمارس الغبن على نفسها باستسلامها لأن تكون بضاعة في سوق الجمال لا يهتم بها إلا من خلال جسدها وأناقتها ومفاتنها حتى ينصب اهتمامها بشعورها وأظافرها وملابسها.
هذا الحصر على هذا النحو هو الغبن الذي فرضته على نفسها إذ قوقعت نفسها فيه دون الخروج أو الانعتاق من هذا المستنقع، الذي أريد لها ألا تخرج منه أبدا، بحيث تكون جسدا وشكلا!!
ولكي تخرج المرأة من هذه التيارات التي تمارس نحوها وتدعمها وسائل الإعلام من فضائيات ومجلات نسائية وغيرها!! لا بد لها أن تكون فتاة مختلفة عما يخطط لها فتعمل على تطوير نفسها وتثقل قدراتها الثقافية في ظل متغيرات معرفية متجددة لتجاوز آفاق أرحب وأوسع حتى تتعايش مع هذه المتغيرات بشكل فعال ومتميز.. وفي ذلك تحترم المرأة انتماءها للمجتمع الذي تعيش فيه وتحترم عقلها.. لأن إيماننا بأن المرأة لا تنعزل عن محيطها ولا عن العالم الذي تعيش فيه، بل تتفاعل معه وتتأثر به.
من ثم عليها ألا تستسلم للدائرة الجهنمية الضيقة التي ترسخها وسائل الإعلام المختلفة من أجل أن تكون المرأة الفاتنة فقط!!
وفي هذا الصدد علينا ان نتساءل ماذا يضيرنا أو يضيرها إذا قرأت في السياسة والاقتصاد والفكر والأدب، وتفاعلت مع الأحداث الحياتية التي تمر بها بشكل ايجابي، وأن تكون عنصرا فعالا ومؤثرا من خلال هذه المشاركة.. ولكم أن تدلوني عن عدد الجمعيات الاجتماعية التي تساهم فيها المرأة أو حتى تشارك من خلالها في تقديم حلول لقضايا اجتماعية للمجتمع المحيط بها!! .. ففي بلاد الدنيا جمعيات هدفها الرئيسي ايجاد الحلول وتذليل الصعاب للمشاكل الاجتماعية والأسرية لمجتمعاتها وتكون المرأة فيها القاسم المشترك بل أحيانا تكون العمود الفقري لها.
كما يحق لنا أن نتساءل ايضا: هل أقدمت مثلا في مجال التعلم على أحدث المبتكرات العلمية من حاسب آلي وغيره؟ وهل اطلعت بشكل كاف على الإنترنت والثورة المعرفية الهائلة التي تبثها؟!
فمن حسن حظ فتاة اليوم أن التكنولوجيا سهلت عليها وسائل المعرفة وضيقت المسافات بحيث يكون العالم كله في بيتها وبين أطراف أصابعها بل من خلال غرفتها تشاهد أحداث العالم وتطلع على شتى صنوف المعرفة وتجد كل جديد في الفكر والثقافة والسياسة وأحدث الفتاوي الدينية وغيرها من مجالات المعرفة.
غير انه يؤلمنا ان تكون نتيجة استطلاع قامت به إحدى المجلات النسائية بالمملكة ان نسبة 91% من الفتيات لا يملكن جهاز الحاسب الآلي.. وأن 6% فقط يملكنه.. كما أكد الاستطلاع على أن الفتيات اللائي يصنفن في عداد المثقفات لا يمتلكن جهاز الكمبيوتر مما يدل على أن الادراك لم يصل بعد إلى معدله المطلوب.. بينما لو حسبنا جملة ما تنفقه الفتاة على الكماليات والزينة فإنه يتجاوز بكثير سعر جهاز كمبيوتر.
أليس ذلك نوعا من الغبن تمارسه الفتاة على نفسها ومستقبلها؟
نعم مستقبلها، لأنها لكي تحصل على وظيفة جيدة بعد التخرج لا بد أن تدرك أن إجادة الحاسب وتعلم الكثير من برامجه مهم جدا للوظيفة.. كما ان اتقان اللغة الانجليزية بات ضروريا للحصول على تلك الوظيفة.
ثم كيف تستطيع الأم أن تباشر دروس أولادها دون الإلمام بتقنيات العصر ومعرفتها وإتقانها؟
فقد أثمت من فرطت في الإلمام بالمعرفة التي أتتها عن طريق الكمبيوتر، هذا الجهاز الذي جاءها إلى عقر دارها وداخل غرفتها ليكون طوع أمرها، كما أنها تقترف في حق نفسها غبنا لا يعادله غبن غيرها عليها.. بل إنها تظلم أسرتها وبالتالي مجتمعها بتفويت فرصة التعلم من هذا الضيف العزيز الذي جاءها بمحض إرادته وباختياره.
وقد قامت في هذا السياق جامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة بإنشاء جامعة هي الأولى من نوعها في العالم التي تخصصت في تعليم النساء الدراسة بالكمبيوتر وقد بلغ عدد الطالبات فيها هذا العام 1881 طالبة.. ونظام التعلم فيها عن طريق الكمبيوتر لا توجد فيه أوراق وحتى البحوث تكون عن طريق الانترنت. وتركز هذه الجامعة على تنمية الطموح لدى الطالبات اللائي يتطلعن نحو مستقبل أفضل في العمل والفرص.
فما أحوجنا إلى مثل هذه الجامعة لكي تقف الفتاة السعودية على أحدث الطرق التعليمية حتى يتيسر لها سبل التعلم وإتقان التقنية الجديدة لتحظى بنصيب كبير يؤهلها للحصول على وظيفة متميزة فيما بعد، وتساعدها على الإلمام بمعارف وتقنيات العصر.
على جانب آخر وبحسب ما قالته توصيات «المؤتمر العربي الإقليمي للتعليم للجميع» الذي انعقد بالقاهرة في يناير 2000م .. «إن التعليم هو حصيلة الفرص المفتوحة والمتنوعة للوصول إلى المعارف واكتساب الخبرات، وبالتالي فإن التعليم المستمر مدى الحياة هو أحد مفاتيح العيش في القرن الواحد والعشرين.. ومعه يزول التمييز التقليدي بين التربية المدرسية والتعليم المستمر، ومعه يمكن مواجهة التحديات التي يفرضها عالم سريع التغير.
فإن يتعلم المرء كيف يتعلم، وكيف يعمل، وكيف يكون وكيف يعيش مع الآخرين؟ فهذا لب النمو الإنساني وهو أساس الوجود المستنير وسند العيش الكريم واكتساب المعارف وتجديدها واستعمالها».
هذا ما نريده من فتاة اليوم: أن تواكب متغيرات الواقع واكتساب تقنيات العصر التي جاءتها إلى محاربها حتى تصقل ثقافتها وتنوع مصادر المعرفة عندها وكيف تتعايش مع المحيطين بها، وتساعدها على الخروج عن أنماط الثقافة التي أرادتها أن تنحصر في الرشاقة والزينة.
إن الخروج من هذه القوالب التقليدية هو إحدى المعارك المعاصرة للمرأة الجديدة فمن تجاوزتها أزالت عن نفسها الغبن الذي أوقعت نفسها فيه من قبل!!

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved