أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th October,2001 العدد:10609الطبعةالاولـي الأثنين 28 ,رجب 1422

مقـالات

الحيرة المرة!!
بثينة السيد العراقي
هي حيرة كل أسرة، ومعادلة لا تستطيع كل أسرة منفردة تفكيك عناصرها وأسرارها وطلاسمها بمعزل عن مؤسسات المجتمع، تلك الحيرة التي تضع الأب والأم والفتاة في طرف وعريس الفتاة في طرف المعادلة الأخرى.. إنها مشكلة كل فتاة تقطن هذه المنطقة، هل تستطيع استكمال دراستها الجامعية أم تتوقف عن الدراسة واختيار أول عريس يقدم عرضه وتوافق عليه الأسرة قبل أن يذهب سن الزهور؟!
وهل لو وافقت على الزواج قبل استكمال دراستها، هل يوافق العريس على استكمال دراستها حتى نهايتها؟
تلك الحيرة التي تفتك بذهنية كل أسرة لديها فتيات جامعيات بعدما أصبحت العنوسة شبحاً يطارد كل فتاة تتجاوز العشرين من عمرها، ويزداد الاختيار صعوبة إذا علمنا أن الأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط العام الماضي تشير إلى أن عدد العوانس في المملكة بلغ أكثر من مليون ونصف المليون فتاة عانس!!
ولكم أن تتخيلوا بلداً كهذا عدد سكانه قارب عشرين مليون نسمة أكثر من 50% منهم تحت سن 15 سنة.. فإن الأمر لا شك سوف يصبح هاجساً مؤرقا وموجعاً ليس للأسر وحدها، بل للمجتمع ومؤسساته وذلك للبحث عن مخرج لهذه المعادلة الشائكة بين استكمال الفتاة تعليمها وبين الإقبال على الزواج مبكراً!!
وتتشعب المشكلة من كيان الفتاة إلى الشباب نفسه الذي يمتلك مسلمات حول قواعد الزواج التي يجب ان يعتريها بعض من التصويب والتغيير، حيث يفضل الشباب الزواج من فتاة صغيرة وهي بالتأكيد تجهل أمور الحياة الزوجية وتعوزها الخبرة والفهم العلمي لهذه العلاقة وتفتقر للأسلوب التربوي الواعي مع الأطفال، هذا الفكر لايتوفر إلا مع الفتاة المتعلمة المثقفة والتي تكون قد استوعبت خلفيات هذه التجربة من خلال الاطلاع والتثقيف.. رغم ان الكثير من الشباب يفضل من هي أقل منه في المستوى العلمي والثقافي كما يفضل البعض من لم تتخرج من الجامعة.
ولعل الأمر يزداد صعوبة لتلك المقولة التي يتداولها شباب اليوم بأن الفتاة الجامعية«مغرورة ومتعجرفة ومتكبرة» وهي وصمة تفقد الكثيرات فرص الزواج رغم أن الواقع لا يقر ذلك، بل ينفيه نفيا قاطعاً لأن الشهادة تمنحها المزيد من النضوج والوعي والثقافة.. كما أنها تكون عونا لهما في التفاهم والحوار وتكوين أسرة دعائمها التكافؤ والتفاهم وحتى يعيش الأبناء في ظل أسرة متفهمة واعية قادرة على حل مشاكلها بكل سهولة ويسر، ولا شك أن حصول الفتاة على شهادة جامعية تؤمنها من غدر الزمن، لأنها لو توفي زوجها أو طلقها تستطيع أن تخوض غمار الحياة وتربي أطفالها بالبحث عن وظيفة.
وهناك من يصل إلى حل وسط لهذه المعضلة وهو الجمع بين الزواج في سن صغيرة وإكمال دراستها بعد الزواج، وتستطيع الزوجة الجديدة الموازنة بين بيتها وأطفالها ودراستها لأن المرأة إن لم تكن مؤدية لواجباتها الأسرية على أكمل وجه فهي غير ناجحة ولو كانت تحمل أعلى الشهادات.
فعلى مؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام ان تعمل بكل طاقاتها من أجل إرساء قواعد علمية وواقعية لهذه المشكلة بحيث تعالج الأفكار والعادات والأعراف السائدة للزواج لأن هناك تغييرا قد حدث وواقعاً قد نشأ، يجب التعامل معه بعقلية مختلفة وروح جديدة تكون لحمتها التفاهم للمعطيات الجديدة والقراءات المستحدثة لهذا الواقع.
لا نطلب في ذلك المستحيل ويجب أن نعيد تقييمنا للأعراف السائدة في ظل المتغيِّرات الجديدة حتى لا نصل لمشكلة قد تتحول مع وقف هذا التقييم إلى مستحكمات تمسك بتلابيب المجتمع وتتفاقم المشكلة ويزداد المليون ونصف عانس بالمملكة إلى أرقام أكثر فظاعة!!
نعترف بأن المعادلة صعبة جداً على كل أسرة لكنها ليست مستحيلة لايمكن التفاهم حولها.
وإلا ما كان طلب العلم فريضة على الشاب والفتاة وإلا ما قال السابقون:


الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق

فماذا يضير المجتمع إذا أعاد تفكيره وحساباته مع وجود الطبيبة، حيث الفكرة الخاطئة لدى المجتمع بالعزوف عن الزواج منها.. ونتساءل ما ذنبها؟! وما العيب في الارتباط بها؟! فهي تؤدي مهنة شريفة تقدم من خلالها الخدمة للمجتمع ومثل هذه الظاهرة لا بد من تصحيحها بالتوعية والتوجيه بشكل أكبر سواء من الأسرة أو وسائل الإعلام؟!
فما الفرق بين الطبيبة والمعلمة فكلتاهما تخدمان المجتمع وتسعيان لمستقبل أفضل لهما وللمجتمع؟!
هذه واحدة من المشاكل التي يجب أن يتصدى لها المجتمع بكل فئاته للوصول إلى حلول مقنعة نعيد فيها ترتيب الأولويات والحسابات حتى يستطيع المجتمع أن يمضي قدماً للأحسن بلا خلل اجتماعي أو مشاكل يمكن أن تعيقه مستقبلاً.
ما أحوجنا إلى إعادة النظر في العلاقات الزوجية فإذا كان الشاب يريد الزواج من فتاة تجتمع فيها كل المحاسن من جمال ومال وحسب ونسب وثقافة ووظيفة وسيدة منزل من الطراز الممتاز فيجب أن يسأل نفسه أولا هل هو فيه كل المحاسن أيضاً أم يكتنفه بعض العيوب؟.. والكمال لله وحده!!
علينا الحرص فقط على التكافؤ الاجتماعي والتعليمي والثقافي.. ومع التفاهم والود وحرص كل من الشاب والفتاة على أن يؤدي دوره تجاه الآخر تضيق المسافات وتختفي الفوارق والنواقص وتنخفض نسبة العنوسة وأرقام المطلقات إلى الدرجة الأدنى.. فالأرقام في البلاد العربية الأخرى مزعجة جداً للعنوسة والمطلقات.
نسأل الله أن يعفينا من هواجس هذه الأرقام!!

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved