أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th October,2001 العدد:10619الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شعبان 1422

الثقافية

قصة قصيرة
كطعم السكر!!
كطعم السكر تبدو لأول وهلة!
انتظرت خمس سنوات لأكشف طعم العلقم مع آخر رشفة تذوقتها لحظة فراقها.
أتمدد على كرسي الانتظار في صالة المطار كأنني ثعبان كسول يتمدد ببطء على شجرة عتيقة.. في هذا المكان تماما التقيتها.. رائحة عطرها الفواح جعلتني أندفع بخطوات عذبة لأبحث عنها.. توقفت قدماي عند محل الهدايا.. كان مزدحما بالنساء اللواتي لا يشترين شيئا ولكنهن يجدن فرصة في إضاعة وقت الانتظار لصعود الطائرة.. وأطفال يلعبون في كل زاوية من المحل.. ورجال ينظرون بخبث وتيقظ ببعضهم البعض حتى لا ينظر أحدهم لامرأة الآخر.. كنت أشعر بالصداع والدوخة.. لا أحب مثل هذه الأماكن المزدحمة.. أشعر معها بالاختناق.. حتى شعرت بنسمة هواء باردة تعيد «النفس» لرئتي.. مرت أمامي كومضة.. كانت لوحة فنية غامضة.. تجبرك على قراءتها بتمعن.. تقاطيع وجهها أشبه بضحكة طفل لحظة إغفائه.. أصابعها قصيدة شعر لم تكتمل.. ظلت تعبث في ركن المجلات.. تتصفح بعضها على عجل.. لا تكاد تقرأ شيئا.. تشعر بالضجر.. تبحث عن شيء «يسليها» حتى ألقت بمرساها أخيرا على شواطئ قلبي. التقت نظراتنا على خجل.. ارتجفت يداها.. وسقطت المجلة على الأرض.. لم تشعر بسقوطها.. كانت لا تزال تنظر بتردد... تريد.. ولاتريد.. باغتها ببسمة.. وليتني لم أفعل..تلك كانت البداية.. أما التفاصيل الأخرى فهي معروفة ومملة.. كفيلم عربي ورومانسي قديم.. بسمات في البداية وتأوهات في أحداث الفيلم ثم يختتم الفيلم بعبارة: «الجوازة دي مش لازم تتم» وهذا ما تم في الواقع.. لم يكن بأيدينا أن نفترق.. كان حبنا بحاجة إلى ورقة رسمية لتسجل هذا الحب على أرض الواقع.. ولكن في النهاية ( جواز فلانة من فلان باطل) نهضت من الكرسى.. وطفقت أبحث عن خيالها.. عن بقايا عطرها.. ذهبت لا إراديا إلى محل الهدايا.. كان باردا وهادئا على غير العادة.. بحثت عن شيء بداخلي يتجسد في أحد أركان هذا المحل.. ولما لم أجده عدت أدراجي.. استوقفني البائع عند باب الخروج:« بتدور على إيه يا بيه؟» قلت له.. وما زالت نظراتي تتأمل ركن المجلات أبحث عن قلبي» كاد أن يضحك.. أو ربما ابتسم ولم أشاهد ذلك.. قال لي حتى يتأكد مما سمعه: بتقول بتدور على ايه؟». عدت إلى وعيي واستدركت وأنا أجرجر أذيال الهزيمة : (لا شيء)!.
عدت إلى كرسي الانتظار مرة أخرى.. أتمدد.. وأنظر إلى عائلة تجلس أمامي.. كان الطفل يداعب أباه.. يقبله بشغف.. تساءلت لحظتها :«ماذا لو تزوجتها؟ هل سيكون طفلي جميلا مثل هذا الطفل؟» ذهبت بخيالي بعيدا.. وظللت أبني قصورا من الوهم.. حتى فاجأتني يد غليظة تربت على يدي: «استيقظ.. الطائرة على وشك الإقلاع» حملت جسدي المتعب.. ونظري لا يزال معلقا على محل الهدايا.. هناك ولدت قصة حب لم يكن مقدرا لها أن تتم.. وهنا.. رجل منكسر لا يزال بعد خمس سنوات يتساءل: ماذا لو تزوجتها؟!
تركي بن إبراهيم الماضي

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved