أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 28th September,2001 العدد:10592الطبعةالاولـي الجمعة 11 ,رجب 1422

مقـالات

شخصيات سعودية سكنت تونس
د. عبد العزيز بن عبد الله السنبل
إن الهدوء والاستقرار والجمال وطيب العيش الذي نعمت به تونس على مر العصور، جذب أنظار كثير من رجالات العالم وأغراهم بشد الرحال إليها، هؤلاء القادمون إلى تونس تأثروا بالحياة العامة فيها، وتمازجوا مع أهلها، وأسهموا بما جلبوه معهم من فكر وثقافة ورؤى في إثراء الساحة التونسية في جوانب وميادين شتى. فأسماء مشاهير هؤلاء الرجال ما زالت متجذرة في الوجدان والعقلية التونسية، لأنهم أحبوا تونس وبادلتهم تونس الحب بالحب والعرفان بالعرفان.
أسماء كبيرة في عوالم السياسة، أمثال قاري بالدي محرر إيطاليا ضد الفاشية، وباتينو كراكسي رئيس الوزراء الأسبق في ايطاليا، وفردريك ميتران قريب الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، جميعهم استوطنوا تونس لسنوات طويلة من الزمن، وعاشوا بين ظهراني التونسيين معززين مكرمين وتفاعلوا مع القوى الحية والشرائح المجتمعية بكل تلقائية وود. وسحرت تونس لب وخيال كثير من المبدعين والرسامين والنحاتين الأوروبيين. أذكر من بين الشعراء المتميزين الذين عاشوا في تونس الشاعرين الايطاليين: قويدو مدينه، وسكاليزي اللذين نظما قصائد رائعة في تونس وجمالها وطبيعتها.
ومن أبرز الأوروبيين الذين سكنوا في تونس، البارون ديرلونجيه الذي هام عشقا بتونس حتى أقام بها إقامة دائمة وأعجب أيما إعجاب بالفن والموسيقى والطرب التونسي الأصيل، وداره الأندلسية المعمار والكائنة في حي المرسى ما زالت باقية كما كان يسكنها حتى بأثاثها القديم. إذ تحولت إلى متحف للفنون والموسيقى، ولا بد للزائر لتونس أن ينعم برؤية هذه التحفة الفنية المعمارية.
وإن كانت تونس قد حظيت بهذه الاهتمامات من قبل الأوروبيين فإن أبناء العروبة قد هاموا حبا يضاعف ما أولاه الأوروبيون لها بسبب روابط القربى والدين واللغة، إذ إن تونس جزء لا يتجزأ من الفضاء العربي الإسلامي. ومن العرب الذين تركوا بصمات واضحة في تونس نذكر السفير راشد المجرن سفير الكويت الذي تعرفه الشرائح المجتمعية في تونس نظرا لدماثة أخلاقه وروحه الشعبية في التعامل. ومعالي السفير إبراهيم بن سعد إبراهيم سفير المملكة لدى جمهورية مصر العربية حاليا الذي أبلى بلاء حسنا في تطوير العلاقات السعودية التونسية. وكان قصره مهيئا للآتي والغادي . وقبيل توليه مهمة السفارة أبدع في ميدان العمل العربي المشترك، حيث تولى منصب الأمين العام المساعد عندما انتقلت الجامعة إلى تونس.
ونذكر فاضل خلف الشاعر الكويتي الذي عاش في تونس ردحا من الزمن وأصدر ديوان شعر أسماه «على ضفاف مجردة» ومجردة هو اسم النهر الذي يخترق تونس حتى يصب في البحر الأبيض المتوسط.
وأعجب الشاعر الجزائري الكبير مفتي زكريا بجمال تونس وطبيعتها ونشر ديوانا أسماه «تحت ظلال الزيتون» عبّر فيه عن مشاعره عن هذا الوطن وجماله وعذوبته.
وكثير من رجالات الدولة الفلسطينية أمثال فخامة الرئيس ياسر عرفات، والشهيد خليل الوزير «أبو جهاد» وفاروق القدومي، وحكم بلعاوي، وثلة من شعراء الثورة الفلسطينية أمثال هارون هاشم رشيد، ومحمود درويش قضوا ردحا من أعمارهم في تونس وأحبوها وأحبتهم .. لم لا .. وتونس احتضنت القيادة الفلسطينية لسنوات طويلة وفي أصعب الظروف التي مرت بها مرحلة الكفاح الفلسطيني. ولا ننسى في هذا المقام ، فاضل الجمالي رئيس الوزراء الأسبق العراقي والذي عاش في تونس حتى مماته، والشاعر الشهير حيدر محمود شاعر البلاط الأردني الذي أحب تونس والذي قلده فخامة الرئيس زين العابدين بن علي قلادة الثقافة تقديرا لمجهوداته في تفعيل الثقافة العربية. وعلى غرار الشخصيات الفلسطينية فلقد سكنت تونس شخصيات جزائرية عديدة في مراحل مختلفة من التاريخ خاصة إبان حرب التحرير ضد المستعمر.
ولقد سرى حب تونس في وجدان السعوديين مسؤولين ومواطنين.. وعاش بعض منهم سنين طويلة في هذا البلد العربي الأصيل وما زالت ذكرياتهم وأحاديثهم وإبداعاتهم حديث السمار. لا نستطيع في هذه العجالة ان نسمي جميع من ارتبطوا بتونس وعشقوها من السعوديين لأنهم كثر ولكننا سنحاول ان نعرج على أشهرهم. ففي المقدمة برز طاهر الزمخشري الشاعر المبدع والمشهور ب «بابا طاهر» شاعر الاغتراب والرومانسية. هذا الرجل المبدع سطر أعذب روائعه الشعرية في تونس وله ديوان شعر أسماه «الخضراء» محبة ووفاء لتونس.
ويوسف السيف الذي شغل منصب المندوب الدائم للمملكة لدى الألكسو وقضى ما يناهز الثلاثين عاما من عمره في تونس محبا ومعجبا بها.. وما يزال يتردد عليها، أمد اللّه في عمره. وضمن ديوانه الذي أسماه «عواطف» كثيرا من القصائد الرائعة المعبرة عن صادق محبته وشعوره نحو تونس وأهلها وطبيعتها.
ومن أقدم السعوديين في تونس، الدكتور محمد البارود الماجد الدوسري الذي قدم إليها منذ أكثر من ثلاثين عاما وارتبط بعلاقات متميزة مع جميع الشرائح الاجتماعية وبالذات النخبة التونسية. والدكتور الماجد من رجالات جلالة المغفور له الملك عبد العزيز إذ تشرف بخدمته وهو يافع لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر، وتولى د. الماجد مسؤولية المركز الإعلامي السعودي في تونس لمدة من الزمن. ويعد د. الماجد عمدة السعوديين في تونس من حيث الأقدمية.
ومن الفنانين والمبدعين الذين قطنوا في تونس، نذكر لطفي زيني رحمه اللّه الذي انشأ مؤسسة للإنتاج الفني في سوسة كان لها دور مقدر في تفعيل الإنتاج السينمائي في تونس، إلا ان المرض قد وضع حدا لطموحاته وأهدافه في هذا المجال. ومن المعروف ان لطفي زيني كان صديقا حميما لطاهر الزمخشري وليوسف السيف إبان إقامتهم في تونس، وكثيرا ما تردد عليهم بعض رجالات الفن في المملكة مثل المرحوم طلال مداح، وغيره.
ومن رجالات السياسة، عاش في تونس سعادة السفير البسام، أول سفير للمملكة في تونس والذي ظل وفيا ومحبا لتونس حتى آخر لحظة في حياته، والسفير عباس غزاوي سفير المملكة الحالي في ألمانيا. وأحب الأخ الأستاذ الدكتور بكر بن عبد الله بكر سفير المملكة حاليا في سوريا البلاد التونسية وسهر على رعاية المصالح العليا للبلدين وبذل مجهودات متميزة في استقطاب الاستثمارات المالية لتونس.. ولا يزال يحمل ذكريات طيبة عن تونس ورجالاتها. ومن السفراء السعوديين في تونس، الأستاذ علي القفيدي الذي يعد من أهم الدبلوماسيين الذين ساهموا في بناء العلاقات السعودية اليمنية والذي يمارس دوره الآن في تنمية وتطوير العلاقات السعودية التونسية.
وممن لعبوا دورا بارزا في ميدان العمل العربي المشترك في تونس معالي الأخ الدكتور أحمد بن محمد السالم، الأمين العام السابق لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي بتوجيه ومؤازرة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، استطاع ان يحقق إنجازات متميزة في تفعيل عمل وأدوار المجلس. والجدير بالذكر ان الدكتور السالم قد عين وكيلا لوزارة الداخلية إبان عودته إلى السعودية وخلفه القانوني الجامعي المعروف الدكتور محمد كومان والذي حل في تونس منذ عدة أشهر.
ومن مهندسي العلاقات الاستثمارية التونسية السعودية نذكر شخصيات أساسية لعبت دورا مؤثرا في العلاقات الاقتصادية السعودية التونسية وهم صالح كامل، ومحسون جلال، والشيخ عبد العزيز بن إبراهيم، إذ استثمر صالح كامل في مشروعات جمة في تونس أهمها مشروع تطهير البحيرة وإحالتها إلى مدينة عصرية حديثة على أعلى طراز، وتولى محسون جلال إدارة مؤسسة الاستثمار السعودي التونسي. ويمكن القول ان محسون جلال وصالح كامل يعدان المهندسين الحقيقيين للاستثمار السعودي التونسي.
وبعيدا عن عوالم الاستثمار والاقتصاد يعشق الرجلان تونس ويخصانها بجزء كبير من عنايتهما واهتمامهما. ويولي الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم اهتماما بالغا في مسألة الاستثمار المتنوع في تونس، وتنطلق أعماله من سوسة، ويحرص شخصيا على زيارة تونس من فرط حبه لها. ومن رجالات الاستثمار السعودي في تونس نذكر إبراهيم القرعاوي، وحامد عطي، وإبرهيم الدوه، وعبد العزيز المداح، ومنصور العساف، وعادل الفقير.
وقائمة من استوطنوا او عاشوا في تونس من السعوديين وأحبوها لا تنتهي، ولكننا نذكر من بينهم، معالي السفير حمد الفارس الذي أكمل تعليمه الجامعي في تونس ويشغل حاليا منصب مدير عام ديوان سمو وزير الخارجية، والأستاذ عثمان الأحمد حينما عمل أمينا مساعدا لجامعة الدول العربية لفترة ليست بالطويلة، والدكتور عبد العزيز الجلال المدير العام المساعد لقطاع التربية في الألكسو، والأستاذ عبد الكريم المالكي القائم بأعمال السفارة السعودية في موريتانيا، والملاحق العسكرية في تونس وهم فيصل السديري، وضيف الله الشهري، وعبد العزيز المحجد، وشاكر إدريس، وإبراهيم السجا، وصالح العمرو، والأستاذ عبد الله المحيمدي مدير وكالة الأنباء، والمخضرم التربوي الأستاذ إبراهيم الفريح الذي تولى منصب المندوب الدائم للمملكة لدى الألكسو والذي خلفه فيه الأستاذ عبد العزيز البابطين، والأستاذ منصور الفايز مدير المكتب الإعلامي السعودي، والملاحق الثقافية الأساتذة سليمان آل الشيخ، محمد العقيل، وهشام العمار، والمرحوم جميل أبو سليمان، والدكتور عقاب اللويحق الذي حصل على الدكتوراه في تونس وزميله العميد معجب الحويقل، والأستاذ صالح الجهيمان شقيق الأديب عبد الكريم الجهيمان، والأستاذ عبد العزيز المهيزع مدير مكتب التوظيف السعودي بتونس، والفقير إلى الله كاتب هذا المقال حيث قضى ما يناهز عقدا من أجمل مراحل عمره في تونس منتدبا من بلاده للعمل نائبا للمدير العام في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وقبل ذلك رئيسا للجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار.
وحظيت تونس بكثير من أشعاره وفيض كتاباته التي تعبر عن الحب والوفاء لهذا البلد العربي الأصيل المضياف.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved