أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 13th October,2001 العدد:10607الطبعةالاولـي السبت 26 ,رجب 1422

مقـالات

حوار الحضارات .. حرب الحضارات ..!!
فوزية أبوخالد
إلى أين تمضي هذه الحرب التي نقلتها امريكا في لمح البصر من نيويورك وواشنطن إلى أفغانستان؟ وكأن قدر المنطقة أن ينتهي القرن الماضي بحرب على الارض الاسلامية ويبدأ القرن الجديد بحرب على أرضها أيضاً.
ما هي أهداف هذه الحرب وما هو منتهاها؟
هل هي حرب مفتوحة كما يوحي بذلك إعلام الإدارة الأمريكية لمجلس الأمن باحتمال قيامها بشن هجوم على دول ومنظمات اخرى حيث افغانستان مجرد بوابة.
هل هي حرب خاطفة كما قال برويز مشرف بعد الهجمة الامريكية الأولى على افغانستان مساء الأحد الماضي.. أو انها حرب كما قال بوش وهو الابخص، طويلة الامد على غرار الحرب الباردة.. حيث لا تحيا الهيمنة بغير حروب؟
ليس لاحد ان يلح بالسؤال حتي لا يتهم بالإرهاب أو بالتعاطف معه.
ما هو دور امريكا اصلا في واقع افغانستان الحالي وفي خلق معسكرات القتال واستمرارها؟
لا أحد يجرؤ على التساؤل لئلا يتهم بالارهاب أو بالاحرى بالوقوف ضد امريكا أو مخالفتها الرأي.
وإذا كان بعض «المثقفين» العرب قد آثر ألا يثار سؤال: ما هو دور السياسة الامريكية الخارجية في التسبب بمقتل المدنيين الامريكيين الابرياء في مبنى التجارة العالمي بنيويورك حتى لا يتهم بالارهاب، فان كثيراً من هذا البعض يفضل ان يصار الى تجنب سؤال ما هو ذنب ابرياء افغانستان من المدنيين في الهجوم الامريكي الانتقامي على افغانستان وبعض آخر صار يخشى حتى كلمة «ندين الارهاب ولكن. لأن هذا البعض يريد ادانة من «غير ليه أو لكن». وذلك ليثبت انه «حضاري» بالمعنى الغربي الحرفي للكلمة. بل ان بعضهم يريد ان يكون اكثر «اغتراباً» من عنصريي الغرب المتطرفين.
هذا ومع ان عدداً من مثقفي امريكا نفسها وكتابها واكاديمييها وحتى مواطنيها العاديين قد بدأ من الأسبوع الثاني للحادث بطرح اسئلة جارحة على حكومته وعلى نفسه في هذا الصدد، وعدد من الجامعات الامريكية والمؤسسات الأهلية اخذت تعقد المؤتمرات وتقيم الندوات والمحاضرات لإثارة الاسئلة حول الحادث وخيار الحرب في اطارها الحضاري والسياسي معاً. وهي في ذلك تستضيف مسلمين وعربا أو امريكيين من أصل عربي لتبحث فيما يوجه إلى الاسلام والمسلمين وفي الاحتمالات المختلفة للمواجهة من خلال حوار الحضارات وليس من خلال حرب الحضارات وتناحر الشعوب كما يجري على الصعيد العسكري والإعلامي.
ولو اخذنا في ذلك مجرد ماذكره كل من الدكتور وليد فتيحي والدكتور عبدالله الطاير لكان مثالاً كافياً غير انه بالاضافة الى شهادتهما هناك عدد من «السيتات» على الإنترنت ما يؤكد مثل هذا الاتجاه. هذا بينما الخوف من امريكا او من تهمة معاداتها او تهمة الانحياز للإرهاب تكاد تصيب عالمنا العربي والإسلامي بحالة من التعتعة والعته نفقد معها القدرة على مجرد طرح الاسئلة الاستفسارية وليس بالضرورة الإسئلة الاعتراضية.
وفي إطار هذا الخوف من تهمة الإرهاب لمجرد مخالفة الإدارة الامريكية الرأي ولو بطرح الاسئلة، كان على العالم كله ان يبكي الضحايا الامريكيين الابرياء الذين سقطوا في احداث 11/9/2001م ولا اعتراض علي ذلك اما الآن فان على العالم كله ان يبتلع دموعه وهنا الاعتراض على الشعب الافغاني الجائع الحافي الفار على ظهور الانعام او على الاقدام الى جوار لم يتورع عن اغلاق حدوده في وجهه. بل على العالم ان تلتمع عيونه دهشة واعجاباً بقدرة النسر الاصلع الخارقة على النبل بتوزيع الوجبات الجاهزة والمؤن الغذائية بيد وتوزيع القنابل الحارقة واسقاطها على البيوت الرثة للمدنيين الافغان باليد الأخرى. ومن لا يفعل ذلك فالتهمة جاهزة بتأييد الإرهاب أوهكذا يخشى البعض أو يخيل له. قد يكون للدول التزاماتها السياسية الدولية ما يفرض عليها ان تتخذ هذا الموقف أو ذاك بما قد يجاري الموقف الامريكي الرسمي. اما المواطن العادي فمن حقه على الأقل كما لنظيره الامريكي ان يُكون رأيا. هذا على ان يشكل هذا الرأي ويطرح بالوسائل السلمية، عبر القنوات المشروعة وبالتي هي احسن. كما ان من واجب المثقف وخاصة صاحب القلم ان يكون له رأي يؤسس على المواقف المبدئية من مسألة الحرب والسلام والعدل والمساواة في ابعادهم العالمية كما هو حاصل الآن ، على ان يتم عرض مثل هذا الرأي ايضاً عن طريق القنوات المشروعة وعن طريق الحوار والكلمة الطيبة .
ان تشكيل رأي عام يعقلن الاحداث والازمات ويفتح لها آفاقا جديدة للحلول او على الأقل للتحاور حولها ولتعدد الرؤى والآراء اهمية لايجب التقليل من شأنها في إعطاء وزن وقيمة للرأي الرسمي عند حسابات المصالح على المستوى الدولي.
إذن لا بد من مواجهة فوبيا الخوف من تهمة الإرهاب التي اصبحت تحاصر العرب والمسلمين من لحظة وقوع احداث 11/9/2001م، يجب الا نسمح ان تصبح علاقتنا بالآخر وعلاقة الآخر بنا محكومة بتبادل الفوبيا المرضية سواء مايسمى هناك «الفوبيا الإسلاميةislamo phobia أو ماقد نسميه فوبيا تهمة الارهاب Terrorist phobia.
اننا يجب ان نواجه فوبيا الخوف من تهمة الإرهاب بما يعطي الحق في إبداء الرأي على الأقل من ضرب شعب مسلم مسالم طحنته الحروب ما يزيد على عشرين عاما ويشغله امر تدبر لقمة العيش في ظروف قاسية عن عالم الساسة والسياسة.
اننا يجب ان نهزم فوبيا الخوف من تهمة الإرهاب بما يحفظ الحق للعرب والمسلمين في طرح رؤاهم المبدئية عن الإسلام والعروبة وبما يجعلهم قادرين على التمسك بعدالة قضاياهم والدفاع عنها.
ان هذه الحرب الغامضة غير المتكافئة التي بدأتها امريكا بهجومها الجوي على افغانستان يوم الاحد 7/10/2001م قد تتحول إلى حرب لا ترحم إذا لم يوضع لها حد، إذا لم يُر في توزيع العدل بدل توزيع الرعب على المجتمع الدولي. ان احد اهم وامضى وسائل محاربة التطرف أيا كان مصدره هو استهداف رموزه فقط ودون المساس بالمدنيين والأبريا مع إقرار حق الشعوب في العيش بسلام وعدل وفي ظل مؤسسات كل حسب وعائه الحضاري والديني تُعطى للرأي الآخر مشروعيته للطرح والحوار فلا يعود عندها هناك حاجة إلى تفريخ الآراء المخالفة في العزلة والظلام بما قد يؤدي للانقسامات الحادة والتطرف .
هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved