أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th October,2001 العدد:10609الطبعةالاولـي الأثنين 28 ,رجب 1422

مقـالات

رسالة لم يحملها البريد
وسيلة محمود الحلبي
* القطار يقف في محطته الأخيرة في حدة متناهية يصفر يعلن استعداده للرحيل من جديد. في لحظات مقيدة جدا كان عليها ان تتخذ قرارا حاسما تصنع به مصيرا جديدا لحياتها.
الجميع كان يرى الشاب المتقدم لخطبتها أكثر من مناسب «المطلقة مثلها» ولكنها كانت ترفض رغم ما تسمعه، وما تعرفه عما تعانيه المطلقة في مجتمعنا العربي من مشكلات لم يكن رفضها موجها للشاب، ولكنها كانت تنتظر اللحظة التي تتمكن فيها من صنع قرار خاص بها وحدها دون تدخل أحد وخلاف رغبات الجميع فربما كانت هذه اول مرة تشعر فيها بأنها تمتلك حرية قرارها.
حزن كبير ينتابها عندما تسمع امها تتحدث عن انتهاء المطلقة كمن تتحدث عن مأساة، هل تدرك أمها بعد هذا العمر أي مأساة تعيشها المرأة المتزوجة؟ الاغلب أنها لا تدرك بل لعلها مثل غيرها لا تريد ان تدرك تجربتها السابقة في الزواج كانت كفيلة بأن تفتح عينها على الكثير، عرفت كيف يمكن ان يخفي الاستبداد في كل شيء حتى انه يمكن ان يمارس باسم الحب، حين يتحكم الرجل في نوع الملابس وفي اختيار الصديقات والزيارات ظلت لفترة تعتقد ان زوجها وحده هو المستبد، لكن حين أتيح لها ان تبصر ما وراء الأبواب المغلقة والابتسامات المصطنعة والمظاهر المزيفة بدأت تدرك انها مأساة الزواج أكثر مما هي مأساة زوجها، مأساة الحقوق المقدمة التي يمنحها المجتمع للزوج في بلادنا.
طلبت الطلاق توسلت اليه كثيرا حتى تنجو بحريتها ولم تحصل عليه الا عندما أراد هو.
شيء ما بداخلها يرفض الهزيمة والاستسلام حتى لو كان ذلك على حساب أمور كثيرة أخرى لم تستطع ان تعيش حياة حزينة، لم تستطع ان تغمض عينيها عما هو واضح أمامها، رفضت الاستمرار حتى لا تتغلغل الخديعة داخلها وتحولها الى تابع مجرد من كل رغبة، رفضت وهي تعلم نوع المعاناة التي ستواجهها بعد الطلاق.
وضعها سيحولها الى وباء تغلق في وجهه الأبواب شبح امرأة مطلقة يخيف كل زوجة لا تجد الا جدرانا عالية وأقفالا ثقيلة تحتمي خلفها.
حذروها كثيرا من الندم، ولكنها تشعر بأنها ستظل تندم لو رفضت فرصة ان تقول «لا» لكل من يصر على ان يزج بها الى خدعة اخرى أصرت على ان تتمسك بقرارها الأول النابع من تجربتها هي ومن قناعتها هي لم تكن تريد العودة تحت رحمة احد ولو كان رجلا كامل الاوصاف.
ونجحت في مواجهة هذا الموقف بقوة وجرأة نفذت رفضها وبكل ما تملك من قوة مضت تمارس حياتها وبتفاؤل كبير تشير الى الامام لا تلتفت وراءها ولا يصم أذنيها صفير القطار الذي يمر بسرعة وقوة كبيرتين.


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved