|
| مقـالات
عندما أحضر له ولده الوحيد صحون البلاستيك الحديثة.. ابتسم وقال: لله درها اللي اخترعها.. كانت فرحته كبيرة.. وكان صادقا في لهجة الاستغراب لديه.. فبعد وفاة زوجته .. كان يترك الصحون بدون غسيل لفترة طويلة وعندما يحتاج واحداً.. يدلكه دلكة خفيفة ويأكل فيه . هذا زيادة على تدفيق الماء وهو يحضره بالوايت «مثلنا يا سكان الغدير شمال الرياض».. زيادة ايضا على الصابون رغم ان المستحضرات الحديثة توفر له الكثير لكن الريال لديه لا يخرج الا وقد اصيب بالتهاب في اللوزتين قصدي الريال. وليس صاحبنا.. ثم عنت له فكرة أخرى.. قال: العيون ولقوا لها ما يسمى بالتشطيب «وفيد الرجال» وهذا تعبيره كغيره من المسنين قليلاً داووه.. بس ها الاسنان.. لو الله وفقهم.. ولقوا لها مثل هذا البلاستيك تركيه عليها عند الأكل.. فاذا انتهى الأكل.. رميتها مثل هذه الصحون كان زانت علومك.. يا بودحيم.. ثم أخذ يبتعد بتفكيره وتعجبه ويعاتب هؤلاء أصحاب الاختراعات ليه اهملتوا الاسنان ورغم بخله الشديد.. الا انه كان لا يقصر على نفسه.. اما ولده فقد تزوج واستقل وزوجته في شقة. وينتظر اليوم الموعود.. للتمتع بالمال المرصود..
لقد قدم لنا البترول الشيء الكثير.. الملابس.. والحبال.. والاطباق.. وأدوات الأكل الأخرى.. هذا نصيبنا من البترول.. ويكفي نحن وأبو دحيم قنعون.. وما لنا والبورصة والانخفاض والارتفاع واجتماعات أوبك.. والتنابز بين الدول.. والمخزون الامريكي واستقراره وانخفاضه كل هذه لا تهمنا نحن البسطاء من الناس وساعة صفاء وبساطة مع البسطاء أمثالنا تسوى الدنيا كلها. كان صادقا عندما يقول هذا.. فالراحة في عرفة نصف القوت بس لو أن الذي اخترع «حسب تصوره» هذه الصحون التي تأكل فيها ثم ترميها في القمامة اخترع أيضا غطاء كاملاً للأسنان.. كان زانت الدنيا.
إن الانسان المعتدل يميل الى الهدوء والبساطة. ويرى ان الحياة شيء زائل والركض في الدروب المختلفة.. لا تسلم القدم فيها من الزلل.. ولذلك فان من رزق كفاف يومه فقد حيزت له الدنيا وسلم من مشاكل الناس. وسلم أيضا من قيل وقال وكثرة الترحال..
|
|
|
|
|
