أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 18th October,2001 العدد:10612الطبعةالاولـي الخميس 2 ,شعبان 1422

عزيزتـي الجزيرة

دون تجاوز
ننتظر ربط المخالفات المرورية بما يتعلق بها
قال شيخي «رحمه الله» ان من المقاصد النبيلة.. في التكاليف الشرعية التيسير.. لا التعسير.. التبشير.. لا التنفير.. فالله هو الخالق.. وهو المشرع.. فالمصدر واحد ولايأمر الله بطاعة الا ويوجد لها طاقة واستطاعة وهذا من حكمته وعدله ليستقيم الميزان.. فلا تطيش كفة على اخرى.. فهو القائل: «لا يكلف الله نفسا الا وسعها..» الاية.
وتلك قاعدة عظيمة.. وفائدة جليلة.. اذ إن تناسب الطاعة مع الاستطاعة ضروري لضمان اتيانها على الوجه المطلوب.. فيظهر كمالها وجمالها وبهذا يتناسق الكون كله.. فلا تنافر.. ولا استدبار بل انسجام وكمال!! ولذا تجد ان المريض.. والمجنون.. والنائم.. وكبير السن المريض الذي لا يرجى برؤه.. رفعت عنهم التكاليف لعدم الاستطاعة.. وهذا منتهى العدل والحكمة!
ولكي تعرف وتتيقن من حكمة المشرع انظر الى تكاليفه فان تناسبت مع الاستطاعة فاعلم يقينا لا يرقى اليه شك ولا يدانيه وسواس ان المشرع عدل.. مطلق وحكيم اوحد ولم يشق العباد الا حينما نصبوا انفسهم للتشريع وهم اجهل الجاهلين بطبيعة هذه النفس واستطاعتها !! ولذا ترى انظمتهم عرضة للتبديل .. والتغيير .. والاضافة والحذف ! لكن الطامة الكبرى حين يكابرون ويدعون دقة الانظمة.. وعصمة الادمغة وبأنها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها! فيشقون.. ويُشقون! ويتعبون ويُتعبون!! لكن من كمال النفس اعترافها بالنقص.. والكلل!! ولذا فالاجتهاد مطية المقنن.. فان اصاب فله اجران.. وان اخطأ فله اجرا! وحسبه ذلك.. انه اجتهد وتحرى الحقيقة.. وتطبيق العدل.. وتحقيق المصلحة العامة حسبما رأى حينئذ مستخدما.. ملكاته الابداعية في الاستنباط .. و.. للوصول للحق! وهو معذور بما وراء الحجب والغيب فذاك خارج عن ادراك حواسه لكن مما يؤلم نفسيا .. ان بعض من يتصدى للتقنين لا يتحرى الوسطية منهجا.. بل يشط اما لاقصى اليمين او اليسار.. وكلا قصد النقيض ذميم!!
فالانسان في طبيعته الخلقية خاضع لقانون الاغيار.. الذي يتبدل من لحظة فلحظة .. ومن حالة لحالة.. المهم في تلك النفس ان تكون على استعداد للرجوع للحق متى ما تيقنت من ان ذلك حق فالاعتراف بالحق فضيلة ومن اعظمها.. واجلها. تلك مقدمة أظنها مهمة.. توطئة لموضوعي الذي ارنو الى طرحه الا وهو «تسديد المخالفات المرورية» وربطها باجراءات اخرى لا علاقة لها البتة من وجهة نظري فالمخالفات المرورية ترتبط بها استمارة ملكية السيارة ورخصة القيادة.. والفحص الدوري اي كل شيء يتعلق بالمركبة ذاتها اما عداه فلا ومن الغبن ان تعاقب المواطن مثلا حين يريد اضافة ابنه او ابنته في دفتر العائلة وما ذنب الابن .. والبنت او عندما يريد المواطن استخراج جواز سفر.. بل يمكن وبكل بساطة ان يقول لك موظف الجوازات بالمطار: اسف فلن تستطيع المغادرة.. ارجع فادفع المخالفة اما ان كان مخولا.. باستلام رسم المخالفة .. فعلى الاقل لن تعود ادراجك وستسافر.. لكن في نفسك شيئا من حتى والله يقول «ولا تزر وازرة وزر اخرى» فكل عملية لها تصنيف خاص يتبعها ومن الحكمة عدم الخلط بينهما او ما دام المواطن مقيماً اًعلى هذه الارض المباركة فلا يوجد خوف منه وسيدفع ان عاجلا.. او آجلا!! وقد طرح هذا الموضوع لاهميته عبر كتابات.. متعددة اما مقالا.. او رسماً !! وقد لفت نظري واعجبني رسم لمواطن راجع المستشفى.. وحرمه حامل على وشك الولادة وهو يستعجل الطبيب بانها اجراءات الولادة فقال له الطبيب: ان عليك احضار كشفا يفيد بتسديد المخالفات المرورية.. طبعا الامر لا يصل الى هذا الحد.. لكنه نقد بطريقة مهذبة يعكس ما يعتلج ما بصدره من آهات.. وزفرات.. وجلّ تلك الكتابات ترى ان عملية الربط ليست منطقية فأنت وأنا حينما نمنع من السفر لأي سبب ما هل يسري هذا المنع من التنقل داخليا!! وهل اذا اصبت بمرض السكري «حماكم الله منه جميعا» ايمنعك الطبيب من ممارسة حياتك اليومية ام هل يمنعك من تناول السكريات البتة قطعا لا.. فقد يسمح لك بتناول تمرتين مثلا.. ان اشتهيت!! او نقص معدل السكر في دمك اضف الى ان هذا الاجراء. واكبه ازدحام شديد في بعض صالات المرور.. وفي هذا مشقة وكبد للمواطن، لاشك اننا جميعا مع توعية المواطن بأنظمة المرور.. التي لم توضع الا لحمايته اولا.. وحماية المجتمع وان العابث بها والمستهتر.. يستحق اشد العقوبات ان هو اصر على ذلك ولم يرعوِ فالمجاهر بالمعصية ضرره وعقابه اكبر.. واكثر والمستتر الذي يخطئ رغما عنه وجهلا منه ثم يستفيد ويتعلم من ذلك بل وتنفع معه الكلمة الطيبة.. والموعظة الحسنة.. فهو مواطن صالح وحري بنا ان نسامحه.. ونعذره فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. إن الستر والتجاوز عن المخطىء الذي لم يتعد ضرره احداً سواه.. من مقاصد الشريعة ومن السلوكيات الحميدة التي تؤتي اكلها وتساعد في جعله مواطنا صالحا.. ونتذكر حكاية الامام ابي حنيفة.. مع جاره اليهودي.. الذي كان يسكر ليليا.. ثم ينشد قائلا:


اضاعوني وأي فتى اضاعوا
ليوم كريه وسداد ثغر!

هذا ديدنه كل ليلة!! يسكر فينشد!! والامام يسمعه!! فيستر عليه!! إلى ان افتقده في احدى الليالي فسأل عنه فقيل له: ان الشرطة اودعته السجن فلبس الامام عباءته.. وجبته.. متجها الى دار الخلافة وعندما دخل قام له الخليفة مرحبا به فقال له الخليفة: اطلب تجد.. واشفع تشفع!! فرد عليه الامام: اتيتك شافعا لجاري اليهودي.. فاخرجوه من السجن فقال له الامام: هل اضعناك فرد عليه لا والله.. ثم اسلم وحسن اسلامه ثم صار من تلاميذ الامام المبرزين!!
اخلُص من هذا كله.. انني انتظر امرا كريما بربط المخالفات المرورية بما يتعلق بها فقط (رخصة، استمارة، فحص دوري) تيسيرا وتسهيلا.. ورحمة بالمواطنين.. فولاة الامر في هذا البلد قدوتهم واسوتهم نبي الرحمة «محمد صلى الله عليه وسلم» الذي قال فيه امير الشعراء:


فاذا رحمت فأنت أم أو أب
هذان في الدنيا من الرحماء

والله من وراء القصد..
احمد بن علي احمد الريعان
جامعة الملك فيصل

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved