أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th October,2001 العدد:10609الطبعةالاولـي الأثنين 28 ,رجب 1422

الاخيــرة

الرئة الثالثة
أيّ تربية نريد؟!
عبدالرحمن السدحان
ما برح الخلق يترقّبون بتفاؤل حذرٍ نتائجَ المخاض الكبير الذي تعيشه الأجهزة المعنّية بتحديث التعليم في بلادنا، ويطمعون أن تمتد سحابةُ هذا التطوير لتشملُ تعليمُ البنات والتعليم الجامعي والتعليم الفني، وتلك مفرداتٌ ضمن المشهد التربوي تتداخل وتتفاعل ويؤثّر بعضُها على بعضٍ، سلباً وإيجاباً.
* *
وأحسبُ أنّ تطوير التربية في بلادنا، آليةً ومناهجَ، أمرٌ تمليه حتميّةُ التعامل البصير مع حيثّيات القرن الجديد، وإذا كانت العولمةُ مصيراً لا مفرّ منه، فإن تحديثَ أوعية التربية وأساليبها ومضامينها ضرورةٌ تفرضها بديهيّةُ التحضير لتلك الحقبة الحرجة من تاريخ العالم.. وصُولاً إلى قدر أفضلَ من التكيّف السويّ مع ظواهرها ومظاهرها.. كي لا يقف جيلُنا القادم أمامها مهضومَ الجناح، مهزوزَ الهوية، سلبيّ الإرادة!.
* *
وأرجو ألاّ يظنّن أحدٌ أنني أحرّض بهذا الحديث جيلَنا القادم لقبول كلِّ ما يرد من الغرب أو الشرق باسم العولمة.. أو تحت ستارها، دون فرزٍ ولا تمييز، لأن هذا «استلابٌ» مرفوضٌ تقف دونَه القيّمُ والأعرافُ، المكتوبة والمكتسبة، لكن التحصين ضد سلبيات هذه العولمة أمر لا يقل أهميةً عن التكيّف مع ايجابياتها، فيما ينفع ولا يضر، فقد باتَ عالم الثقافة.. كعالم التقنية والاتصالات، قريةً لا حدودَ لها ولا حواجزَ بين أطرافها، ومن ثم لا جدْوى، ولا سبيلَ لممارسة عزلة الذات داخل أسوار الرفض لما هو جديد، طوعاً أو كرهاً!.
* *
وإذا كانت مواجهةُ جيلنا القادم مع الغد أمراً محسوماً، فإن من الأجدى لهذا الجيل أن يعيشَ تجربة تلك المواجهة، بدل أن يديرَ ظهرهَ.. فراراً منها أو خوفاً، في الوقت الذي نطمع فيه أن يكسبَ جيلنا مواجهةَ الغد مع العولمة لصالحه.. فينتقيَ منها ما يلائمُه، ويرفض ما ينكره، بدل أن تسوقَه عشوائيةُ التقليد إلى ما لا يعي هو أو لا يريد!.
* *
وانسجاماً مع المفاهيم المشار إليها أعلاه، تبرزُ للملأ قضيةُ تحديث التربية، باعتبارها جزْءاً لا يتجزّأ من حملة الاستعداد لمواجهة احتمالات الغد وتحدياته، ما ظهر منها وما بطن.. وأزعم أن أخطر جبهات تحديث التربية لمواجهة أوزار القرن الجديد هي إعادةُ تعريف المهمّة التربوية كي يتمكَّن القائمون عليها من «صياغة» جيل جديد يقرأُ ويسألُ ويبحثُ ويحاورُ ويجادل.. فيُقنع.. أو يقتنع.. أو يختلف.. ولكن بلا أذىً ولا فراق أو شقاق!.
* *
وبمعنى آخر، نتمنَّى أن تكون أبرزُ مخرجات هذا المخاض التربوي الكبير جيلاً يحترمُ مَنْ يختلف معه.. فلا يجرحُه قولاً ولا يؤذيه عمَلاً.. ولا يضمر له شراً!.
نتمنى أن يُجبَل َجيلُ التربية القادم على الحوار لا التقلين، واستيعاب المعنى لا استظهار النص، والسؤال لا الأستسلام المفرّغ من الفهم!.
* *
باختصار:
* نريد تربيةً تحترمُ العقل لا تربيةً تحيّدهُ أو تهمّشُه أو تلغيه!.
* نريد تربيةً طموحةً تؤهّل صاحبَها للمشاركة الفاعلة في صناعة تنمية الغد.. أدواتٍ وأهدافاً وغايات!.
* نريد تربيةً تخترقُ حُجبَ العولمة وحواجزَها.. وأسرارَها وتحصيناتها، فتنتقي من منْجزها ما يلائمها.. وتدع ما سوى ذلك!.
* تلك هي التربيةُ التي سيتشكّلُ منها وبها جيلُ الغد، إرادةً وسلوكاً!.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved