أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th October,2001 العدد:10610الطبعةالاولـي الثلاثاء 29 ,رجب 1422

الاقتصادية

شيء من المنطق
العلاقة الأزلية بين الأمن والتنمية
مفرج بن سعد الحقباني
عندما يريد الانسان البحث في طبيعة العلاقة بين متغيرين فانه في الغالب يحتاج الى معادلات وافتراضات نظرية يسعى الى اختبارها على ارض الواقع ليتعرف على نوع واتجاه وطبيعة هذه العلاقة كما ان النتائج التي قد يتحصل عليها باحث ما تظل دائماً محل تساؤل ومحل تجارب متعاقبة من قبل باحثين آخرين الذين يحاولون اثبات او نفي النتائج التي توصل اليها حول طبيعة العلاقة بين هذين المتغيرين، الا ان الواقع العلمي والعملي قد خلص منذ القدم الى علاقة فريدة لم تعد قابلة للنفي او الاثبات لكونها قد اصبحت من مسلمات الحياة البشرية وهي العلاقة بين الامن والتنمية بمختلف مجالاتها، فلقد خلصت البشرية الى ان تحقق الأمن الحياتي شرط ضروري لتحقق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والفكري لاي مجتمع من المجتمعات الانسانية، كما ان التجارب البشرية لم تثبت بعد استطاعة اي مجتمع من المجتمعات تحقيق او المحافظة على منجزات اقتصادية واجتماعية وفكرية في ظل غياب الامن الحياتي مما يعني التسليم الدائم والمطلق بمصداقية هذه العلاقة الفريدة بين الأمن والتنمية،
واذا سلمنا بهذا الحقيقة فان المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق افراد المجتمع أياً كان موقعهم تتمثل في السعي الى ارساء الثوابت الامنية اللازمة لتحقيق الاستقرار الامني المطلوب لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، كما ان المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق افراد المجتمع تتمثل ايضاً في العمل على رفض كل متغير حسي او معنوي يستهدف اضعاف المرتكز الامني الوطني كإجراء حتمي للمحافظة على الحياة المستقرة لكافة افراد المجتمع، وهنا نشير الى ان من اهم خصائص الأمن الحياتي خاصية الشمولية التي تعني عدم قدرة اي فرد من افراد المجتمع على التمتع بحياة مستقرة أمنياً واجتماعياً واقتصادياً في ظل بيئة غير مستقرة أمنياً واجتماعياً واقتصادياً لكافة افراد المجتمع مما يعني ضرورة تحمل كافة افراد المجتمع لمسؤولياتهم الامنية كل في موقعه وكل في مجال تخصصه، ومن هذا المنطلق يجب دائماً القول بأن الحياة المستقرة تتطلب التركيز على الثوابت الأمنية الكفيلة بالمحافظة على حياة المواطن بكافة مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية كما يجب دائما القول بأن تحقق الثوابت الأمنية يتطلب مشاركة جماعية من كافة الفئات المكونة للمجتمع الانساني، ومن اهم هذه الفئات الاسرة التي تقع على عاتقها مسؤولية متابعة عناصرها متابعة دقيقة تضمن من خلالها التأكد من سلامة هذه العناصر وملاءمتها للتعايش المسالم مع بقية افراد المجتمع، وفي هذا الخصوص اشير الى ان الاسرة هي الجهة الامنية الاولى التي تستطيع اكتشاف مؤشرات الانحراف السلوكي والفكري لدى الفرد مما يعطيها الفرصة للتدخل السريع والمباشر لمواجهة المشكلة قبل استفحالها وقبل ان تمتد آثارها الى الثوابت الأمنية التي يحرص المجتمع على تحققها، ومن اهم الواجهات الأمنية المباشرة المدرسة التي تمثل المصنع الثاني لأخلاقيات وسلوكيات الطالب مما يحملها المسؤولية المباشرة عن سلامة المخرجات التعليمية ومدى قدرتها على ارساء ثوابت المجتمع الامنية ، وفي هذا الشأن استطيع القول بأن المسؤولية الامنية التي تقع على عاتق المدرسة تفوق بمراحل تلك التي تقع على الاجهزة الامنية الرسمية لكونها تتعامل مع مكونات شخصية الطالب الفكرية والاخلاقية والسلوكية ولكونها مسؤولة عن توافق مخرجاتها مع المواصفات والمقاييس المطلوبة لإرساء ثوابت المجتمع الامنية، ومن اهم الواجهات الامنية التي تقع عليها دائماً مسؤولية ضبط النسق الفكري والثقافي للمجتمع وسائل الاعلام المختلفة لكونها تمثل قنوات الاتصال الفاعلة ولكونها تستطيع التواصل مع كافة فئات المجتمع وشرائحه المختلفة، فوسائل الاعلام مطالبة في هذا الوقت بالذات بالعمل على كسب ثقة الجمهور المستهدف من خلال حرصها على رصانة ومصداقية الرسالة المطلوب ايصالها للجمهور ومن خلال تركيزها المباشر وغير المباشر على المعطيات الامنية بهدف ابراز اهميتها في المحافظة على المكتسبات التنموية والمنجزات الحضارية، وأخيراً تجب الاشارة الى ان الاسرة والمدرسة باعتبارهما الدرع الامني المباشر مطالبان بالبحث عن قنوات اتصال مباشرة مع الاجهزة الامنية المعنية بهدف اصلاح الخلل الذي ربما يستعصي عليهما قبل ان يستفحل وتصعب مواجهته، كما ان الاجهزة الامنية مطالبة أيضا بتوفير البيئة الملائمة لهذا التواصل الضروري حتى تستطيع كسب ثقة المواطن كأجهزة اصلاحية لا عقابية فقط وحتى تستطيع ابراز دورها التنموي من خلال قدرتها على تحقيق الشرط الضروري للتنمية المتمثل في الاستقرار الامني،
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved