أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th October,2001 العدد:10610الطبعةالاولـي الثلاثاء 29 ,رجب 1422

الاقتصادية

الكسب
د. عبد الله بن محمد الرميان
مفهوم العمل في الاسلام مفهوم واسع لا يقتصر على حرفة معينة كما يتبادر الى اذهان الناس اليوم عند اطلاق لفظ «عامل» حيث اصطلح في هذا العصر ان هذه اللفظة تدل على الحرف اليدوية التي تقوم بها طبقة معينة في المجتمع.
لكن مفهوم كلمة «عامل» في الاسلام اوسع من هذا الاصطلاح اذ كل عمل نافع مفيد يطلق على صاحبه «عامل» ويكفي ان نعلم ان هذا اللفظ كان يطلق على القائم بالولايات العامة فالعامل عندهم بمعنى الوالي ولذا يقال: فلان عامل عمر على البحرين او الشام اي حاكم البحرين او الشام في عهد عمر.
وقد جاء في كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية رحمه الله: ان ابا مسلم الخولاني دخل على معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه فقال: السلام عليك ايها الاجير فقال من حوله: قل: ايها الامير فأعاد ثانية ثم ثالثة ايها الاجير ثم قال: انما انت اجير: استأجرك رب هذه النعم فان انت داويت مرضاها ورددت اولاها على اخراها وفاك سيدك اجرك وان انت لم تفعل عاقبك سيدك فاستعمل لفظ «الاجير» لامير المؤمنين واقره معاوية وقال: دعوا ابا مسلم فانه اعلم بما يقول.
فللعمل في الاسلام مفهوم شامل يبدأ من ولاية الدولة حتى اقل حرفة واحقر مهنة.
فكل جهد وبذل قصد منه الحصول على الرزق الحلال دخل في مفهوم العمل الذي حث عليه الاسلام وامر به.
العمل هو الوسيلة الوحيدة لتفجير خيرات الارض واستخدامها لمصلحة الانسان قال تعالى: «الله الذي خلق السموات والارض وانزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار».
بالعمل تزرع الارض ويستخرج ما في باطنها من الخيرات، بالعمل تشق الانهار وتخرج خيرات البحار، بالعمل تتحول الارض القاحلة الى حدائق فيحاء وبساتين خضراء، بالعمل يقضى على الكسل والخمول والفقر والبطالة، العمل مظهر الحياة الجادة ولباس الاكفاء من الرجال.
فلا غرابة بعد ذلك ان يحث الاسلام على العمل ويدعو اليه فقد جاء في صحيح البخاري باب كسب الرجل وعمله بيده وذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما اكل احد طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يده وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده».
وقال عليه الصلاة والسلام: «لان يغدو احدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه ويستغني عن الناس خير له من ان يسأل رجلا اعطاه او منعه».
والاحاديث في هذا الباب كثيرة كلها تحث على العمل وترشد الفرد الى ان يعتمد على نفسه بعد الله تعالى في جلب قوته وقوت عياله حتى لا يكون عالة على غيره يتجرع آلام المهانة.
ان العمل ايا كان نوعه سواء كان في زراعة او صناعة او تجارة او غيرها من الاعمال المباحة الشريفة يرفع مكانة صاحبه ويحميه من سوط الذل الذي يلهب ظهر المتسولين الذين يسألون الناس إلحافا.
وبما ان الاسلام امر بالعمل الشريف دون تحديد مجاله فقد نهى عن البطالة وحاربها واقفل الباب في وجه من يريد الحصول على المال عن طريق السؤال خصوصا في هذا العصر الذي كثرت فيه الحاجيات وزادت الضروريات فلم يقتصر الامر على غذاء يقيم صلبه فقط كما كان سابقا.. ومن هنا يتأكد الامر بالعمل والبعد عن الاعتماد على اوساخ الناس الذين يميلون الى الخمول والكسل والدعة وترك العمل يناقضون الفطرة السليمة لان الاسلام دين العزة لا يبيح البطالة الا حين العجز عن العمل للمرض او الشيخوخة لانه تعطيل للقوى البشرية التي تساهم في اعمار الحياة.
البطالة سبيل الفقر الذي قد يقود المجتمعات الى الجرائم والرذيلة، حمانا الله ومجتمعاتنا منها.
جامعة ام القرى
مكة ص.ب 13663
amrrsa@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved