أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 19th October,2001 العدد:10613الطبعةالاولـي الجمعة 3 ,شعبان 1422

متابعة

وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والإرشاد في لقائه مع طلبة العلم والدعاة والوعاظ والمرشدين بالرياض:
عندما تقع الحوادث وتختلط الأمور فإن واجب أهل العلم والدعاة أن يكونوا قدوة للناس
* الرياض / سلمان العمري:
التقى معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ اليوم بالوزارة في الرياض بطلبة العلم والدعاة والوعاظ والمرشدين.
وفي مستهل اللقاء، ألقى معالي الشيخ صالح آل الشيخ كلمة توجيهية جاء فيها: الحمد لله رب العالمين، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان نبينا محمد بن عبد الله رسوله وصفيه وخليله أرسله الله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، مبشرا بالجنة لمن اتقى الله جلا وعلا ، وأطاع الرسول، ومنذرا ومخوفا من عذاب الله والنار لمن خالف امر الله جل وعلا وعصى الرسول عليه الصلاة والسلام .
وسأل معاليه الله جل وعلا ان يجعل الجميع ممن منَّ عليه بالبصر النافذ عند حلول الشبهات، وبالعلم النافع الذي هو للقلوب حياة ومدد، ولهذا جعل الله جل وعلا الوحي في القرآن ممثلا بالماء لانه به حياة القلوب، ولأن به صحة النظر والادراك عند حلول وظهور المشتبهات.
وأحب الاقتداء بأهل العلم والايمان
وأبان معالي الشيخ صالح آل الشيخ ان مقتضى هذا اللقاء هو التواصل الذي هو قائم على العناية والتشاور ما بين طلبة العلم والدعاة، والوعاظ، والمرشدين، والمسؤولين، عن ذلك كله، وايضا اقتضاه ما جد في زمن الله جل وعلا بما اراد جل وعلا وقدر من امور ضخمة كبيرة مبتدأها ومنتهاها اثره عظيم على الناس وعلى هذه الامة بخصوصها.
واكد معاليه ان الواجب على أهل الايمان بعامة، وعلى طلبة العلم، وعلى الدعاة والمرشدين والوعاظ والمسؤولين عن الامور الدينية بخاصة ان يكونوا قدوة للناس حين تحدث الحوادث، وتختلط الامور، وقال معاليه: ولنا في سلفنا الصالح الاسوة الحسنة، فانهم رحمهم الله من تابعين، ومن بعدهم والصحابة ايضا كلما اتت الفتن او تقلبت الامور اوصوا فيها بما هو الحق، البعيد عن طرفي الغلو والجفاء، وهذا اصل من اصول أهل السنة والجماعة كما هو معلوم انهم أهل وسطية في الامور، ليسوا مع اهل الغلو في غلوهم، وليسوا مع اهل الجفاء في جفائهم، وليسوا مع اهل الخوف حين يخاف الناس الا من الله جل وعلا وليسوا مع اهل الأمن من مكر الله جل وعلا حين يأمن الناس ويكونون في دعة.
وأضاف معاليه قائلا: وهذا كما وصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى الصحابة وسادات التابعين بما وصفهم به، ومنها قوله: «انهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا»، حين نقول انه يجب على طلاب العلم ان يتعرفوا منهج السلف عند حلول تقلبات الدهر، والله جل وعلا يبتلي عباده، لابد ان نرجع الى منهج السلف متعرفين على هذا المنهج، متفقهين في الكتاب والسنة لأن هذا فيه النجاة، وهذا أصل أصيل لا شك فيه.
ومضى معاليه قائلا: ان هذه التقلبات التي حصلت، تسمعون الكلام الذي تكلم الناس فيه، قد تكلم فيه من ينتسب الى الاسلام، وتكلم فيه المسلمون بجميع طبقاتهم من علماء، ومن دعاة، ومن متحمس، ومن متعجل على اصناف الأقوال التي قيلت، وتكلم فيه اصحاب الارجاف من أصحاب القنوات الفضائية المختلفة التي يخشى على من ادمن النظر اليها، والمتابعة فيها ان ينحرف عن المنهج الا اذا كان قوي الصلة بالقرآن والسنة، وبمنهج السلف الصالح، مشيرا معاليه الى ان هذا يتطلب مني ان اذكر لكم، او ان اتشاور معكم، وابحث معكم في ذلك مقدما بأصول فيما أعلمه من نصوص الكتاب والسنة من منهج السلف وهدي العلماء في هذا الامر العظيم.
أما الاول فان المسلم يعلم ان ما أصابه لم يكن ليخطئة، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والقضاء والقدر ماضيان، ولكن قضاء الله جل وعلا وقدره مرتبط بالعلل، العلل الكونية والعلل الشرعية، فيصيب الله جل وعلا أمة الاسلام بسبب ذنوبها تارة، وابتلاء واختبارا تارة، ويصيب الله جل وعلا ايضا الأمم غير المسلمة، أو أمة منها أو طائفة منها يصيبها بما يصيبها عقوبة تارة لما هي عليه من مخالفة لامر الله جل وعلا او لتكون عبرة لمن اعتبر، او تكون فيها ابتلاء للناس هل ينجون أو لا ينجون؟
قال تعالى: «فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم»، وهذا في العقوبات التي أصيبت بها الامم، العقوبات الاستئصالية العامة، وكذلك العقوبات التي يكون فيها نكاية، او يكون فيها اصابة لهم.
مشيرا معاليه الى ان هذا الامر مما يحصل مرتبط بالتعليل بعلل، ومن معتقد أهل السنة والجماعة ان القضاء من الله جل وعلا ، معلل بعلل كونية وعلل شرعية نعلمها، وهذا ظاهر في الحال.
الأمة الاسلامية تبتلى
أما الأمر الثاني، فبين معاليه انه متعلق بهذا الأصل هو ان الأمة الاسلامية ايضا والمسلمين يبتلون بهذه الأمور، وهذا الابتلاء لينظر في الامر من يرجع فيه الى أمر الله جل وعلا ، معتصما بالله، متجردا، متابعا لهدي السلف، ومن تصيبه الفتنة قلت أو كثرت، فهو ابتلاء عظيم من أنواع الابتلاء للأمة، والأمة يبتليها الله جل وعلا بالتفرق فرقا، وان تكون أحزابا وشيعا اذا تركت أمر الله جل وعلا .
وأورد معاليه في كلمته ما قصه الله جل وعلا علينا من خبر الأمم من قبلنا فمن ذلك قوله تعالى: «وما تفرق الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم»، عندهم العلم النافع ولكن تفرقوا لا بسبب عدم وجود العلم النافع، ولكن بسبب بغي بعضهم على بعض، وعدم رجوعهم الى هذا العلم العظيم الذي أنزله الله جل وعلا ، تفرقوا في العمل، وتركوا بعضه، ومنهم الذين اتبعوا المتشابهات، قال الله جل وعلا في شأنهم: «فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله»، فجعل الله جل وعلا التفرق حاصلا بأسباب ومنها: وجود الذين في قلوبهم زيغ، وليس وجود المتشابه سببا في الزيغ، ولكن الزيغ موجود أولا في النفوس قال الله جل وعلا «فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه» فأثبت وجود الزيغ أولا ثم اتباع «مرتبا بالفاء» المتشابه ثانيا، ففي النصوص ما يشتبه لكن من في قلبه زيغ يذهب الى النص فيستدل به على زيغه وليس فيه مستمسك له في الحقيقة، لكن وجد الزيغ فذهب يتلمس له، موضحا معاليه ان هذا هو الذي ابتلي به الناس في زمن الصحابة، وفي زمن التابعين حصلت فتن كثيرة في هذا الامر من القتال والفتن، والملاحم، مما هو معلوم.
وأفاد معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد في كلمته ان ما جرى لهذه الأمة أيضا ابتلاء عظيم، هل ترجع الى الأصل الأصيل وهو كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، وكلام أهل العلم الراسخين فيه؟، ام انها لسبب عدم رجوعها الى العلم يحصل في قلبها زيغ فتتبع المتشابه، فالمسألة ابتلاء كبير في هذا الأمر العظيم.
وواصل معاليه القول: وبالنسبة للأصل الثاني، فهو ان كل مسلم، وأهل العلم بخاصة، والدعاة في قلوبهم العقيدة التي هي اغلى عليهم، لأنها سبب النجاة ومن معتقدنا تحقيق الشهادتين «شهادة ألا إله إلا الله وان محمدا رسول الله» بل هذا أساس المعتقد، وفيها موالاة الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم والدين، وفيها البراء من الكفر والشرك، وهذا يستلزم عقد الموالاة بين أهل الايمان وهذا الأصل وهو عقيدة الولاء والبراء، يجب على كل مسلم ان يستمسك بها لأنها أساس دينه وأساس الملة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان محققا لها وهو في مكة، وكان محققا لها وهو في المدينة، وكان محققا لها عليه والصلاة والسلام «وهو الأسوة والقدوة» في كل احواله.
قصة الحديبية
لهذا في قصة الحديبية كما هو معروف لما أتى صلى الله عليه وسلم مريدا مكة وجاءه المشركون وهم في ذلك الوقت أضعف فأرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يرجع، وحصل بينه وبينهم عهد غليظ أقره عليه الصلاة والسلام حتى انه كان فيه «انه من يأتينا أي يعني من يأتي أهل الاسلام من المسلمين يرجع اليهم، ومن يأتهم منا فلا يرجع الى المسلمين، وهذا استنكره عمر رضي الله عنه، وقال يا رسول الله : ألسنا على الحق وهم على باطل قال: بلى، قال فعلام نقبل الدنية في ديننا، فكان الحق ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمل به الصحابة.
وقد قال جل وعلا في شأن بعض المسلمين: «وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق» سورة الانفاق، قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: يقول تعالى : «وان استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني ، على عدو لهم فانصروهم، فانه واجب عليكم نصرهم، لأنهم اخوانكم في الدين، الا ان يستنصروكم على قوم من الكفار «بينكم وبينهم ميثاق» اي: مهادنة الى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقصوا ايمانكم مع الذين عاهدتم وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنه.
وشدد معاليه على وجوب الاستمساك بهذا الأصل ومعرفة ان كماله هو الرجوع الى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في احواله كلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا هم القدوة والأساس في الولاء والبراء، وهم في مكة، وكانوا هم القدوة، وهم في المدينة، وفي جميع الأحوال، وهذه مسألة يجب على الدعاة ان ينظروا فيها، وليس دائما الأشد والأغلظ في كل زمان ومكان هو المحقق لمعتقد الولاء والبراء.
التفاصيل لا تطرح على العامة
وتفاصيل الكلام في هذه المسائل لا يطرح على العامة، سواء في الخطب او في الوسائل المختلفة، وانما يبحثه العلماء، قال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب: «وخضتم في مسائل من هذا الباب كالكلام في الموالاة والمعاداة والمصالحة والمكاتبات وبذل الأموال والهدايا والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي ونحوهم من الجفاة لا يتكلم فيها الا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب» أ.ه الرسائل ص 11.
وبين معاليه ان العلماء من جميع الأمصار، من أهل العلم والفقه الصحيح النظر اجمعوا على ان ازهاق الأنفس بغير حق مخالف لهذه الشريعة، وان الاعتداء على الأنفس المعصومة سواء كانت عصمتها بالاسلام، أو كانت عصمتها بالعهد والأمان، مخالف لشريعة الاسلام بل مخالف لكل الشرائع التي جاءت من عند الله جل وعلا والعقلاء أيضا يتفقون على هذا، لهذا حصل ما تعلمون من نفي ان يكون ما حصل في أمريكا من الاعتداء ان يكون موافقا للشرع أو انه تقره الشريعة، أو أنه يرضاه الاسلام، أو أهل الاسلام «ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون»،
وطالب معاليه الجميع بوجوب النظر في هذا الأصل نظرا بالغا، وقد قال جل وعلا: «ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى»، مؤكدا معاليه على ان امريكا قادرة على ان تعطي أهل الحق حقهم، ثم هي لم تعط للمسلمين في فلسطين الحق الثابت لهم وهذا أيضا مخالف لشرائع الله جل وعلا جميعا لأن الله تعالى يأمر بالعدل، وينهى عن البغي.
وقال معاليه في السياق ذاته : ان العدل مطلوب من المسلم ومن غير المسلم، والعدل مأمور به في كل حال، ولابد من التعامل على أساس إحقاق الحق، وإبطال الباطل.
وقال معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد ان الظلم والعدوان، على المسلمين في فلسطين والارهاب الذي يمارسه العدو اليهودي عليهم وكثرة القتلى والجرحى فيهم لمدة سنة كاملة نمط من التساهل الامريكي مع قضايا المسلمين.
ومضى معاليه يقول في ذات السياق : اننا في ذلك ننطلق من شريعتنا، وهذا أمر بين ظاهر فلا نجعل هذا الأمر يزيد عن الحد ونذهب الى أمور غير مقبولة من التكفير ومن تحميل الأمور فوق ما تحتمل ومن اساءة الظن بعلماء المسلمين، وولاة أمورهم.
تحذير من اللوبي الاعلامي العالمي
وحذر معاليه من اللوبي العالمي الاعلامي الذي يعتبر مصدر المعلومات التي تنشرها القنوات الفضائية، مطالبا المسلمين بالوقوف وقفة تأمل ما الذي يراد شحنه في نفوس أهل الاسلام حتى يوصل اليه، محذرا معاليه ان يقع بأس الأمة بينهم، فتنشب الأمة في نفسها، وكل بلد تكون فرقا وأحزابا ليبغي بعضها على بعض، ويقتل بعضها بعضا، ولذلك التوسط الذي هو معتقد أهل السنة والجماعة والتأني والرفق به تدرك الأمور.
واثقون بوعد الله عز وجل
وواصل معاليه حديثه، قائلا: أما الأصل الثالث: فهو أننا واثقون بوعد الله جل وعلا لأن وعد الله سبحانه وتعالى لا يرد، وقد قال جل وعلا: «هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا»، فدين الاسلام انتشر في السنوات الأخيرة انتشارا بينا، وصارت الأعمال الاسلامية من انشاء المساجد والدعوة وتبيين معالم الدين في العالم كله صار له صوت كبير وقوي، وهذه البلاد بخاصة كان لها بتوجيهات ولاة أمورنا وفقهم الله جل وعلا لكل خير كان لها النصيب الأكبر من حمل الدعوة الاسلامية الى الغرب وأوروبا، وأمريكا، والى مشارق الأرض ومغاربها، هذا يعني ان المحافظة على نشر هذا الدين أصل من الأصول العظيمة لأنه جهاد دائم ماض وهو جهاد الحجة والبيان.
وأفاد معالي الشيخ صالح آل الشيخ في معرض كلمته ان هذا الحدث قلب الأمور، وقد يكون من آثاره الصد عن الدعوة وعن الدخول في دين الله تعالى، ما الله به عليم، مبينا انه يجب علينا الثقة بوعد الله جل وعلا وحسن الظن بالله جل وعلا وان نمضي في دعوتنا بعيدين عن أهل الغلو في غلوهم، وعن أهل الجفا في جفائهم نحن أمة وسط نرشد ونعلم ما ينفع الأمة ولا يضرها.
وتحذير من التسبب بفرقة الأمة
وعن الأصل الرابع، حذر معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد دعاة الاسلام من ان يكون أحدهم ممن يقذف حجرا يسبب فرقة هذه الأمة لأن هذا أعظم، فإيغار الصدور في داخل بلاد الاسلام، بكثرة الطرق عليها من جهة القنوات، ومن جهة الاعلام المسموع والمقروء، والمرئي، ثم يأتي دعاة الاسلام فلا يوجهون الناس الى ما ينفعهم، بل يزيدون على نفس الوتيرة التي تقولها القنوات لجعل النفوس تغلي، تارة باسم الولاء والبراء غير المنضبط شرعا، وتارة دعوة للجهاد في سبيل الله، وتارة كذا، وتارة كذا، وهذا كله يشحن النفوس دون توجيه صحيح فيما ينفعها، مشيرا الى ان النتيجة هي انها ستتشاحن وتتفرق.
وأوضح معاليه ان جر المعركة الى داخل البلاد الاسلامية، امر جلل عظيم، سوف يكون كل بلد فيه مصيبة، وسوف يترك الناس يتطاحنون مثلما حصل في أفغانستان نفسها، عندما انتهت الحرب مع الاتحاد السوفيتي، طحن بعضهم في بعض، وبقيت الخلافات، لم يجتمع الأفغان على ولاية عندهم الى الآن، وهذا لا يقر لهذا، وهذا لا يقر لهذا، وان كان هناك ولاية اغلبية حصلت لكن ليس هناك اتفاق من الجميع، ففيه تنازعات وقتل، وتم قتل الكثير من زعماء الفرق والفصائل الموجودة.
واجب كل داعية ان يحمي
بيضة المسلمين
ومضى معاليه قائلا: فلهذا واجب على كل داعية من دعاة الاسلام وكل مرشد وكل واعظ وواجب على كل طالب علم ان يحافظ على حماية بيضة المسلمين، وعدم تفرقهم على اجتماعهم وعلى ولاة أمورهم لأن بهذا من تحقيق المصالح ودرء المفاسد الشيء الكثير ويفوت الفرصة او الغرض على اعداء الاسلام ممن يتربصون الدوائر بهذه الأمة.
وحذر معاليه الدعاة، وطالبهم بالانتباه في كلماتهم الى ما ينفع الناس، والحذر من شحن النفوس وهم لا يعرفون ما ستكون الأبعاد لهذا الشحن الذي قد لا يكون منضبطا للضابط الشرعي، مبينا ان ارشاد الناس، او بيان الواقع يحصل اذا كانت النفوس خالية، لكن اذا كانت النفوس مليئة، وتسمع ليل نهار، والناس أمام هذه القنوات، يسمعون، والنفوس مليئة فيأتي الداعية ويأتي الخطيب، ويشغلها زيادة، الى أين الاتجاه؟ الى أي شيء؟ سيتجه الناس؟ ليس ثمة اتجاه الا الى زيادة ما في النفوس من اختلافات، وسوء ظن وترك للجماعة.
وأبان معاليه ان الناس اليوم يختلفون، فالحذر من ان يدعو الداعية الى مثل ما يضر الناس ولا ينفعهم، مذكرا معاليه انه في عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصحابة في ذلك الزمن على رضي الله عنه ، ومعاوية في وقعة «صفين» وبين عائشة في وقعة «الجمل»، فقد وقعت بين الصحابة، ومما سطره أئمة الاسلام في معتقد اهل السنة والجماعة ان هذه الحروب التي دارت بين الصحابة ليس الصحابة طرفا فيها، فالصحابة وجدوا أنفسهم يتقاتلون وهم لم يشعروا لأن الخوارج اشعلوها كما ذكره العلماء في كتب المعتقد، وقد ذكره شيخ الاسلام في مواضع، وذكره شارح الطحاوية.
وأشار معاليه الى ان الخوارج سعوا بين الطرفين، ليقع هذا فسعوا هنا بشيء وسعوا هنا بشيء ليحصل القتال هل يريدون ان يحصل القتال ليقاتل الصحابة «لا» يريدون ان يحصل القتال ليعلو ما يزعمونه حقا من رفع راية ظاهرها حق وباطنها باطل، وهي لا حكم الا الله، فتقاتل الصحابة في أعظم مصيبة في التاريخ الاسلامي، وصار من عقائدنا سلامة ألسنتنا وقلوبنا من الغل، والنيل ممن حصل بينهم القتال، من الذي عمل هذا؟ الخوارج عملوا هذا الأمر بينهم.
وقال معاليه: ما أشبه الليلة بالبارحة من جهة ان النفوس اذا زادت وزادت فانه يحصل في فئة إما بادراك او بغير ادراك إما بقصد او بغير قصد ان توقع الناس في صراعات ومقاتل ومعارك وهم لا يشعرون ولن ينتبهوا الا اذا وقعت واذا وقع السيف فمتى يرفع؟ الحذر.. الحذر.. من هذا الأمر والتنبه واليقظة الى هدي السلف والى الفتن التي حصلت والمقاتل في ذلك.
صفة الجهاد في سبيل الله
وعن الأصل الخامس اوضح معالي الشيخ صالح آل الشيخ ان الجهاد في سبيل الله جل وعلا من صفة هذه الأمة، كما ذكر الله جل وعلا في كتابه، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن له احكام مدونة في كتب العلماء والتفاسير وشروح الأحاديث.
أما الأمر الأول في مسألة الجهاد، فشرح معاليه قائلا: فالله جل وعلا يقول: «واذا جاءهم امر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه الى الرسول والى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلاً فقاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك وحرض المؤمنين».
واستطرد معاليه قائلا: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح المعروف: «يستأذنه في الجهاد، فقال له صلى الله عليه وسلم أحي والداك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد»، وأجمع أهل السنة والجماعة ان الجهاد ماض مع كل امام الى قيام الساعة، وهذه ثلاثة أصول الكتاب والسنة، واجماع أهل السنة في معتقداتهم نأخذ منها أمورا: أولا انه ليس للأفراد مهما كانوا ان يدعوا الى الجهاد، الذي يدعو الى الجهاد هو ولي الأمر لقول الله جل وعلا لنبيه: «وحرض المؤمنين»، ولفهم الصحابة حيث أتاه يستأذنه ولم يذهب بدون اذن، وكذلك فيما اجمع أهل السنة عليه ان الجهاد ليس مع فئات او جماعات، الجهاد مع ولي الأمر مع الامام اذا دعا اليه فليس لأحد من الناس ان يفتئت على ولي الامر فيما أعطاه الله له.
وأكد معالي الشيخ صالح آل الشيخ ان الجهاد من أعظم وأكبر ما يختص به ولي الأمر اذا كان آحاد الناس سيدعون اليه فان بذلك صارت الفوضى، ومتى يدعو الناس اليه او العلماء أو طلبة العلم؟ اذا دعا اليه ولي الأمر، لهذا قال عز وجل : «وحرض المؤمنين» فالمؤمنون تبع لولي أمرهم في ذلك، وهنا مسألة أصولية مهمة في ان تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله تحمل على أمور تارة يقول ويعمل ويتصرف لكونه رسولا نبيا وهذا فيما يتعلق بالوحي وتبليغه والتشريع والنهي والحلال والحرام، وما يتعلق بذلك، وتارة يتصرف ويفعل ويقول عليه الصلاة والسلام باعتباره وليا للأمر اماما للمسلمين فيحمل القول والتصرف على هذا الاعتبار، وتارة لكونه قاضيا، وتارة لكونه مفتيا، وتارة لكونه مرشدا وناصحا، وهكذا، لهذا قال الله جل وعلا لعموم الأمة: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا».
الأسوة الحسنة للأمة
وأشار معاليه الى ان هذه الأسوة الحسنة للأمة باختلاف أنواعها وطبقاتها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لأئمة المسلمين، أسوة حسنة للقضاة، أسوة حسنة للمفتين، أسوة حسنة للدعاة، أسوة حسنة للمرشدين، أسوة حسنة لعامة الناس، أسوة حسنة للرجل في بيته وفي تصرفاته، وهكذا فكل الطبقات هو عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة لها.
اذا فليس لأحد منا ان يدعو الناس الى الجهاد الا اذا دعا اليه ولي الأمر، وهذا معتقد اذا خالفته فأنت تخالف معتقد أهل السنة والجماعة.
فرعاية النصوص في هذا الأمر، وقواعد اهل السنة والجماعة ليس لنا خيار فيه، فهذا واجب علينا شرعا ودينا، وان ينبه الواحد منا في هذه المسائل حتى لا تزل قدمه، ويعطي الناس ما لا ينبغي.
والنبي صلى الله عليه وسلم حث الناس، وقال: «جاهدوا المشركين بأنفسكم وألسنتكم وأموالكم»، وهذا أمر مربوط بالنصوص، ومربوط بمعتقد أهل السنة والجماعة.
لابد من رعاية هدي السلف
وشرح معاليه الأصل السادس بقوله: انه لابد من رعاية هدي السلف، كما جاء في النصوص في أحوال تقلبات الزمان والاحوال وظهور الفتن، اذا ظهرت المشتبهات، فالتجاسر مذموم، والتأني والرفق هو المحمود، كما وصف عمر بن عبد العزيز الصحابة بقوله انهم على علم وقفوا يعني فيما أقدموا عليه وببصر نافذ كفوا، فيما كفوا عنه في أمر الدين والعمل، وأكد أهمية وضرورة التفقه فيه، وهو ان تكون في زمن الاختلاف منجيا لنفسك، متقيا لله، وألا توقع غيرك في شبهة أو فتنة، واذا حصل اشتباه فعندكم الأصل العظيم الذي هو من أصول الاسلام وأحد الأحاديث يدور عليها رحى الاسلام وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم «دع ما يريبك الى ما لا يريبك»، أي اذا لم تظهر لك الأمور بينة واضحة ومعتقدها ونصوصها في زمن البلاء والاختلاف والفتنة «دع ما يريبك الى مالا يريبك».
تحذير الدعاة من تقليد من
لا يركن الى قوله
وحذر معاليه الدعاة من ان لا يكون أحدكم مقلدا لما يقال ممن لا يركن الى قوله، ففي زمن الامام أحمد، الناس كلهم كانوا على غير هدى، وأرادوا ان يتجهوا الى ما صار شائعا عند العوام لذلك ثبت على الأمر العتيق الأول، وقد قال جمع من السلف: اذا التبست الأمور فعليكم بالأمر العتيق، الأمر العتيق الهدي العتيق، أما ان يدخل الناس في أمر من اجل صنيع بعضهم فهذا مرفوض مشيرا معاليه الى قول بعض الذين تكلموا في المسألة من المشهورين كيف تستجر دول الأمة والدعاة والجماعات الاسلامية كيف يستجرها فئة قليلة الى حرب وجهاد عام، واذا تحولنا الى منقادين دون علم وحكمة فان هذا معناه ان الناس ليسوا على علم ولا على دين حق.
وتساءل معاليه، هل يسوغ ان يتصرف أحد ثم ينجر الجميع الى تصرفه، فالشريعة جاءت لتحصيل المصالح، ودرء المفاسد، وهذا أصل عظيم لا نستجر الى شيء لا نريده لابد ان يوضح للناس كيف يكون الأمر في زمن الفتنة لأن الناس كلهم يحمسون هل هذا هو المطلوب، الجميع يحمس: التقي، والفاجر، والقنوات، حتى القنوات غير الاسلامية والمشبوهة تزيد مما في النفوس لماذا؟ هل هو حب في ان يتجه الناس للجهاد، لا، لأغراض لا تخدم الأمة.
قال تعالى: «قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة، انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين»، سائلا الله جل وعلا ان يوفق الجميع الى ما فيه رضاه، وان يجعلنا جميعا ممن يرى الحق حقا، ويمن عليه باتباعه، ويرى الباطل باطلا، ويمن عليه باجتنابه والحديث كما ترون ايها الاخوة متشعب كثير ولكن التوسط التوسط والتوازن، مشيرا الى اننا مع المؤمنين وضد الكافرين لكن على منهجنا وليس على منهج غيرنا لا نستجر، والناس تبع في ذلك لولاة أمورهم لأن من مهمات الامام وولي الأمر اعظم مهماته الحفاظ على الدين والثاني كما نص اهل العلم الحفاظ على بيضة الأمة على هؤلاء الناس ان يعتدي عليهم فاذا كان الناس يتجاسرون في امور ويفتئتون على ولاة الامر وعلى العلماء هذا معناه عظيم وانحراف عن منهج السلف فالله الله بهذا الامر وان لا يكون أحدنا يجر الى مسائل بحسن قصد ولا يستبين الأمر.
واختتم معاليه كلمته داعيا الله جل وعلا ان يوفق الجميع لما فيه الرشد والسداد، وان يؤيد ولاة أمورنا بالحق وان يجزيهم عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved