أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 8th October,2001 العدد:10602الطبعةالاولـي الأثنين 21 ,رجب 1422

محليــات

يارا
خصوصية البريد
عبد الله بن بخيت
ما هو ذلك الشيء الذي يأتيك إلى منزلك في كل بلدان العالم بينما في المملكة أنت الذي تذهب إليه؟ طرحت ابنتي سارة هذا السؤال. والحقيقة لا أعرف ما هو هذا الشيء الذي يأتي في بلدان العالم بينما نذهب نحن إليه. فكرت في كل شيء في الحب في الموت في الماء في الأشجار. ودحدرت إلى الحيوانات والجدران والقطاوة. ما تركت شيئا يمكن أن يطاله خيالي إلا وتلمست الجواب فيه. أجهدت خيالي خشية أن تسقط هيبتي أمام أطفالي الصغار فأنا رمز المعرفة أمامهم. فقلت لها بعد أخذني اليأس كل مأخذ: يا ابنتي نحن بشر ما نذهب إليه يذهب إليه الآخرون وما يأتيهم يأتينا. قالت لا هذا شيء نختلف فيه عن كل ما في الدنيا. وعندما أعلنت لها عجزي عن الاجابة قالت بهدوء الواثق: البريد.
عندما قلبت الأمر اكتشفت بالفعل لو ذهبت لأي مكان في العالم مهما كان هذا المكان ستجد أن البريد يطرق بابك. في زواريب القاهرة وسكيك صنعاء وعشيش أفريقيا الوسطى. مهما كان موقعك في المدينة بمجرد أن تسجل عنوان مسكنك سينتظم بريدك.
في كل بلدان العالم البريد جزء من ثقافة الناس. يساهم وجوده في كثير من مصالح الناس ومعاشهم. وقد تغلغل في ثقافة آداب الشعوب وفنونهم. عندما تقرأ قصص الشعوب وأشعارهم وحكايتهم ستلمس حضورا قويا للبريد. في المسائل العاطفية يمثل الشيء الملموس عند الغياب تشم فيه رائحة الحبيب أو الصديق. تحس أنك تحتفظ بشيء من روح وجسد الآخر الذي تراسله. بل البريد يشكل أحيانا مصدرا من مصادر المعرفة الثقافية والأدبية في المجتمعات. فكثير من المراسلات التي تمت بين المحبين أو بين المفكرين أو بين التجار أو السياسيين تحولت الى مراجع لقراءة تفاصيل خفية لاحداث مهمة.المملكة ليست حديثة عهد بالبريد. بدأ مع بداية المملكة منذ أيام التأسيس الأولى. إلا أنه ما زال خارج ثقافة الناس وبعيدا عن اهتمامهم. وقلما تجد سعوديا له علاقة بكتابة الرسائل رغم حميمية التواصل عبر البريد. وأتذكر أن الناس كانت تستخدم التراسل المكتوب في بلادنا وتبعث الرسائل عبر كل الوسائل عدا البريد الرسمي.كان المسؤولون عن البريد في الماضي يجدون عذرهم في عدم توفر عناوين على البيوت حتى يصل البريد الى المنازل ولكن هذا العذر انتهى منذ سنوات. وأكبر دليل على ذلك توزيع الصحف. اذا قلبت الأمر يمكن ان اعد البريد في المملكة هو أفضل مثال على فلسفة التنازل التي تعودنا عليها. نعرف أن أهم جزء في البريد هو توصيل رسائل الناس إلى منازلهم وليس إلى صناديق بريدهم. وهذا غير موجود ولا يتحدث عنه أحد لأنه أصبح قضاء وقدرا مثل الإنسان الذي يولد فاقد البصر فهو لا يتذمر لأنه لم يعرف نعمة البصر أبدا.
سبحان الله حتى في البريد لنا خصوصيتنا.
yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved