أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 13th October,2001 العدد:10607الطبعةالاولـي السبت 26 ,رجب 1422

محليــات

لما هو آت
العربية.. العربية )6(
خيرية إبراهيم السقاف
هناك قاعدة لا أتوقع أن يختلف فيها اثنان..، )قد( تكون من القواعد العلمية العامة، وهي أنَّ )المعرفة( بمفهومها العلمي الحديث )الخبرة النظرية والتطبيقية( مجردة، ليس لها معنى في مجال التطبيق في الحياة إلاَّ بالممارسة، لذا إن ذهبنا نطبِّق هذه القاعدة على اللغة العربية الفصحى، للزمنا القول إنَّ معرفة القواعد اللغوية لا تضمن تحقيق الهدف المنشود من تعلُّمها ما لم تخضع للممارسة الدائمة في الحياة اليومية..، ذلك لضمان صحتها وسلامتها عن طريق المران، والدربة مبعث الاتقان. فكلّ ما تعرض للممارسة، لا تذهب به ريح، ولا يبدِّده أمر..، فالممارسة دُرْبة لما يكون عن علم بلا شك يحقق الهدف، ويصل إلى الاتقان المطلق، فتجري اللغة على الألسنة دون تعثُّر، وتصبح لغة فكر وتطبيق...
ومتى تحقق لها بلوغ هذه المرتبة في نفوس أبنائها، وُضعت في المكانة التي تليق بها، إذ تكون الأولى والمفضّلة للتعبير الكتابي، والشفاهي، ولا يستبدل الفرد عنها سواها.
والسؤال في مجال تطبيق هذه القاعدة على اللغة العربية يرد صريحاً: هل هي كذلك عند كافة أبنائها كما ينبغي؟.. والاجابة بلا ريب نافية، وكما تأتي بالسَّالب المشير الى الدَّاء، فإنَّ البحث عن الدَّواء يكمن وراء أسئلة كثيرة، لا نريد أن نُلقيها دون أن يكون هناك من «يتولَّى بأمانة الإجابة عنها، ليس نظرياً، بل فعلياً، أي يُخضع الإجابات الحلول للعلاج عن طريق )العمل(، التطبيق.
فمتى يتحقق ذلك للغّة العربية، وهي لم تُهيأ لها مهارات الممارسة؟، وممارسة المهارات المؤدية إلى إتقانها، ومن ثمَّ التشبُّع بحبِّها، والتَّعوُّد عليها، وجعلها لغة الإحساس، والتَّفاعل، والتَّفكير، والتَّعبير؟.. فلم يوضع أمر إتقانها موضع «الأولوية» عند الممارسة في التعبير عمَّا يدخل ضمن أغراض وحاجات الإنسان، تلك التي تُستخدم اللغة للدَّلالة عليها، وعنها، فهل من البشر مَنْ لا ينطق تعبيراً عن حاجته؟ إلاّ مَن ْعجز عجزاً عضوياً، فاستعاض عنها بالإشارة؟، وكيف هو نطقه، بل كيف يتمُّ التَّعبير عنده عن حاجته؟ أوَ ليس «بالكلام» الذي هو في أرقى، وأعلى مستوياته اللُّغة الفصيحة، التي ينبغي لأبناء اللُّغة إتقانها، ولو في الحدِّ الأدنى الذي هو الأشمل لقواعدها، وتراكيبها السليمة؟
ولأنَّ ذلك في الواقع لا يتمُّ، ولأنَّ العربية تُعلَّم فقط بما يجعلها رهينة وقت الدراسة النظامية في المؤسسات التعليمية، ولا تُمارس في البيت، ولا في الشارع، وفي الحياة عامة، ولأنَّ تعلُّمها فقط لاجتياز «الاختبارات» الدراسية، فإنَّها في عزلة بين أبنائها!!
ولقد ذكرنا في هذه السلسلة من المقالات شيئاً عن غربة اللُّغة العربية بين أبنائها، بما لا يجعلنا نعجب عن غربتها عند غيرهم..، إذ هي بين فئات أربع: فئة أبنائها المقيمين في موطنها، وفئة أبنائها الذين لا يقيمون فيه، وفئة الراغبين في دراستها وتعلُّمها من غير أبنائها بهدف عام، وأولئك الذين يقبلون على تعلُّمها بهدف محدَّد.
فعلى الرغم من أنَّ جميع اللغات في العالم تمارس تعلُّمها مثل هذه الفئات، إلاَّ أنَّ اللُّغة العربية في وحشة قاهرة، وعزلة قاتلة، إذ لم تفقد إتقانها على الألسنة ممارسةً، بل هُجرت، فعُزلت.. بما لا يليق.. وبما لا يجب أن يكون.. مما سوف تتمُّ مناقشته فيما هو آتٍ.
يتبع

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved